في أواخر آذار/ مارس الماضي زار الرئيس البرازيلي جايير بولسنارو القدس المحتلة، وأعلن عن افتتاح مكتب تجاري فيها، كما زار بصحبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حائط البراق في المسجد الأقصى، مما يعتبر بروتوكوليا اعترافا بشرعية سيطرة الاحتلال على هذه الأماكن المقدسة.
أحدثت زيارة الرئيس البرازيلي صدمة وغضبا شديدين لدى أبناء الشعب الفلسطيني، ليس لأنها وما صاحبها من خطوات؛ مخالفة صريحة للقانون الدولي، ولكن لأنها تتناقض مع التاريخ الطويل من العلاقة الوثيقة بين الشعبين الفلسطيني والبرازيلي.
أحدثت زيارة الرئيس البرازيلي صدمة وغضبا شديدين لدى أبناء الشعب الفلسطيني
لقد ارتبط الشعبان الفلسطيني والبرازيلي بعلاقات قوية منذ عشرات السنين، وكانت أول زيارة لرئيس برازيلي عام 1876 في عهد الدولة العثمانية. واحتلت فلسطين مكانة خاصة في قلوب ملايين البرازيليين المسيحيين الذين وصلوا لأداء مناسك الحج في الأرض المقدسة.
على مدار العقود الماضية، دعمت البرازيل حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، سواء كدولة منفردة أو في الأطر الجماعية التي تواجدت فيها، مثل تجمع بريكس أو تجمع دول أمريكا اللاتينية، فكانت أول دولة بتلك القارة تعترف بالدولة الفلسطينية عام 2010، وصوتت في كل المحطات في المحافل الدولية بجانب الحق الفلسطيني، وساهمت بشكل كبير بدعم صمود شعبه، من خلال التمويل السخي لبرامج "الأونروا"، أو إشراف ممثلية البرازيل برام الله على تنفيذ مشاريع تعزيز البنية التحتية.
كما تحتل البرازيل مكانة كبيرة ومحترمة في قلوب الفلسطينيين، رسختها جالية فلسطينية كبيرة تتجاوز 80 ألف نسمة؛ وصل الرواد منهم إليها نهاية القرن التاسع عشر، ساهموا بشكل مباشر وجدي ببناء وطنهم الثاني البرازيل، وليس أدل على ذلك أن معظم الفلسطينيين يشجعون
الفريق الوطني البرازيلي لكرة القدم في كل مواجهاته الرياضية.
إننا كفلسطينيين نقيم في هذه الأرض منذ آلاف السنين، وصنعنا فيها حضارة ساهمت في خير ورفاه البشرية، نعاني من احتلال إسرائيلي إحلالي يهدف إلى استكمال جريمته التي بدأها في العام 1948 من خلال النكبة باقتلاعنا من أرضنا، وسرقة وهدم المقدسات الإسلامية والمسيحية، وفي حملاتهم الانتخابية يتفاخر الساسة الإسرائيليون بقتلهم للفلسطينيين وهدمهم البيوت، والمطالبة بطرد الفلسطينيين بالكامل لدول الجوار، وضم ما تبقى من الضفة الغربية لدولة الاحتلال.
السياسة البرازيلية الحالية التي يقودها الرئيس بولسينارو، لا تخدم المصالح المشتركة الكبيرة بين هذه المنطقة والبرازيل؛ لأنها سياسة منحازة بالكامل لصالح الاحتلال الإسرائيلي
نحن ندرك أهمية وتأثير البرازيل على المستويين الإقليمي والدولي، كدولة صاعدة وعاشر أكبر اقتصاد في العالم، وأكبر دولة في أمريكا اللاتينية، وإننا نؤكد على أن أملنا كبير في دعم البرازيل لحقوقنا الثابتة؛ لأن السياسة البرازيلية الحالية التي يقودها الرئيس بولسينارو، لا تخدم المصالح المشتركة الكبيرة بين هذه المنطقة والبرازيل؛ لأنها سياسة
منحازة بالكامل لصالح الاحتلال الإسرائيلي، وتتنافى مع القانون الدولي، وهي لا تعادي الفلسطينيين فقط، بل أكثر من 400 مليون عربي وأكثر من 1,7 مليار مسلم حول العالم.
هذه المنطقة المهمة في العالم لا يمكن أن تحقق الاستقرار إلا بإزالة أهم أسباب التوتر فيها وهو الاحتلال الإسرائيلي، ونحن على يقين بأن البرازيل وشعبها العظيم، بما تملك من إمكانيات هائلة على المستويين الإقليمي والدولي تستطيع ان تلعب دورا مركزيا في مساعدة شعبنا على نيل حريته واستقلاله، وتساعد الإقليم على تحقيق الاستقرار والازدهار.