نشرت مجلة "إكسبريس" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن سعي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإحكام قبضته على كل شيء في مصر، حتى وصلت مجال المسلسلات التلفزيونية.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الرئيس المصري الذي وضع يده على السياسة وأرهب وسائل الإعلام وطارد معارضيه، يتجه الآن نحو تعزيز رقعة سياسته القمعية تجاه المجتمع المصري عبر التدخل في إخراج المسلسلات التلفزيونية.
وأكدت المجلة أن المسلسلات تحظى بشعبية كبرى في مصر، حيث أن المصريين على موعد خلال شهر رمضان مع باقة من المسلسلات التي كلف إنتاجها ميزانية ضخمة، وأبطالها ممثلون مشهورون في البلاد، كما أن أفضل هذه المسلسلات يقع عرضها في كامل منطقة الشرق الأوسط.
وذكرت المجلة أن البرامج التي ستعرض خلال شهر رمضان تخضع لرقابة صارمة من النظام المصري، ووفقا لمخرجين وممثلين، يتدخل مسؤولون من نظام السيسي في كتابة السيناريوهات وتحديد أجور العاملين على المسلسل، كما أن شركة إنتاج تابعة للجيش وضعت يدها على إدارة أضخم المسلسلات، حيث أجبر المخرجون على أن تكون مسلسلاتهم مبنية على قصص تتماشى مع تطلعات النظام، وأي إنتاج لا يتطابق مع القواعد التي سنها الجيش، لا يقع عرضه على شاشات التلفزيون.
ووفقا للصحفي الأمريكي المتخصص في الشأن المصري، ديكلان والش، فإن "قمع المسلسلات يعتبر بمثابة رأس حربة الاستبداد المتجذر في مصر من أجل الهيمنة على الثقافة".
وأضاف ديكلان والش أن "هذا القمع بلغ ذروة جديدة في بلد يخضع منذ عقود لحكم رجال نافذين مستعينين بالجيش، على غرار حسني مبارك الذي حكم مصر لنحو 30 سنة عبر ترسيخ نظام قمعي ومتصلب قبل إجباره على التنحي خلال موجة ثورات الربيع العربي سنة 2011".
وتجدر الإشارة إلى أن حسني مبارك ترك حيزا من الحرية لدواليب النظام، حيث كان بإمكان الصحف في عهده توجيه انتقادات محدودة للنظام، قبل أن تتلاشى هذه الحرية المحدودة نهائيا مع تولي عبد الفتاح السيسي زمام السلطة سنة 2013.
وأوردت المجلة أن السيسي يحكم البلاد عبر زمرة من المستشارين، معظمهم من الجيش وقوات الأمن وأفراد من عائلته. ويضع الجيش يده على جميع مشاريع البناء الكبرى. كما أن المحاكم العسكرية تتدخل في الرقابة العمومية عبر تتبع المعارضين السياسيين والمشتبه في ضلوعهم في عمليات إرهابية.
اقرأ أيضا: NYT: كيف امتدت قبضة السيسي الحديدية لبرامج رمضان؟
وأضافت المجلة أن السيسي يريد أيضا السيطرة على المجال الثقافي وإدارته بيد من حديد. فبعد أن كانت البرامج الحوارية التي تعرض على شاشات التليفزيون المصري منابر للنقاشات الساخنة، تحولت في عهد السيسي إلى برامج مؤيدة للنظام. وقد تناول السيسي هذه المواضيع لأول مرة خلال سنة 2017 في خطاب أشاد فيه بالمبادئ الإيجابية للبرامج التلفزيونية القديمة التي تنتجها الدولة. ولكن خلال السنوات الموالية، بدأ مسؤولو الدولة في الضغط على صناع الأفلام عبر فرض رقابة عليهم.
وأفادت المجلة بأن تدخل الدولة في الثقافة تسبب في خلق أزمة في صناعة السينما في مصر خلال عهد السيسي. ففي الوقت الحالي، لا تنتج مصر سوى من 12 إلى 15 مسلسلًا لشهر رمضان، أي أقل من النصف مقارنة بالسنوات السابقة. وقد أنشأت مجموعة إعلام المصريين، وهي شركة تابعة لأجهزة الأمن الوطني، شركة إنتاج تلفزي تسيطر على كامل السوق، قبل أن تعيد شراء العديد من الشبكات التلفزيونية الكبرى.
ووفقا لشهادات، تلقى كتّاب السيناريوهات تعليمات محددة بأن تركز قصصهم على تمجيد الجيش والتهجم على المعارضة. وبالنسبة لمؤيدي السيسي، تحتاج مصر لقائد قوي ليحمي البلاد من انتقال الفوضى في ليبيا واليمن وسوريا إليها. كما تحتاج مصر لقائد قوي لإجراء إصلاحات اقتصادية لا تروق للشعب، ولكنها ضرورية.
ونقلت المجلة عن بعض المحللين السياسيين أن هذا التمسك الشديد بالسيطرة على الدولة والمجتمع يمكن أن ينقلب في النهاية ضد السيسي.
ووفقا للباحث يزيد صايغ، من مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، فإن "النظام عزل العديد من قطاعات المجتمع وبذلك أصبح عبد الفتاح السيسي بشكل خاص في مرمى الانتقادات إذا واجهت حكومته صفعة غير متوقع
ميديابار: هكذا نظم الاستفتاء المزيف لإبقاء السيسي بالسلطة
فورين بوليسي: كلام السيسي عن تسامحه الديني مجرد علاقات عامة
صحيفة إسبانية: هكذا أنشأ السيسي مخبأه في الصحراء