يثير قرار اللجنة العليا للانتخابات في تركيا بشأن إعادة الاقتراع على منصب رئاسة بلدية إسطنبول، التساؤلات حول تداعيات القرار، وإن كان سيحسم الجدل حول النتائج، أم أنه سيشعل المشهد السياسي في البلاد.
وما يثير المخاوف أن يتسبب القرار بمأزق سياسي، لا سيما أن مرشح المعارضة حصل على مضبطة الفوز، وكان لا يزال يمارس عمله حين تم القرار من لجنة الانتخابات، بشأن رئاسة بلدية إسطنبول، التي تعد العاصمة الاقتصادية لتركيا.
ويحيي القرار فرصة حزب العدالة والتنمية بالعودة مجددا إلى رئاسة البلدية، التي تعد من بين البلديات الثلاث الكبرى في تركيا وأهمها، إلا أن ذلك يعني جولة انتخابية جديدة لأكبر أحزاب المعارضة الذي كان قد فاز بالمنصب قبل قرار اللجنة العليا بإعادة الانتخابات.
وقررت لجنة الانتخابات العليا في تركيا، أمس الاثنين، إعادة الانتخابات على رئاسة البلدية بإسطنبول الكبرى، وإلغاء وثيقة الفوز برئاسة البلدية لمرشح حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو.
وانتقد حزب الشعب الجمهوري المعارض قرار اللجنة العليا، معتبرا اليوم الذي صدر فيه القرار بـ"اليوم الأسود في تاريخ تركيا".
اقرأ أيضا: أول تعليق من أردوغان بعد قرار إعادة الانتخابات بإسطنبول
فائق أوزتراك، نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، قال إن اللجنة العليا للانتخابات "قد أنكرت سبب وجودها، بقبول اعتراضات وطعون الحزب الحاكم التي ليست لها أي أسس مادية، وإلغاء انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول".
وشدد أوزتراك على أنه تم "اغتصاب" الإرادة الوطنية التي عبرت عنها بالصناديق، معتبرا القرار بـ"جريمة قانونية"، مشيرا إلى أن "اللجنة العليا للانتخابات قد أنكرت بقرارها هذا وجودها، لأنها لم تلتزم بالقوانين".
أما أكرم إمام أوغلو، الذي استلم مضبطة الفوز، ومارس مهامه رئيسا لبلدية إسطنبول الكبرى، اعتبر في خطاب جماهيري أمام أنصار حزبه القرار بـ"الخيانة".
واتهم إمام أوغلو حزب العدالة والتنمية في خطاب جماهيري، تابعته "عربي21"، بالسيطرة على اللجنة العليا للانتخابات، بتقديمهم طعونا وحججا مختلفة كل يوم".
فيما اعتبرت رئيسة حزب "الخير" التركي المعارضة، ميرال أكشنار، التاريخ الذي أصدر فيه قرار إعادة الانتخابات بـ"تاريخ انتهاك إرادة الأمة".
وأضافت في تصريحات صحفية: "هذا التاريخ الذي تعرضت فيه دولتنا للمهانة أمام العالم.. ونحن لن نصمت حيال هذا القرار".
وأعلنت أكشنار أن حزبها سيتخذ خطوات بالمشاركة مع حزب الشعب الجمهوري، ضد من وصفتهم بمن "يحاولون الانقلاب على الإرادة الوطنية".
حزب العدالة والتنمية، بلسان الناطق باسمه عمر جيليك، رحب بقرار اللجنة، وقال إن إعادة الانتخابات لا علاقة لها بحماية مصالح الحزب أو أي حزب آخر، مشيرا إلى أنها لها علاقة بمدى عكس أصوات الناخبين بشكل واضح، وأن الديمقراطية هي الفائزة في جميع الأحوال.
اقرأ أيضا: شكوى قضائية بحق لجنة انتخابات إسطنبول لتعيينات مخالفة للقانون
الكاتب والمحلل السياسي التركي، عبد القادر سيلفي، قال إن قرار إعادة وثيقة الفوز لم يكن هو الأول في تركيا، فقد تكرر الأمر في وقت سابق، مشيرا إلى أنه إلى حين الانتهاء من إعادة انتخابات بلدية إسطنبول فإن من ينوب عن رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى سيكون من حزب العدالة والتنمية، الذي يمثل النصيب الأكبر في مجلس البلدية.
وأضاف في تقرير مطول على صحيفة "حرييت"، ترجمته "عربي21"، أن حزب الشعب الجمهوري تلقى صدمة سياسية، بقرار اللجنة، مشيرا إلى أن الأحزاب المعارضة لم تكن تتوقع أن يتم الخروج بإعلان إعادة الانتخابات على رئاسة البلدية في إسطنبول.
وأشار إلى أن زعماء أحزاب المعارضة (الشعب الجمهوري والخير والسعادة) اجتمعوا لتقييم قرار اللجنة الانتخابات، لافتا إلى أن هناك رأيا في حزب الشعب الجمهوري ينادي بالتوجه لمقاطعة إعادة الانتخابات، إلا أن الحزب سيحسم أمره بالمشاركة في الإعادة.
ولفت إلى أن التوجه لدى حزب الشعب الجمهوري، وحزب العدالة والتنمية، بإعادة ترشيح أكرم وإمام أوغلو، وبن علي يلدريم، للتنافس على رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى.
ونوه إلى ضرورة تبني حزب العدالة والتنمية استراتيجية جديدة في تعامله مع الأكراد بإسطنبول لاستقطابهم، إلى جانب كسب تلك الأصوات من حزب العدالة والتنمية، التي لم تذهب إلى الصناديق، بسبب استيائها من بعض سياسات الحزب.
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي، علي باكير، وفي سؤاله حول تقبل أحزاب المعارضة لقرار اللجنة العليا للانتخابات، إنه في النهاية قد تضطر تلك الأحزاب إلى ذلك، إلا أن ذلك لن يدلل على أن الأوضاع قد تكون بخير.
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن إعادة الانتخابات سيتسبب بمشكلة داخلية، حيث سيتم التركيز على أن الحزب الحاكم أعاد الانتخابات لكي يخرج بنتيجة تناسبه، ويتم تفصيلها على مقاسه، مضيفا أنه بغض النظر عما إذا كان ذلك صحيحا أم لا، إلا أنها ستكون الرواية السائدة.
اقرأ أيضا: أنقرة ترفض الانتقادات لقرار إعادة الانتخابات بإسطنبول
وأشار إلى أن قرار اللجنة العليا سيؤثر سلبا على الاقتصاد وعلى ثقة المستثمرين، علاوة على ذلك لن تنه الجدل القائم حول النتائج.
وحول نتائج إعادة الانتخابات على الحزب الحاكم بعد إعادتها في إسطنبول، نوه باكير إلى أن أي خسارة للحزب ستكون استنزافا للبلاد ماليا وسياسيا واجتماعيا دون جدوى، وسيترتب على ذلك أضرارا أكبر على الحزب.
وأوضح أن خسارة الحزب مجددا سيعطي دفعة نفسية وتنظيمية غير مسبوقة لأحزاب المعارضة، التي ستتبنى المنهج ذاته في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
هل تنجح قوى السودان بتشكيل المجلس السيادي.. وما مهامه؟
الحزب الحاكم بالانتخابات التركية.. بداية أفول أم كبوة جواد؟
مجلس شيوخ بلا صلاحيات.. تصريح صادم لرئيس برلمان مصر