عملت الحركة الإسلامية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 برئاسة الشيخ رائد صلاح، وعلى مدار سنوات منذ تأسيسها عام 1971 على صقل الوعي الفلسطيني الذي جنّد الاحتلال كل أذرعه من أجل تغييبه والعمل على جعله منسجما مع واقع "المجتمع الإسرائيلي"، فتمسكت هي بالمقابل بالهوية الفلسطينية وعكست نشاطاتها محاولة الحفاظ عليها.
وفي السابع عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2015 أعلن المجلس الوزاري الإسرائيلي حظر الحركة الإسلامية واعتبارها تنظيما غير مشروع، حيث تم تسليم ما يقارب الـ20 مؤسسة وجمعية تابعة لها قرارات بحظر نشاطها، وبعد القرار ببضعة أشهر تم اعتقال رئيسها لما يقارب الـ11 شهرا ومن ثم نقله إلى الحبس المنزلي حتى الآن، وبالتالي تم تقييد عمل هذا الإطار ومنعه من إكمال دوره في الحفاظ على الهوية.
نشاطات مميزة
وفي شهر رمضان، كانت الحركة تنفذ عشرات النشاطات التي تقرّب الفلسطينيين من المسجد الأقصى المبارك، وتزيد من التفافهم حول قضيتهم عبر وسائل عدة تستهدف فئات الأطفال والشبان والشيوخ والنساء، وكان عملها مشهود له على صعيد الكل الفلسطيني بالتنظيم والاجتهاد والشمولية، بينما الآن تغيب هذه النشاطات بسبب الحظر الإسرائيلي وسط انتهاكات يتعرض لها المسجد على يد جماعات المستوطنين.
وفي هذا السياق يؤكد عضو المكتب السياسي السابق للحركة الإسلامية توفيق محمد أنه كانت لها العديد من النشاطات والإبداعات التي عملت من خلالها على الحفاظ على الهوية الفلسطينية سواء في الداخل المحتل أم في مدينة القدس.
ويبين في حديث لـ"عربي21" أنه كانت هناك خمس مؤسسات أهلية مستقلة ذات توجه إسلامي تعمل في القدس، مثل مؤسسة البيارق ومؤسسة الأقصى للوقف والتراث ومؤسسة القدس وغيرها؛ وقد كانت تعمل في شهر رمضان بشكل دؤوب على توفير الإفطارات الرمضانية للصائمين وتوفير الحافلات التي تقل المصلين من كل المواقع في الداخل الفلسطيني من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب إلى المسجد الأقصى المبارك مجانا.
اقرأ أيضا: القدس المحتلة تتنزين لاستقبال رمضان.. فرحة منقوصة (صور)
ويوضح أنه كانت هناك نشاطات رمضانية دورية تتم داخل المسجد الأقصى مثل المحاضرات والندوات وغيرها من النشاطات الدينية التي كانت تعطي مذاقا وطعما خاصا للعبادة والتواجد في الأقصى خلال الشهر الفضيل.
ويضيف: "أما على مستوى الداخل المحتل فيضيق الحديث عن هذه النشاطات التي تثبت الهوية الفلسطينية لأنه في مثل هذه الأيام وتحديدا في الخامس عشر من أيار/ مايو الذي يوافق ذكرى النكبة كانت الحركة تنظم مسيرة للنساء في النقب ومهرجانات توافقا مع إحياء ذكرى النكبة لدى أبناء شعبنا في أماكن تواجده، وكانت هناك مؤسسات مستقلة أهلية ذات توجه إسلامي تعمل على دعم الطلبة الجامعيين وأخرى تعنى بالرياضة وغيرها من الجوانب الهامة".
ويقول محمد إن الحركة "كانت لها بصمة في كل جانب من جوانب الحياة لدى شعبنا في الداخل، أي أنها في المحصلة تعمل على توفير المجتمع العصامي المحافظ على عروبته وهويته وإسلامه وفلسطينيته".
تقليل المصلين
ويرى الزائر للمسجد الأقصى المبارك الفرق بين السنوات الماضية والحالية؛ فمشروع مصاطب العلم الذي كانت تقوم به الحركة الإسلامية والذي كان يهدف إلى استمرار وجود المصلين في المسجد الأقصى لتفويت فرصة اقتحامه من قبل المستوطنين أو على الأقل البقاء فيه خلال الاقتحامات وعدم تركه وحيدا؛ بات الآن محظورا، بينما كانت الحركة تساهم في كشف شبكة الأنفاق أسفل الأقصى وكل مخططات الاحتلال حتى قبل أن يبدأ تنفيذها.
وحول نجاح الاحتلال في تقليص أعداد الوافدين إلى المسجد الأقصى بعد حظر الحركة؛ يعتبر محمد أن آثار قرار الحظر لا شك أنها أثرت بشكل كبير على سياسة شد الرحال والتواجد في المسجد، ولكن ذلك لا يعني أن الأقصى بات وحيداً أو أنه بات ملكا خاصا لجسم الحركة الإسلامية المحظور.
اقرأ أيضا: أوامر الإبعاد تتربص بالفلسطينيين وتحرمهم من الأقصى (شاهد)
ويتابع: "المسجد الأقصى يتبع للشعب الفلسطيني كله بل للأمة العربية والإسلامية كلها، ولذلك حين وضعت البوابات الإلكترونية نرى كيف كان صمود أبناء شعبنا تحديدا في القدس والداخل وكيف وقفوا وقفة رجولة وإباء وثبات وبطولة نجحوا من خلالها في منع وإزالة البوابات الإلكترونية، وكذلك في وقفة مصلى باب الرحمة كيف انتصروا فيها ونجحوا في إعادة فتح المصلى، ولذلك فإن للأقصى محبيه والكثير من الرواد الذين نجحوا في وقف هذه الاعتداءات عليه".
ويرى أن الحركة الإسلامية ورغم حظرها إلا أنها استطاعت أن تغرس ثقافتها وتتغلغل في كل الجسد الفلسطيني، وحتى بعد حظرها بقيت هذه الرسالة ثابتة وموجودة في كل النواحي سواء في الداخل أم في القدس التي يشكل أهلها خط الدفاع الأول عن المسجد الأقصى المبارك.
أما حول الانتهاكات المتصاعدة بحق المسجد فيقول محمد إن هذه "باتت طبيعة المرحلة التي يسيطر فيها اليمين الإسرائيلي المتطرف على مقاليد الحكم، ولكن هناك في الجانب الآخر صحوة باتجاه القدس والأقصى"، لافتا إلى أن من يسمى وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي سبق وقال إن الصراع مع الفلسطينيين ديني وعقائدي؛ وهو بهذا التصريح يثبت المقولة التي كانت تؤكدها الحركة الإسلامية وهي أن الصراع مع الاحتلال صراع على المقدسات والدين.
تحذيرات من تصاعد اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى
هل تمنع الدول العربية انهيار السلطة الفلسطينية ماليا؟
المسجد الإبراهيمي بالخليل.. أذان يمنع وحواجز تخنق المصلين!