قبل أيام، أعلنت اللجنة العليا للانتخابات في تركيا النتائج النهائية للانتخابات البلدية في البلاد والتي أجريت نهاية آذار/ مارس الفائت، إضافة لتقريرها المفصل حول مسوغات قرار إعادة انتخابات بلدية إسطنبول الكبرى؛ الذي كانت اتخذته في السادس منه بموافقة سبعة ومعارضة أربعة من أعضائها.
صدر القرار التفصيلي في 250 صفحة، بدأت بمقدمة متعلقة بالانتخابات ومرجعية اللجنة العليا لها، ثم مرت على العديد من الأخطاء والمخالفات التي تخللت العملية الانتخابية، وخصوصاً في مرحلة الفرز والعد، وصولاً لما اعتبرتها "الأسباب المؤثرة في النتيجة"، أي المخالفات التي يمكن لها نظرياً أن تؤثر في النتيجة أو تغيرها.
ثم سردت اللجنة تقييمها العام لكل ما سبق، وقراراتها التي شملت إلغاء نتيجة إسطنبول وإعادة الانتخابات فيها، وسحب "مضبطة" فوز إمام أوغلو منه، إضافة لتقدمها بشكوى ضد رئيس لجنة الانتخابات في إسطنبول وأعضائها ومدراء الانتخابات؛ المسؤولين عن اختيار رؤساء وأعضاء لجان انتخابية مخالفة للقانون. ثم ختمت تقريرها بـ"شروح" أو اعتراضات أعضائها الأربعة الذين خالفوا القرار.
فيما يتعلق بالأمور المؤثرة في النتيجة نظرياً، أوردت اللجنة ثلاثة أسباب رئيسية:
الأول، عدم الالتزام باختيار رؤساء اللجان الانتخابية في 754 صندوقاً إضافة لـ2333 من أعضاء اللجان من الموظفين الحكوميين، وفقاً للقانون المعدل بتاريخ 13 آذار/ مارس 2018، ما يقدح بضمانات الانتخابات أو الثقة بها.
الثاني، مخالفات و/أو أخطاء في جداول تفريغ نتائج 108 صناديق انتخابية (وهي جداول مختلفة عن محاضر النتائج).
الثالث، عدد 706 أصوات ممن لا ينبغي لهم التصويت، مثل المتوفين والمسجونين والمعوقين ذهنياً، وما إلى ذلك.
قدّرت اللجنة العليا للانتخابات أن أياً من هذه الأسباب ليس كافياً لوحده للقدح بنتيجة الانتخابات وإلغائها، لكنها مجتمعة اعتبرت سبباً لعدم ضمان النتيجة
وقد قدّرت اللجنة العليا للانتخابات أن أياً من هذه الأسباب ليس كافياً لوحده للقدح بنتيجة الانتخابات وإلغائها، لكنها مجتمعة اعتبرت سبباً لعدم ضمان النتيجة، وبالتالي قرار الإعادة، لا سيما السبب المتعلق بجداول النتائج الذي لم يتضمنه القرار الأولي الذي أصدرته اللجنة، والذي يفترض بالقرار المفصّل أن يكون مجرد شرح له.
السبب الرئيس لإلغاء الانتخابات، وفق اللجنة، كان اختيار رؤساء لجان الصناديق من غير الموظفين الحكوميين، حيث إن عدد الأصوات في الصناديق التي أشرفوا عليها هو 212 ألفاً و276 صوتاً، بينما الفارق بين المرشحين الرئيسيين إمام أوغلو ويلدرم 13 ألفاً و276 صوتاً، ما يعني أن نتيجة هذه الصناديق "قد" تؤثر على النتيجة النهائية.
وكان لافتاً في قرار اللجنة الفارق الواضح بين الأرقام التي تضمنها طلب العدالة والتنمية وبين ما وثقته اللجنة، حيث تضمن الأول أعداد 2308 ممن لا يملكون أهلية التصويت، و1229 من المتوفين، و10290 من المسجونين الواردة أسماؤهم في السجون وفي مناطق أخرى، و5287 من المحكومين الواردة أسماؤهم على كشوف الناخبين في إسطنبول، و21782 من ذوي الإعاقات الذهنية، في مقابل 377 فاقد أهلية، و6 متوفين، و41 مسجوناً، و58 صوتاً بدل محكومين داخل السجون، و224 معاقاً ذهنياً، على التوالي، وفق توثيق اللجنة.
في المقابل، كانت اللجنة حريصة على الرد ضمنياً على بعض اعتراضات أحزاب المعارضة، وخصوصاً عدم إلغاء انتخابات البلديات الفرعية التي أشرف عليها نفس رؤساء الصناديق المعنية بالمخالفات. وذهب تقرير اللجنة إلى أنه لم يصلها تظلم بخصوص البلديات الفرعية بشكل قانوني سليم وخلال الفترة الزمنية المتاحة للطعون.
كانت اللجنة حريصة على الرد ضمنياً على بعض اعتراضات أحزاب المعارضة، وخصوصاً عدم إلغاء انتخابات البلديات الفرعية التي أشرف عليها نفس رؤساء الصناديق المعنية بالمخالفات
لم ينه قرار اللجنة العليا للانتخابات الجدل بخصوص انتخابات إسطنبول، ولا حسم سردية المظلومية لصالح أحد الطرفين، لكنه نقل النقاش لمستويات جديدة
معركة التحرر من الهيمنة الأمريكية
حرب الاستراتيجيات في انتخابات إسطنبول
إعادة الانتخابات في إسطنبول.. الرواية والرواية المضادة