رفضت بشدة قيادات إسلامية ومسيحية قرار المحكمة الإسرائيلية العليا "المسيس"، بالتصديق على استيلاء جمعية استيطانية إسرائيلية، على عقارات أثرية جديدة في مدينة القدس المحتلة.
فبعد خلاف دام 14 عاما، رفضت "المحكمة الإسرائيلية العليا" الاثنين، الالتماس الذي تقدمت به الكنيسة الأرثوذكسية بمدينة القدس المحتلة، وصادقت على استيلاء جمعية "عطيرت كوهنيم" اليمينية على ثلاثة مبان أثرية تقع في البلدة القديمة بالقدس.
والمباني الأثرية الثلاثة هي: فندق "بترا" المكون من 4 طوابق، وفندق "إمبريال"، وهما يطلان على ساحة بوابة يافا عند مدخل المدينة القديمة، والمبنى الثالث هو منزل يقع في شارع "المعظمية" في الحي الإسلامي بالقدس.
وشدد رئيس الهيئة الإسلامية العليا في مدينة القدس المحتلة، وخطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، على رفضه "من حيث المبدأ اللجوء إلى المحاكم الإسرائيلية"، معتبرا أن التوجه لمحاكم الاحتلال هو "سلوك عبثي لا فائدة منه وغير سليم وغير قانوني؛ لأن هذه المحاكم تمثل الاحتلال ونحن لا نقر بالاحتلال".
وأوضح في تصريح خاص لـ"عربي21"، أن "المحاكم الإسرائيلية مسيسة، وتصدر قوانينها وقراراتها على ضوء ما تريده الحكومة الإسرائيلية وجهاز المخابرات الإسرائيلي"، منبها أن "الحكم هو الخصم، وبالتالي لا يجوز للإنسان أن يلجأ إلى خصمه".
وأضاف صبري: "نحن ندرك تماما أن المحاكم الإسرائيلية لا تنصف المواطن العربي والفلسطيني مطلقا، ولم يسبق لهذه المحاكم أن أصدرت قرارات لصالح العرب".
تزوير ورشاوى
وأكد رئيس الهيئة الإسلامية العليا، أن "مثل هذه الصفقات هي صفقات مشبوهة، تستهدف مدينة القدس بشكل عام، وكلما زادت العقارات المقدسية التي يستولي عليها اليهود، تمكن الاحتلال من فرض سيطرته على القدس أكثر فأكثر".
ونوه أن "سلطات الاحتلال لم تتوقف عن مصادرة العقارات المقدسية والتزوير والرشاوى"، مؤكدا أن "كل عقار مقدسي استولى عليه اليهود منذ عام 1967 وحتى الآن؛ هو عمل غير قانوني وغير شرعي ولا نقر به، كما أننا لا نعترف بأي تملك لليهود بمدينة القدس".
اقرأ أيضا : محكمة تقضي لصالح استيلاء مستوطنين على مبان مقدسية
وقال: "الاحتلال باطل وما يجري من عملية استيلاء على عقارات القدس باطل أيضا، وبالتالي ما يبنى على الباطل فهو باطل، مهما زادت العقارات التي يستولون عليها".
بدوره، رفض المطران عطالله حنا من القدس، القرار الإسرائيلي، وقال: "هذا قرار مرفوض ونحن لم نفاجأ من هذا القرار الذي صدر عن ما يسمى المحكمة العليا الإسرائيلية؛ لأنها مثل غيرها مسيسة ومسخرة في خدمة الاحتلال".
وأكد في تصريح خاص لـ"عربي21"، أن ما صدر عن المحكمة الإسرائيلية هو "غير قانوني وغير شرعي"، لافتا أن "ما تتعرض له منطقة باب الخليل بالقدس وأبنيتها التاريخية العريقة؛ إنما هو استهداف خطير للحضور المسيحي الفلسطيني الوطني في مدينة القدس المحتلة".
وأضاف: "ما يجري هو استهداف لكل القدس وسكانها بكافة مكوناتهم"، مؤكدا أن "ما يقوم به الاحتلال هو استهداف لنا جميعا كفلسطينيين".
نكبة جديدة
وحول الخطوات المنوي القيام بها لمواجهة قرار المحكمة الإسرائيلية، بالمصادقة على صفقة تسريب الأوقاف المسيحية، لجمعية "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية المتطرفة، شدد حنا على رفضه الإجراء الإسرائيلي وقال: "سنقوم بكل ما هو مطلوب منا ميدانيا؛ عبر تنظيم إجراءات ميدانية احتجاجية".
ونوه أنه "سيتم أيضا التواصل مع الجهات المعنية في العالم بهدف العمل على إيقاف هذا القرار"، معتبرا أن "دخول المستوطنين إلى الأبنية الأرثوذكسية العرقية في باب الخليل، إنما هو نكبة جديدة تضاف للنكبات الكثيرة التي ألمت بنا كأبناء للشعب الفلسطيني الواحد".
وحول حقيقة ما جرى بشأن تسريب المباني الأثرية الثلاثة بالقدس؛ شدد المطران وهو رئيس سابق لأساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس بالقدس، على أن "الأوقاف المسيحية والإسلامية في القدس ليست سلعة معروضة للبيع، ولا يحق لأي جهة مهما كانت أن تسرب أو تبيع هذه العقارات".
وأوضح أن "هذه العقارات؛ هي عقارات وقفية؛ وبالتالي لها حرمتها ويجب صيانتها من أجل خدمة أبنائنا وشعبنا في المدينة المقدسة"، مؤكدا أن "ما حدث في منطقة باب الخليل (تسريب العقارات الثلاثة إلى جمعية كوهنيم)، إنما هو جريمة نكراء نرفضها جملة وتفصيلا".
وأضاف: "نحن نعرف أن هناك متآمرين ومتخاذلين وهناك أيضا متورطون ستذهب أسماؤهم إلى مزبلة التاريخ، وأما أوقاف باب الخليل فستبقى ملكا للكنيسة كما هو حال كافة الأوقاف المسيحية والإسلامية في مدينة القدس المحتلة".