أثار الاتهام الذي وجهته الحكومة المغربية إلى جماعة "العدل والإحسان" (كبرى جماعات المعارضة السياسية في المغرب) بالوقوف وراء احتجاجات طلبة الطب والصيدلة ومقاطعتهم الامتحانات بمختلف كليات الطب بالمغرب، سخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما اعتبرت الجماعة موقف الحكومة "انحطاطا" و"استخفافا بنخبة عريضة من المجتمع وبعقول الناس ووعيهم".
واتهمت الحكومة، صراحة، جماعة العدل والإحسان بتحريض طلبة الطب على الاحتجاج ومقاطعة الامتحانات.
وجاء في بيان الحكومة الذي تلاه الناطق باسمها، أمس الخميس، في ندوة صحفية: "تؤكد الحكومة أن هناك جهات أخرى، وبالضبط جماعة العدل والإحسان، استغلت الوضعية لتحريض الطلبة من أجل تحقيق أهداف لا تخدم مصالحهم".
انتقاد وسخرية
وعقب البيان الحكومي، انتشرت تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي تتراوح بين الانتقاد والسخرية، اعتبرت إقحام "العدل والإحسان" في أي احتجاج بالمملكة لهو دليل على "فشل الحكومة في تدبير هذه الملفات".
وعبر نشطاء مغاربة من ضمنهم برلمانيون وقياديون في أحزاب المعارضة والأغلبية عن استغرابهم من موقف الحكومة، مشيرين إلى أن العدل والإحسان أصبحت "شماعة تعلق عليها السلطات فشلها".
وكتب عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية للجماعة حسن بناجح، في تدوينة له: "تفاهموا بيناتكم وجوبونا.. وزير نُقل عنه قبل أسابيع قول في لقاء ضيق يصف فيه جماعة العدل والإحسان بالثلاجة الكبيرة".
وأضاف: "البارحة زميل له تلا على العالمين بلاغا للحكومة يتهم الجماعة بتحريض طلبة الطب الذين يخوضون احتجاجات بنسبة %100. فلم نعد نعرف واش جماعة العدل والإحسان ثلاجة ولا فران ولا جاكوزي ولا ماكينة تسخن وتبرد في نفس الوقت؟".
فيما قالت البرلمانية الاتحادية، حنان رحاب، في تدوينة على حسابها بـ"فيسبوك": "تصريح الوزير الخلفي.. تصريح شارد ولا منطق له.. ويستصغر نضالات ونضج طلبة وطالبات كليات الطب والصيدلة على اختلاف انتماءاتهم إن كانوا ينتمون إلى تنظيمات سياسية أو إن كانوا غير منتمين لأي توجه سياسي".
وأضافت: "وإن كانت العدل والإحسان هي من تقف وراء المقاطعة الشاملة للامتحانات بكليات الطب والصيدلية.. فالسيد الخلفي يقر اليوم بقوتها التأطيرية وبكونها أول قوة تؤطر الحركات الاجتماعية والمطلبية في المغرب.. وقوتها أكبر من النتيجة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية نفسه".
وتابعت: "ابحثوا عن مبرر آخر لقراراتكم غير السليمة والارتجالية.. قولوا بالواضح إنكم ترفضون مطالب طلبة الطب والصيدلة المشروعة لترضى عنكم لوبيات التعليم العالي الخاص الذين يستثمرون في هذا القطاع ..قولوا جَهْرًا لأبناء وبنات الطبقات الفقيرة والمتوسطة الذين يدرسون بالجامعات العمومية.. الطب ليس مهنتكم... ولا تعلقوا شماعة فشلكم في تدبير هذا الملف على العدل والإحسان أو غيرها.. لقد سئمنا من ترديدكم لهذا المبرر الذي يستصغرنا جميعا".
اقرأ أيضا: استياء عارم بالجامعات المغربية بعد توقيف أساتذة طب عن العمل
الإعلامي حسن بويخف كتب: "شخصيا أعتبر البلاغ الحكومي شاردا وغير مسؤول، وأستنكر مصادرة حق الطلبة في الانتماء المشروع، وأستنكر تفسير نضالاتهم على أنه مجرد تحريض من جماعة العدل والإحسان".
وأضاف: "على الحكومة الارتقاء إلى مستوى حكومة الحريات، وأن تحترم حق الطلبة في الاحتجاج والنضال، وتحترم نضجهم السياسي ووعيهم المسؤول، وأن تكف عن محاولة شيطنة نضالاتهم بجعلها مجرد ورقة سياسية للابتزاز من طرف الجماعة"، مؤكدا أن "البلاغ الحكومي يكرس المقاربة الأمنية وليس الحقوقية والقانونية في تدبير الملف باتهام الجماعة بتحريضهم على النضال. وهذا لا يمكن قبوله".
رد الجماعة
جماعة العدل والإحسان ردت على اتهام الحكومة واعتبرته "مهزلة السلطات المخزنية التي تحاول تحريف الوقائع والنيل من ذكاء نخبة معتبرة من المجتمع، بمحاولة اتخاذ العدل والإحسان شماعة تعلق عليها السلطات فشلها المتواصل"، معربة عن أسفها من "المستوى المنحط الذي وصل إليه التلاعب ببعض الأحزاب السياسية في بلدنا".
وقال مجلس إرشاد الجماعة في بلاغ له، توصلت "عربي21" بنسخة منه، إن “السلطة المغربية مرة أخرى، وبطريقة تحريضية مثيرة لكثير من الاستغراب، بأسطوانتها المشروخة، كما فعلت في أحداث سابقة منها أحداث الريف وجرادة، لتتهم العدل والإحسان بالوقوف وراء احتجاجات الطلبة الأطباء”، مؤكدة على مضيّها في الطريق الذي اختارته "موقفا شرعيا وسياسيا واضحا من الاستبداد والفساد، وانحيازا صريحا لقضايا الشعب ومطالبه العادلة".
واعتبرت الجماعة الاتهام الحكومي "استخفافا بنخبة عريضة من المجتمع متمثلة في طلبة كليات الطب والصيدلة وعائلاتهم وأساتذتهم، واستخفافا بعقول الناس وبوعيهم، وتعبيرا عن فشلها المتوالي في حل المشاكل المتراكمة للبلد في كل القطاعات، ومحاولة للهروب من تحمل المسؤولية في إيجاد حلول منصفة للمشكل ذي الطبيعة المهنية والأكاديمية الصرفة، ومحاولة يائسة للتغطية على المواجهة المكشوفة التي أصبحت فيها السلطات السياسية والاقتصادية أمام شعب بأكمله نتيجة سياساتها الارتجالية الفاشلة".
وأوضحت العدل والإحسان أن "توقيف ثلاثة أطر طبية جامعية مشهود لها بالكفاءة والمهنية عن العمل، وتشميع بيوت 4 أعضاء من الجماعة (بالمضيق وتطوان ومراكش)، بدون إشعار مسبق، وبدون تقديم أدنى تعليل لهذا التعسف الخطير في حق مواطنين مغاربة وسط تنديد واستنكار من قبل معظم القوى الحية الفاعلة في المجتمع وطنيا ودوليا"، يعتبر "خرقا سافرا جديدا للقانون المغربي وللمواثيق الدولية لحقوق الإنسان".
ودعت "كل الغيورين في هذا البلد، من فضلاء وسياسيين وحقوقيين ومجتمع مدني، إلى ضرورة التكتل، لأن حجم هذه الانتهاكات خطير، وليس مِما يسكت عنه في دولة اختل فيها ميزان القانون والعدل وحكم الطيش والغباء".
والاثنين الماضي، قاطع طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان بالمغرب الامتحانات بنسبة مائة في المئة، بعد 10 أسابيع من الاحتجاجات للضغط على وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي للاستجابة لمطالبهم.
وتوعدت الحكومة المغربية، في بلاغها أمس، طلبة الطب المقاطعين للامتحانات بتطبيق المقتضيات القانونية الجاري بها العمل في مثل هذه الوضعية، بما في ذلك إعادة السنة الجامعية أو الفصل بالنسبة للطلبة الذين استوفوا سنوات التكرار المسموح بها، مشددة على أنه لن تكون هناك سنة بيضاء، وهددت بمعاقبة "كل من يسعى إلى عرقلة السير العادي لهذه الامتحانات".
وأثار إعلان وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي بالمغرب توقيف 3 أساتذة جامعيين يشتغلون بكليات الطب والصيدلة في ثلاث مدن، استياء عارما في الأوساط النقابية والجامعية بالمملكة، ودعت نقابات الأطباء الوزارة إلى العدول عن قرارها الذي وصفته بـ"التعسفي والجائر"، مهددة بخوض أشكال نضالية في حال الرفض.
أخنوش الوزير النافذ بالمغرب يحصل على صفقة طاقة حكومية
أزمة عاصفة تضرب الحزب الذي وعد باستئصال إسلاميي المغرب