نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا أعده كل من جاستين لينتش وروبي غريمر، يتحدثان فيه عن محاولات المجلس العسكري الانتقالي السوداني تأمين السلطة، من خلال الحصول على خدمات شركة لوبي كندية، واستقبال عضو سابق في الكونغرس.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن قادة السودان العسكريين بحثوا عن دعم خارج حدودهم، وبعيدا عن حلفائهم الأثرياء في الخليج، ووصلوا إلى عضو سابق في الكونغرس؛ من أجل تعزيز شرعيتهم وسيطرتهم على البلاد في مرحلة ما بعد الانقلاب.
ويلفت الكاتبان إلى توقيع قائد قوات الدعم السريع ونائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي محمد حمدان (حميدتي) دقلو، عقدا بملايين الدولارات مع شركة كندية، واستقباله في الخرطوم عضوا سابقا في الكونغرس، وسط عملية صراع على السلطة بين الانقلابيين.
وتنوه المجلة إلى العقد الذي أبرم في أيار/ مايو، بقيمة 6 ملايين دولار، مع شركة علاقات كندية لتحسين صورة العسكريين في الولايات المتحدة وروسيا والسعودية، مشيرة إلى أن العقد الذي وقعه حميدتي، الذي كشف عنه من خلال وثائق مقدمة لوزارة العدل الأمريكية، يظهر محاولات حميدتي التواصل مع جهات دولية لتوطيد سيطرته على السلطة، ويكشف أيضا عن محاولات الدول الأجنبية الرهان والحصول على حصة في سودان ما بعد عمر البشير، الذي أطيح به في نيسان/ أبريل بعد ثورة شعبية.
ويكشف التقرير عن أن العقد ينص على أن تقوم شركة العلاقات العامة "ديكسون أند مادسون" الكندية بتأمين لقاء مع الرئيس الأمريكي وقادة دول في الشرق الأوسط، والتأكد من حصول المجلس على شرعية انتقالية في السودان، لافتا إلى أن العقد يكشف ملامح أخرى، مثل توفير التدريب العسكري والمعدات الأمنية، و"الحصول على البنى التحتية والدعم في مجال الأمن الغذائي" من الحكومة الروسية، ومن الجنرال الليبي الذي يحاول السيطرة على ليبيا كاملة.
ويذكر الكاتبان أن الشركة الكندية يديرها ضابط سابق في الاستخبارات الإسرائيلية هو آري بن ميناشي، الذي عملت شركته سابقا مع حكومتي زيمبابوي وليبيا.
وتفيد المجلة بأن حميدتي صعد بعد الإطاحة بنظام البشير، الذي حكم البلاد لثلاثة عقود، وهو مطلوب للعدالة الدولية، إلا أن النظام الذي دعمه لا يزال في السلطة، مشيرة إلى أن حميدتي، الذي يقود قوات الدعم السريع، وله سجل في قيادة المليشيات التي ارتكبت فظائع في دارفور، يحاول تصوير نفسه على أنه الرجل الوحيد القادر على جلب الأمن والنظام لسودان ما بعد البشير.
ويشير التقرير إلى أن القوى المدنية التي قادت التظاهرات ضد النظام السابق تطالب بنقل السلطة إلى المدنيين، ولهذا حاول حميدتي الحصول على دعم دول الخليج الغنية والدول الأخرى لتقوية سلطته في الصراع على السلطة، وحصل بالإضافة إلى جهود شركة العلاقات العامة على دعم النائب الأمريكي السابق جيمس موران، الذي زار الخرطوم الأسبوع الماضي.
ويلفت الكاتبان إلى أن موران يعمل الآن مستشارا للمشرعين، ولديه شركة لوبي اسمها "ماكديرموت ويل أند إيمري"، وتحدث فيما بدا أنه حشد في الخرطوم بعد لقائه حميدتي، وأثنى على الجنرال، قائلا إنه "معجب" بكل شخص التقاه بما فيهم الزعيم السوداني، مشيرين إلى أن موران منح دفعة علاقات عامة لحميدتي، فعزز صورته، على الأقل في الإعلام الرسمي، بأنه يحظى بدعم دولي، وقُدم موران للحشد المؤيد لحميدتي على أنه سيناتور أمريكي، و"هذا ليس صحيحا".
وتقول المجلة إنه بسبب حظر الطغمة العسكرية للإنترنت، فإن خطاب موران على التلفزيون الرسمي كان هو المعلومة الوحيدة عن الدعم الخارجي للمجلس، مشيرة إلى أن موران ومكتبه لم يردا على أسئلة المجلة، بما في ذلك أسئلة حول هدف الزيارة.
ويفيد التقرير بأن موران التقى، بحسب رموز معارضة سودانية، مع ممثلين لتجمع المهنيين السودانيين والدبلوماسي الأمريكي الأبرز في السودان ستفين كوتسيس.
وينوه الكاتبان إلى أنه تم تأجيل زيارة لوفد من الكونغرس، يضم النائبة الديمقراطية وعضو لجنة العلاقات الخارجية كارين باس؛ بسبب عدم استقرار الوضع في السودان، فيما بدأ النواب المؤثرون في الكونغرس بالتعبير عن قلقهم من صعود حميدتي إلى السلطة، ففي يوم الجمعة دعا رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب إليوت إنجيل إدارة ترامب لفرض عقوبات على حميدتي وقوات الدعم السريع؛ بسبب الدور في قمع المعتصمين الشهر الماضي.
وتبين المجلة أن موران قدم حتى وقت قريب خدمات عبر شركته لقطر، التي تواجه حصارا من السعودية والإمارات، اللتين قدمتا إلى جانب مصر دعما كبيرا لحميدتي.
ويشير التقرير إلى أن زيارة موران جاءت في وقت طالبت فيه القوى المدنية العسكر بتسليم السلطة في نهاية حزيران/ يونيو، مع أن مفاوضين مدنيين نقلت عنهم مجلة "فورين بوليسي"، عبرا عن شكهما في استجابة العسكر للمطالب المدنية، فيما هددت المعارضة السودانية بمليونية لإجبار العسكر على تسليم السلطة.
ويورد الكاتبان نقلا عن المسؤول السابق في وزارة الخارجية في أثناء فترة جورج دبليو بوش، كاميرون هدسون، قوله إن هناك عدة إشارات مقلقة عن عنف قادم، وأضاف: "خرجت العجلات عن السيطرة، وفقد المجلس العسكري الصبر ويشعر بالجرأة لغياب الرد الدولي، ويريد منع موجة ثانية من الاحتجاجات التي قد تعيد إحياء الحركة".
وتلفت المجلة إلى أن بعض المفاوضين المدنيين يرفضون وجود حكومة فيها حميدتي، ويطالبون بالتحقيق في دوره في دارفور، وقتل المعتصمين في 3 حزيران/ يونيو، مستدركة بأن هناك مدنيين، بينهم أعضاء تجمع المهنيين السودانيين، يدعون لأن تكون الأمور عملية، وتشكيل حكومة تضم حميدتي.
وتختم "فورين بوليسي" تقريرها بالإشارة إلى أن هدسون يرى أن استمرار تدخل العسكر في مستقبل السودان هو وصفة للكارثة، وقال: "فكرة جلب المجلس العسكري الانتقالي، أو قوات الردع السريع، الاستقرار للسودان، هي فكرة مجنونة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
بوليتكو: ما هو دور الكونغرس لوقف العنف في السودان؟
FP: هذا هو الحل الأمثل للحفاظ على آمال الديمقراطية بالسودان
فايننشال تايمز: هكذا يتم سحق أحلام الحرية بشوارع الخرطوم