أنهى مؤتمر هرتسيليا الإسرائيلي السنوي التاسع عشر أعماله، وسط حضور شخصيات سياسية وعسكرية بارزة، وكان لافتا مشاركة السفير المصري في تل أبيب، ومسؤولين أمريكيين. وقدم المشاركون
ما اعتبروه تشخيصا لواقع الدولة، واستشرافا لتحدياتها المستقبلية، داخليا وخارجيا، وقد تابعت "عربي21" أعمال المؤتمر خلال أيامه الثلاثة، وخرجت بأهم الاستخلاصات التالية:
ركز المؤتمر الذي ينظمه معهد السياسات والإستراتيجية في المركز متعدد المجالات بهرتسيليا أعماله هذا العام على مسائل الأمن القومي، وطرح أسئلة من قبيل: هل تنتصر إسرائيل في الحرب القادمة؟ هل توجد تصدعات في الإجماع الأمريكي حول دعم إسرائيل؟ هل تجاوزنا نقطة اللاعودة نحو قيام الدولة الواحدة؟
كما ناقش المؤتمر عددا من التحديات الإقليمية والدولية التي تواجه إسرائيل، مثل إيران، وإمكانية أن نعيد الجني إلى القمقم، والنزاعات القائمة بين القوى العظمى، وهل تصبح روسيا مستقبلا حليفا أم منافسا في تدخلاتها الإقليمية المتزايدة في الشرق الأوسط؟ وكيف تؤثر التغيرات الحاصلة في القارة الأوروبية على إسرائيل؟
وتناول المؤتمر التحديات الداخلية التي تواجه المجتمع الإسرائيلي، منها: هل انتهى عهد دولة القانون والديمقراطية في إسرائيل؟ كيف يمكن مواجهة الشروخ الداخلية بين الإسرائيليين؟
دولة غير ديمقراطية
البروفيسور أوريئيل رايخمان، رئيس ومؤسس معهد هرتسيليا، قال إنه "عشية دورة انتخابية إسرائيلية ثانية خلال نصف عام، يبدو أن المنظومة السياسية والحزبية الإسرائيلية تعيش حالة فوضى غير مسبوقة في تاريخ الدولة، ما سيترك آثاره السلبية في كل الجبهات: الداخلية والخارجية".
وأضاف أن "الفوضى السياسية التي تعيشها إسرائيل سندفع أثمانها باهظة، ولن تبقى حبيس المكاتب الحكومية، وإنما سيتضرر منها كل مواطني الدولة، فضلا عما يتسبب بأضرار لنا نحن في المعهد الذي يعمل على تأهيل قيادات مستقبلية لإسرائيل".
السفير المصري في إسرائيل، خالد عزمي، قال إننا "نعيش بمنطقة مشتعلة، ويجب العثور على مسارات جديدة للتعامل مع التحديات المختلفة القائمة اليوم، نحن نواجه تهديدات إرهابية تنتعش في الدول التي انهارت مثل سوريا واليمن والعراق وليبيا، ولن نسمح لهذه التهديدات وسواها من الجهات بأن تهدد مواطنينا والمنطقة، نريد شرق أوسط آمنا من هذه التهديدات، ولا نمنح مجالا للتطرف الديني أو تهديد الإرهاب أو السلاح النووي".
رئيس الدولة، رؤوفين ريفلين، قال إنني "أخشى مثل كل المواطنين أن أحيا في دولة غير ديمقراطية، يجب على الكنيست أن يتفهم هذه المخاوف. أما التهديدات الخارجية، فإن ما يجري في قطاع اليوم قد ينتقل للضفة الغربية، لا نستطيع حل الصراع مع الفلسطينيين على أسس حق العودة والقدس وغور الأردن، لكن يجب علينا الجلوس معا، والتحدث مع بعضنا، وأن نفهم أننا جميعا نعيش في مكان واحد".
رئيس جهاز الموساد، يوسي كوهين، استفاض في الحديث عن التهديد الإيراني، سواء من خلال البرنامج النووي، أو زيادة النفوذ الإقليمي، لكنه تطرق لدور الموساد في البحث عن فرص إيجابية في المنطقة.
وأعلن كوهين أن "الموساد أنشأ وحدة جديدة خصيصا لزيادة تأثيره في التوصل إلى اتفاقات السلام في المنطقة، ويسعى لتشخيص فرص نادرة للتوصل لتفاهمات إقليمية تحقق السلام الشامل، فربما تفتح نافذة الفرص مرة واحدة".
الجنرال بيني غانتس، زعيم حزب أزرق-أبيض، القائد السابق للجيش الإسرائيلي، قال إن "نظرية الردع الإسرائيلية تبدلت معاييرها في الآونة الأخيرة؛ بسبب التردد الذي تبديه إسرائيل في استخدام قوتها الهجومية؛ لأن السلوك الميداني يؤثر سلبا على الأمن الإسرائيلي، لا سيما على سكان غلاف غزة الذين يواجهون منذ عامين تهديدات أمنية".
وأضاف أن "الأضرار لم تتوقف عند غلاف غزة، وربما تمتد لجبهات ومناطق أخرى، فالإيرانيون يتعقبون هذه السياسة جيدا؛ لأن الضعف الذي تبديه إسرائيل برئاسة نتنياهو أمام حماس في غزة يبعث برسائل للجهات الأخرى في المنطقة، لا سيما عدم جاهزيتها لاستخدام القوة التي تحوزها".
5 سنوات دون حروب
الجنرال غادي آيزنكوت، رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي السابق، قال إن "قطاع غزة فيه مليونا إنسان، وفي الضفة الغربية 2.8 مليونا، جميعا باتوا يرون الهجمات المسلحة هي الطريق الأساسية لتحقيق الحقوق السياسية والدينية والاجتماعية، ما يجعل التحدي والإستراتيجية أمام إسرائيل معقدة جدا".
وأضاف أنه "بعكس ما هو حاصل في جبهات أخرى تواجهها إسرائيل، فإن القضية الفلسطينية أكثر تعقيدا. بعد الجرف الصامد في غزة 2014، حققنا ردعا استمر ثلاث سنوات ونصف، حتى بدأت المسيرات الشعبية على حدود القطاع".
وأوضح أن "السنوات الخمس الأخيرة عاشتها إسرائيل دون حروب، صحيح قد لا تكون هناك حروب علنية، لكننا خضنا أخرى سرية من قبيل المعركة بين الحروب، ربما نصل لمعركة ما، لكنها تحتاج تقييمات عميقة ومنطلقات سليمة".
علاقات مذهلة
الجنرال عاموس غلعاد، رئيس الدائرة السياسية والأمنية بوزارة الحرب السابق، الرئيس الحالي للمؤتمر هذا العام، قال إن "الولايات المتحدة اليوم عاقدة العزم على منع إيران من حيازة سلاح نووي، والطريق الوحيدة لتحقيق ذلك هي حرمانها من هذه القدرات، مع العلم أنه لا توجد دولة عربية موافقة على امتلاك إيران سلاحا نوويا؛ لأنه في حال امتلكته فإن تلك الدول قد تسارع لحيازته أيضا".
وأضاف أنني "لا أتخيل أمنا قوميا لإسرائيل دون الولايات المتحدة، لكننا نحتاج تخطيطا سليما، حتى في ظل وجود ترامب أكبر أصدقائنا، ويجب عمل كل شيء من أجل بقاء استقرار الأردن، كما أن عدم لقاء رئيسي أركان الجيشين المصري والإسرائيلي، علانية وأمام الإعلام منذ أربعين عاما، هو أيضا رسالة".
وختم بالقول إننا "افتتحنا علاقات مذهلة مع العديد من الدول العربية، لكن لن يكون هناك سلام معها من دون الفلسطينيين، فالدول العربية لن تخونهم، والأجهزة الأمنية الإسرائيلية لا تنجح حتى الآن في التنبؤ بالأحداث المتوقعة في العالم العربي، وإلى أي حد سيبقى مستقرا".
أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب إسرائيل بيتنا، وزير الحرب السابق، قال إن "إسرائيل تدفع الأموال إلى غزة مقابل إشعالها الحرائق في حقول مستوطنات غلاف غزة، وكأن نتنياهو بذلك يمول إطلاق الصواريخ".
وأضاف أن "السلطة الفلسطينية كسلطة ومنظومة لم تعد قائمة، فما هو موجود حماستان وفتح لاند، اليوم لو أقيمت انتخابات في الضفة الغربية، فإن حماس ستنتصر بكل تأكيد، الانهيار الأمني في الضفة الغربية أكثر خطورة من نظيره بقطاع غزة، حماس أثبتت للفلسطينيين أن الطريق المثلى للتعامل مع إسرائيل هي القوة".
وزير إسرائيلي: الفلسطينيون يرفضون بيع تطلعاتهم بأموال أمريكا
تقديرات إسرائيلية: الضفة على موعد مع الانفجار القادم
إسرائيل تمحو القوس الذهبي من صورة لقبة الصخرة (شاهد)