نشر موقع "لوبلوغ" مقالا للخبير في شؤون الشرق الأوسط توماس ليبمان، تحت عنوان "مأزق محمد بن سلمان في اليمن".
ويشير ليبمان في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن قرار الإمارات العربية المتحدة سحب معظم قواتها التي تقاتل المتمردين الحوثيين في اليمن لن ينهي النزاعات المتعددة في ذلك البلد غير السعيد، لافتا إلى أن ذلك الانسحاب قد تكون له تداعيات على العلاقات بين الإمارات وشريكتها الإقليمية الأهم السعودية.
ويقول الكاتب إن "السعودية، متمثلة بشخص ولي العهد محمد بن سلمان، ملتزمة بالحرب ضد الحوثيين، وعادة ما تقدم على أنها زعيمة (التحالف) وتقوم بعملية طويلة، لكن الإمارات هي التي قامت بمعظم العمليات القتالية على الأرض، فيما ركز السعوديون على الغارات الجوية".
ويلفت ليبمان إلى أنه "حتى بوجود الإمارات، فإن السعودية لم تكن قادرة على تحقيق أهدافها التي تدخلت من أجلها في اليمن قبل أربعة أعوام، ولا يزال السعوديون ملتزمين بالحملة، لكنهم يفتقدون الوسيلة المهمة لشنها".
ويورد الموقع نقلا عن المسؤولين الإماراتيين، قولهم إن قرارهم الانسحاب كان محلا للنقاش منذ مدة طويلة، وبأن السعوديين تفهموا هذا القرار، فيما لم يصدر عن السعوديين ما يفيد العكس، على الأقل في تصريحاتهم العامة.
ويستدرك الكاتب بأنه من الصعب تجنب الاستنتاج بأن الانسحاب الإماراتي ترك السعودية في موقف ضعيف، مشيرا إلى أن تقريرا لصحيفة "نيويورك تايمز" قال بوضوح إنه "في الوقت الذي قاتل فيه السعوديون في الحرب من الجو، إلا أن الإماراتيين الذين تعلموا من تجاربهم في الحرب إلى جانب الجيش الأمريكي في أفغانستان وأماكن أخرى قادوا عمليا كل تقدم ناجح، وخلف الكواليس قام الضباط الإماراتيون والأسلحة والمال بدور حيوي في الحفاظ على الفصائل اليمنية المتشرذمة والمعادية لبعضها، وهي ذاتها التي تتنافس الآن على ملء الفراغ الإماراتي، وأضعف الانسحاب الإماراتي السعوديين، ورفع الكلفة على الأمير محمد في أي مفاوضات محتملة لإنهاء هجمات الحوثيين".
ويجد ليبمان أنه "مهما يكن، فإن السفير الأمريكي السابق في اليمن جيرالد فييرستين قد توقع استمرار السعوديين في حملتهم مهما فعل الإماراتيون أو الولايات المتحدة، والسبب هو عدم وجود خيار أمامهم، ويتعامل السعوديون مع الحرب في اليمن على أنها ضرورة وليست حربا بالاختيار، وبهذه الطريقة أقنعوا الرأي العام السعودي، وهم ليسوا مستعدين للتسامح مع وجود قوات مدعومة من إيران على الحدود الجنوبية، خاصة بعد إطلاق الحوثيين الصواريخ على المطارات والمدن السعودية".
وينوه الكاتب إلى أن الإماراتيين لم يبدوا حتى أيار/ مايو، عندما التقى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي جون بولتون، وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، أي إشارة إلى الانسحاب من القتال ضد الحوثيين أو الحرب الأخرى ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة وسط اليمن.
وينقل الموقع عن ابن زايد، قوله: "ترحب الإمارات بالتعاون مع الولايات المتحدة في اليمن من أجل مواجهة الحوثيين الذين تدعمهم إيران، وجماعة القاعدة الإرهابية، التي شنت عدة هجمات ضد المواطنين والمصالح الأمريكية".
ويورد ليبمان نقلا عن الإماراتيين، قولهم الآن إنهم يريدون إعادة نشر قواتهم في بلادهم في حال تعرضت لعدوان من إيران، التي حشرت في الزاوية بسبب العقوبات التي فرضتها أمريكا وشلت اقتصادها، وتقوم بالرد على حلفاء أمريكا وشركائها، مشيرا إلى قول الإماراتيين إنهم دربوا قوات يمنية كافية لتحمل العبء الذي كانت تقوم به.
ويؤكد الكاتب أنه "في الوقت الذي دعم فيه السعوديون والإماراتيون جماعات مختلفة في الحرب اليمنية المعقدة، إلا أنهما عملتا جنبا إلى جنبا في المنطقة، وليس فقط في مواجهة إيران، فولي العهد الإماراتي محمد بن زايد كان المعلم والمدرب لولي العهد السعودي، وتعاونا معا على حصار قطر إلى جانب مصر والبحرين، وكانا الممولين الرئيسيين والداعمين لنظام عبد الفتاح السيسي".
ويفيد ليبمان بأن "حصار قطر، مثل حرب اليمن، لم يفشل فقط في تحقيق هدفه المتمثل في إجبار قطر على التخلي عن جماعة الإخوان المسلمين، بل إنه دفع قطر إلى تعاون اقتصادي أوثق مع إيران، ولم تغلق قطر القناة الإخبارية (الجزيرة)، أو تطرد القوات التركية، كما طالب السعوديون والإماراتيون".
ويذكر الكاتب أن "الحصار أثر على العلاقات العائلية والرحلات الجوية، لكن قطر استطاعت التكيف بسرعة، واستبدلت المنتجات التي كانت تشتريها من السعودية بالمنتجات الإيرانية والتركية، وواصلت تجارة الغاز المربحة، وكان النجاح الوحيد للحصار هو التفكيك الكامل لمنظومة مجلس التعاون الخليجي وشلها، وهي التي تضم ست دول خليجية، والتي كانت تعمل على تعزيز التعاون والاندماج بين دول الخليج، وبذلت عمان والكويت جهودهما لرأب هذا الصدع، لكنهما لم تحققا أي نجاح".
ويشير ليبمان إلى أن تسعة أشهر مرت على دعوة بومبيو لنهاية حرب اليمن، وقال إن الولايات المتحدة "تدعو الأطراف كلها لدعم المبعوث الدولي مارتن غريفيث للتوصل إلى حل سلمي للنزاع في اليمن، يستند إلى المرجعيات المتفق عليها، وحان الوقت الآن لوقف الأعمال العدوانية، بما في ذلك الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ونهاية غارات التحالف على المناطق الآهلة بالسكان في اليمن".
ويلفت الكاتب إلى أن غريفيث حاول التوصل إلى صيغة سلام لكنه فشل؛ لأن الأطراف المتحاربة لم تشعر بالتعب إلى درجة تدفعها للبحث عن سلام، مشيرا إلى أن "الجانب السعودي أضعف الآن وربما اضطر للبحث عن حل لحفظ ماء الوجه".
ويقول ليبمان إنه "بعد أربعة أعوام على حرب كان من المفترض أنها سريعة ضد الحوثيين، فإنه لا يوجد دليل على أن السعوديين نفد صبرهم، وهذا بسبب الخسائر القليلة التي تكبدها الجيش السعودي، وقام الإماراتيون والآلاف من الجنود السودانيين بالعمليات القتالية على الأرض، وبحسب المحللين، فإن الطيارين السعوديين يحلقون على مستويات مرتفعة لتجنب إطلاق النار، ما يؤدي، ولسوء الحظ، لأخطاء في إصابة الهدف".
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "ربما لن يؤدي الانسحاب الإماراتي إلى خرق واسع في العلاقات بين المحمدين، لكن إن حدث ذلك فإنه قد يجبر ولي العهد العنيد لإعادة ترتيب مواقفه في المنطقة، فإن لم يجد محمد بن زايد ليعتمد عليه، فعلى من سيعتمد؟".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
نيويورك تايمز: كيف ورّط انسحاب الإمارات ابن سلمان باليمن؟
NYT: لماذا يعد انسحاب الإمارات ضربة للجهود السعودية باليمن؟
WSJ: الإمارات بدأت عملية الانسحاب من اليمن.. ما الأسباب؟