كلّف رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، هيئة النقل العام بتقييم أراضيها كافة من أجل بيعها واستغلال ثمنها في سداد ديونها والمستحقات التي عليها للحكومة.
وطالب، خلال اجتماع لاستعراض أوضاع هيئة النقل العام بالقاهرة الكبرى، الأحد، بضرورة اعتمادها على مواردها في التشغيل والصيانة، وليس على دعم "وزارة المالية".
وفي تصريحات لـ"عربي21"، حذر خبراء في النقل والمواصلات ومحللون اقتصاديون من مغبة قرار الحكومة الجديد ببيع أراضي هيئة النقل، وحرمانها من دعم "المالية"؛ ما يعني زيادة أسعار النقل، وتحميل المواطن عبء التطوير المزعوم.
وتساهم الهيئة في نقل نحو مليون ونصف المليون راكب يوميا، من خلال 3 آلاف أتوبيس، تسير في نحو 350 خطا، بإجمالي أطوال 7600 كم، عبر 24 جراجا، و156 محطة نهائية، و4 آلاف محطة عابرة.
وتشمل القاهرة الكبرى محافظات الجيزة والقاهرة والقليوبية، وتمثل نحو خمس سكان مصر، ويعمل بهيئة النقل العام نحو 28 ألف شخص في وظائف متخصصة وحرفية.
ومن المقرر أن تذهب أموال بيع أراضي الهيئة لسداد ديون بنك الاستثمار القومي (حكومي)، بالإضافة إلى العمل على استثمار العائد من هذه الأراضي في تطوير عمل الهيئة، وتحديث الأسطول، وفق بيان الحكومة.
مخطط لا خطط
وكشف عضو لجنة النقل والمواصلات بالبرلمان المصري السابق، المهندس محمد فرج، أن "خسائر هيئة النقل العام في القاهرة الكبرى بلغت العام الجاري 260 مليون جنيه، بعد أن تلقت وهيئة نقل الركاب بالإسكندرية دعما من الحكومة لتقليل عجز الخسائر، متسائلا: "فكيف تترك الحكومة هيئة النقل بالقاهرة دون دعم، وتطالبها بتدبر أمرها؟".
اقرأ أيضا: المصريون يدفعون من جيوبهم ضريبة الاقتراض من النقد الدولي
وأضاف لـ"عربي21": "في ظل الحالة المتردية لهيئة النقل العام، المفترض أن تقدم الدولة الدعم اللازم للهيئة، والتي تقوم بدورها بحصر الواقع الخاص بها من حافلات ومعدات وورش، ووضع خطة طموحة لتطويرها وإصلاحها لا طرح أصولها للبيع لتقديم خدمة مميزة للمواطن تليق به".
وحذر من أن "ترك الهيئة للاعتماد على نفسها سيجعلها ترفع أسعار التذاكر دون تحسين مستوى الخدمة، وتترك الهيئة في مواجهة مع الناس، ما يعني زيادة خسائرها"، مشيرا إلى أن "الهيئة تحتاج إلى تحديث وتطوير لا بيع".
ورأى أن "على الحكومة التراجع عن خططها ببيع أراضي الهيئة، واستبدال خطة عاجلة بها لتطوير هيئة النقل بهدف تقديم خدمة جيدة تحفز المواطنين على قبول زيادة أي أسعار مستقبلية؛ لأن بيع الأصول لن يحل الأزمة بل يسكنها لحين".
تنصل الحكومة
بدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي، أحمد ذكر الله، قرار الحكومة المصرية تنصلا من مسؤولياتها، قائلا: "أصبح منهجا واضحا للدولة التنصل من مسؤولياتها تجاه المواطنين، سواء برفع أسعار الخدمات المقدمة لهم، أو بعرض تلك الخدمات للخصخصة ليقوم بها القطاع الخاص ويسعر الخدمة بالسعر الذي يراها".
مضيفا لـ"عربي21": "كما دأبت الحكومة خلال الفترة الماضية على استسهال بيع أصول الدولة لسداد ديون الشركات والمصانع الحكومية، وبدلا من أن تبذل الدولة مجهودا لإعادة استغلال تلك الأصول والمصانع والشركات وتحسين إنتاجيتها ووسائل إدارتها لجأت لبيعها".
وتابع: "وطبقا للمنهج ذاته، ترفع الحكومة يدها عن شركة النقل العام، وبدلا من فتح مسارات موازية للقطاع الخاص في مجال النقل العام والاستفادة من الرسوم التي سيدفعها القطاع الخاص للسماح له بتقديم الخدمة في سداد ديون شركات النقل، استسهلت الحكومة كالعادة، وأعلنت أنها بصدد بيع أصول تلك الشركات لسداد الديون المتراكمة عليها في توطئة للخصخصة الكاملة خلال الفترة القادمة".
تفريط لا تطوير
وشكك المحلل الاقتصادي، محمد السيد، في نوايا الحكومة المصرية، قائلا: "في إطار سعيها لرفع الدعم عن كافة الخدمات، ومنها المواصلات، تسعى حكومة الانقلاب إلى التخلص من هيئة النقل العام بالقاهرة، وبيع أصولها".
اقرأ أيضا: بهذه الطريقة تدعم الحكومة المصرية احتكار الجيش لسوق الأغذية
أوضح لـ"عربي21" أن "الكثير من الأصول، الورش والأراضي، تقع في مناطق إستراتيجية وحيوية كميدان التحرير، والعتبة، والمنيب، والجيزة، وهذه الأماكن الحيوية في قلب القاهرة ارتفع فيها سعر متر الأرض أضعاف ما كانت عليه قبل عقود".
مشيرا إلى أن "من يدير المنظومة بالكامل في وزارة المواصلات الآن هو اللواء كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة السابق، والحديث عن تطوير القطاع ذاتيا مجرد كلام، وخير مثال على ذلك السكة الحديد التي ما زالت كمرفق حيوي يعاني من نقص شديد في الإمكانيات، رغم ارتفاع أسعار تذاكر الركاب عدة مرات بما لا يتناسب مع الخدمة المقدمة".
وحذر السيد من بيع "الأراضي والورش إلى مستثمرين كالعادة، ومن ثم تولي القطاع الخاص المهمة في تطوير الهيئة أو الحلول مكانها، وبالتالي رفع أسعار الخدمات"، لافتا إلى أن "الحكومة لديها عجز كبير في الميزانية يتفاقم عام بعد عام، فلا ينتظر أن تنفق أي أموال على مرفق النقل العام بالقاهرة".
لماذا انتقد سياسيون واقتصاديون مقر حكومة السيسي الصيفي؟
لهذه الأسباب يسعى السيسي لمنع المصريين من دخول جنوب سيناء
ما حقيقة طرد مصر عددا من المشجعين الجزائريين (شاهد)