طرحت حملة "وطن للجميع" المصرية مؤخرا، مبادرة للإصطفاف الثوري تدعو فيها إلى الالتقاء على أرضية يناير، وهو ما أكدت عليه الحملة وقياداتها من خلال طرحهم للمبادرة عبر وسائل الإعلام المختلفة، في محاولة منها لاستعادة الوحدة بين الصف الثوري لمواجهة استبداد وقمع النظام المصري.
وشملت المبادرة نقاطا عدة منها: أن
ثورة يناير هي الثورة الحقيقية، وصياغة دستور مدني، وعودة الجيش إلى ثكناته، ومشروع
للعدالة الانتقالية، وسيادة الشعب، وغيرها من النقط الأخرى.
ورغم ما جاء في المبادرة من نقاط مهمة،
إلا أن هناك تحفظات على إمكانية نجاحها والتخوف من أن تلقي نفس مصير المبادرات الأخرى،
سواء بسبب الخلافات الحادة في الصف الثوري في الفترة الحالية، أو عدم إمكانية
بلورة ما جاء بها في الواقع، أو بسبب الظروف الصعبة داخل مصر في هذه الفترة أو عدم
مراعاة بعض الأمور، التي من شأنها أن تغضب بعض التيارات الأخرى، خاصة في ما يتعلق
بالهوية المصرية.
من جانبها، قالت سوسن غريب من قيادات "وطن للجميع" إن الغرض من هذه الوثيقة مناقشة مشروع ثوري جامع، يضم تصورا محدد الخطوات من أجل
استكمال ثورة 25 يناير، وتقديمها للشعب المصري كمشروع مقترح يهدف إلى بلورة مبادئ
أساسية، للتوافق الوطني بين مختلف القوى الوطنية للوصول إلى ديمقراطية حقيقية،
وليس شكلية، و ضمان بناء آلية عملية تضمن التنافس السلمي والعادل، بين مختلف
التوجهات في إطار العملية السياسية.
اقرأ أيضا: هكذا تضامن مصريون مع عصام سلطان بعد 6 سنوات على اعتقاله
وأضافت غريب في تصريحات صحفية أن "هذه
الوثيقة بدأت فكرتها منذ فترة طويلة واستغرق إعداد مشروعها وقتا طويلا وتم بلورتها
من خلال ورشة العمل، التي تم عقد مناقشاتها لمدة ثلاثة أيام متصلة، وتمثل الصياغة
النهائية للوثيقة التي تم التوافق عليها مشروعا وطنيا جامعا حيث تمثل النقطة الأولي
في المبادرة جوهرها، والتي تعتبر ثورة يناير هي الثورة الحقيقية ويظل شعارها العيش
والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية هو الأساس لكل سياسات مستقبليّة".
وتابع: "إضافة لمواد عدة أخرى
منها السيادة للشعب وإليه، من حيث اختياره الحر لمن يحكمه، فضلا عن مشروع دستور
مدني ووضع استراتيجية للعدالة الانتقالية وتعويض كل متضرر وكذلك، الإفراج عن كافة
المعتقلين السياسيين وأصحاب الرأي وعودة الجيش إلى ثكناته، وأن الهوية المصرية هي
الجامعة والإيمان بالتنوع والتعدد في إطارها، وكذلك عدم تدخل الدولة في الدين وعدم
تدخل المؤسسات والمنظمات الدينية فىي الدولة، سواء كانت مثل هذه المؤسسات
والمنظمات رسمية أو غير رسمية، مع تجريم استغلال الدين بغرض الحصول على أي مكاسب
سياسية أو حزبية".
وفي تعليقه على هذه المبادرة، يقول الكاتب الصحفي خالد الشريف
أحد قيادات حزب البناء والتنمية إن "أي دعوة للاصطفاف والوحدة على أرضية يناير بالتأكيد شيء طيب، ولا يختلف عليه أحد من
معسكر الثورة، نحن مع يناير التي تحترم إرادة الجماهير وهوية المجتمع بكل اتجاهاته".
واستدرك قائلا: "لا يمكن إغفال
هوية المجتمع المصري المتجذر فيه الإسلام، حيث كان ميدان التحرير يصلى فيه
الصلوات الخمس وصلاة الجمعة والإخوة المسيحيين جزء من الثورة، كانوا يؤدون طقوسهم، ورأينا
هاني حنا عزيز يقود قداس الأحد في ميدان التحرير، فالتسامح الديني كان سمة غالبة
على أجواء الثورة".
ويبدي الشريف في تصريحات خاصة لـ"عربي21"
تحفظه على المبادرة في ما يخص مسألة الدين والدولة والفصل بينهما، ويراه إبعادا
للهوية الإسلامية لمصر، خاصة الفقرة التي تقول بعدم تدخل الدولة في الدين وعدم
تدخل المؤسسات والمنظمات الدينية في الدولة، مؤكدا أن "المشكلة هي، أن الاستبداد
يستغل الدين لضرب الثورة وترسيخ سلطته، و نحن نسعى لتحرير الدين من السلطة".
اقرأ أيضا: هكذا طبق السيسي التعديلات الدستورية بحق قضاة مصر
ويكشف الشريف عن عدم تفاؤله بتفعيل المبادرة والتجاوب معها بقوله: "لا أظن أن يتم التجاوب مع مثل تلك
المبادرات، التي أثارت حفيظة كل الإسلاميين وحتى الليبراليين، لأن احترام هوية
الشعب المصري وجذوره الإسلامية شيء هام وأساسي في أي مبادرة".
أما أمل علي القيادية بـ"جبهة حماة الثورة" فترى أن
أي مبادرة على أرضية يناير لا يمكن رفضها من حيث المبدأ، ولكن المهم في التفاصيل
والنقاط التي تتضمنها المبادرة، ومدى مراعاتها لكافة الأفكار والرؤى للكيانات
والحركات التي شاركت في ثورة يناير، حيث تعدد وجهات النظر وآليات التعامل مع
الواقع، خاصة في ظل هذه الظروف مع مراعاة أن المبادرات غالبا ما تكون من الخارج وإلى
الداخل والطرح من الخارج لا يكون التجاوب معه داخليا بالقدر المطلوب".
وتشترط أمل علي في تصريحاتها لـ"عربي21"
لنجاح هذه المبادرة أو غيرها، ضرورة تفعيل بنودها في الواقع وقناعة الأطراف
المختلفة بما جاء بها، والنقطة الأهم مدى استعداد هذه الأطراف لتقديم
التنازلات عن المصالح الضيقة وصولا
للمصلحة العامة.
وأردفت: "خاصة أن الأجواء
الحالية ليست على ما يرام سواء من حيث صفاء الأجواء بالداخل أو بالخارج، وزيادة
الهوة بين الأطراف المختلفة، فضلا عن ظروف مصر الحالية، وبالتالي فإن الأجواء العامة
لا تدعو للتفاؤل، ولكن إذا كانت هناك رغبة حقيقية فإنه يمكن التوافق والاصطفاف،
والاستفادة من التجارب السابقة، سواء من خلال هذه المبادرة أو غيرها".
تعرف على معاناة "عنابر التأديب" في السجون المصرية
تقرير حقوقي يطالب بتحقيق دولي في وفاة مرسي
مصر تفرج عن 6 فلسطينيين من غزة بعد اعتقال لسنوات