عندما سئل رئيس حركة "النهضة" التونسية عن مغزى ترشيح حركته مرشحا للرئاسيات لأول مرة في تاريخها، ومرشحا إسلاميا (نسبة للإسلام السياسي) لأول مرة في تاريخ تونس، أجاب بالتعبير التونسي: "ماناش كيف خلق ربي يكون عندنا مرشحنا؟".
قطيعة مع الاستبعاد
كانت الإجابة تتضمن احتجاجا عميقا على نظرة تقليدية تستبعد الإسلاميين عن المنافسة في مثل هذه المواقع، وتعبيرا عن الحاجة بأن يتم النظر "للنهضة" مثل غيرها، والمساواة مع غيرها من الأحزاب السياسية التونسية. هذا الاحتجاج ليس موجها في الحقيقة لمن هم خارج "النهضة" فقط، بل موجه أيضا وخاصة "للنهضة" نفسها، ورئيسها نفسه أيضا.
ليس من المبالغة القول، إن أحد الموجهات الرئيسية لسلوك حركة "النهضة" منذ الضربة القمعية التي تعرضت لها مطلع تسعينيات القرن الماضي إلى الآن كان الرهاب والخوف من الاستئصال. حتى المرحلة القصيرة التي شعر فيها الإسلاميون بالاعتداد والتفوق تم اتهامهم، عن حق في أكثر الأحيان، بمحاولة التغول في مرحلة ما بعد انتخابات تشرين أول (أكتوبر) 2011، وكانت مناسبة أخرى للشعور بالعزلة والرهاب من الاستئصال.
فرض ذلك تركيبة مزدوجة تتعالى عن ظروف السرية والعلنية قبل الثورة وبعدها، تركيبة تطرح خطابا علنيا متماهيا تماما مع حاجات الانسجام مع مشاعر التخوف من الاستئصال، مقابل رغبات وحاجات طبيعية، منسجمة مع التركيبة الواسعة والقوية للتنظيم. خلق ذلك تضاربا وقلقا دائما، لكنه قلق لم يمنع من قناعة القواعد والقيادات أيضا أن من حق "النهضة" أن ترشح وتنتصر.
كان هذا الإطار البسيكولوجي الذي تم فيه اتخاذ قرار ترشيح الشيخ / الأستاذ عبد الفتاح مورو إلى رئاسة الجمهورية منتصف الأسبوع الماضي، في قرار مفاجئ بعض الشيء، سبقه ارتباك وأخذ ورد وتعليق لأشغال مجلس الشورى لأيام، وأجواء انقسامية داخل "النهضة"، خاصة إثر معركة إعداد القائمات التشريعية.
أفق جديد للإسلاميين
تم فتح أفق جديد في تحدٍّ لأحد مسلمات المشهد التونسي، أي مسلمة "النهضة" غير معنية بواجهة السلطة والدولة.
ليس من الصدفة أن المدخل الذي تم اختياره لهذا الأفق شخص غير نهضوي تماما. يفرض مورو صورة الشيخ بلباسه التقليدي بلا شك، الذي كان الجميع ينظر إليه بداية السبعينيات، عند انتشار موضة الهيبي واللباس غير التقليدي بين الشباب التونسي، كان يتم النظر إليه كشخص معزول. حتى داخل "النهضة" يبدو هذا اللباس معزولا وغير سائد، فهو مختلف حتى في مشيخته واللباس الدال على ذلك في الإطار المشهدي النهضوي، الذي يميل أكثر لنموذج البنا وسيد قطب، أي اللباس الغربي المخفف وغير الباذخ، وتجنب العمامة والجبة.
عبد الفتاح مورو يمثل هوية وخطابا وخلفية اجتماعية مناطقية استثناء داخل السائد النهضوي
الخطة تبدو على الأرجح: حشد أكبر ما أمكن من القاعدة الانتخابية "للنهضة" في الدور الأول للرئاسية والتشريعية
الحاجة إلى بناء سياسة خارجية استقلالية في تونس
حركة النهضة وفتنة الانتخابات الرئاسية