مقالات مختارة

تغير في السياسة الإسرائيلية

1300x600

لأول مرة يعلن الجيش الإسرائيلي عن مهاجمة أهداف إيرانية في سوريا وذلك في سياق تقويض التموضع الإيراني في سوريا. ولعل هذا الإعلان بالهجوم لم يخطر على بال المراقبين، ما يطرح سؤالا مشروعا يتعلق بحقيقة تغير إسرائيل في سياسة مواجهتها لما تراه خطرا إيرانيا. 


لا بد من القول بأن رئيس الوزراء الحالي نتنياهو يفكر مليّا في مستقبله السياسي وبخاصة والانتخابات الإسرائيلية باتت على الأبواب، بمعنى أن نتنياهو يستفيد سياسيا من التوتر مع إيران وهو بالتالي يحاول توظيف الضربة العسكرية انتخابيا، فاللعب على مخاوف الناخب الإسرائيلي يدفعه باتجاه اليمين وهنا يستفيد نتنياهو وحزبه في الانتخابات القادمة. فنتنياهو الذي يواجه لائحة اتهامات قد تضع حدا لمستقبله السياسي يرى بالتوتر الذي يخيف الناخب الإسرائيلي عاملا هاما لتعزيز فرصه بالانتخابات القادمة ما يعني أن في ذلك فائدة مباشرة لنتنياهو في مواجهة لائحة الاتهامات.


لكن في سياق متصل ما تقوم به إسرائيل ضد إيران في سوريا ليس جديدا، وهو استمرار لسياسة إسرائيلية تتوافق معها الولايات المتحدة من أجل تقويض الوجود الإيراني في سوريا، وهو أمر أخذ شكل الهجمات بالصواريخ والطائرات كلما كان هناك ضرورة. والرسالة الإسرائيلية لفيلق القدس باتت واضحة تفيد بأن هناك كلفة باهظة للتموضع الإيراني في سوريا وأن إسرائيل لن تصمت على الوضع الحالي حتى لو تطور إلى مواجهة عسكرية. وذهب محلل الشؤون العسكرية في صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية رون بن يشاي، إلى القول بأن المواجهة المستمرة بين إسرائيل وإيران تتوسع وأن تركيز عمليات إسرائيل ضد أهداف إيرانية في العراق دفع طهران إلى محاولة تنفيذ هجوم غير مسبوق ضد إسرائيل انطلاقا من الأراضي السورية. ويضيف بن يشاي بأن الرسالة هي لقاسم سليماني حول ما يمكن أن يحدث في المستقبل في حال تصاعدت المواجهة بين الطرفين.


لا يمكن التنبؤ بردة فعل إيران في قادم الأيام وبخاصة وأنها لم تقدم على رد على الهجمات الإسرائيلية المتكررة على مدار سنوات الأزمة السورية، وكأن إسرائيل رسخت حالة ردع باتت واضحة للجميع وهذا بدوره يطرح سؤالا مختلفا على النخب الحاكمة في طهران، فهل على سبيل المثال يمكن الاستمرار في هذه الحالة التي تمكن إسرائيل من استهداف إيران في العراق وسوريا وطهران غير قادرة على الرد؟!.


الاستقواء الإسرائيلي الأخير أيضا يأتي في سياق تضييق الخناق على طهران، فمن غير المعقول أن تفتح إيران جبهة مع إسرائيل بهذا التوقيت وهي تتعرض لشتى أنواع التضييق الأمريكي والذي يلقى قبولا عند دول خليجية رئيسية. وربما ما كانت إيران ستصمت لو أن الاستهداف الإسرائيلي جاء في سياق استراتيجي مختلف، وهذا يفسر جزئيا لماذا قامت إسرائيل بتغيير سياستها التي كانت قائمة على الغموض، فهي بالعادة لا تعلن عن مسؤوليتها عن أي استهداف لسوريا، فنتنياهو يشعر بالزهو وقواته تقصف أهدافا إيرانية في حين أن إيران تقف عاجزة عن فعل أي شيء يمكن أن يصنع الفارق.


باختصار، تبجح نتنياهو بهذه العملية وقوله بأن إيران ليس لها حصانة في أي مكان يهدف من ضمن ما يهدف إلى تعزيز صورته كرجل قوي وربما وحيد في إسرائيل يمكن له التصدي للتموضع الإيراني في سوريا، فعندما يتعلق الأمر بالأمن الإسرائيلي فإن نتنياهو يريد أن يظهر كرجل دولة حاسم. طبعا، هذا الموقف رصدته المعارضة الإسرائيلية التي ترى بأن هناك بعدا انتخابيا واضحا في الإعلان عن مسؤولية إسرائيل عن هذه الضربة وبخاصة وأنه لم يعد يفصل عن الانتخابات إلا أيام معدودة.

 

عن صحيفة الشرق القطرية

الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع