نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا لمراسلتها فيفيان يي، تحت عنوان "أسلحة وقذارة وتنظيم الدولة: المخيم السوري هو كارثة في طور الإعداد"، تتحدث فيه عن الأوضاع في مخيم الهول، الذي يحتجز فيه أطفال ونساء تنظيم الدولة.
وتبدأ يي تقريرها، الذي ترجمته "عربي21"، بالقول: "في مخيم في الصحراء في شمال شرق سوريا، علقت عشرات الآلاف من نساء وأطفال تنظيم الدولة، ولعدة أشهر، في ظروف بائسة، ودون احتمال للخروج، تقوم المتعاطفات مع تنظيم الدولة وبشكل منتظم بحرق خيام النساء اللاتي يعتقدن أنهن كافرات".
ويشير التقرير إلى أن "القتال بين المقيمات فيه أدى إلى خروج السلاح المهرب إلى العلن، فيما هاجمت بعض النسوة أخريات بالسكاكين والمطارق، وقامت نساء بطعن حراس أكراد كانوا يقودنهن، ما أدى إلى إغلاق المعسكر".
وتقول الصحيفة إن معظم النساء في المخيم يرتدين النقاب، مشيرة إلى أن بعضهن يلبسنه عن اعتقاد حقيقي، فيما ترتديه الأخريات خوفا من تعرضهن للتهديد.
وتفيد الكاتبة بأن مخيم الهول يكافح من أجل تأمين وخدمة 70 ألفا من المشردين والنازحين، الغالبية العظمى منهم من النساء والأطفال، الذين فروا من آخر معاقل تنظيم الدولة في شرق سوريا، لافتة إلى أنه مزدحم بالنساء اللاتي جردن من الأمل، والأطفال الذين يموتون عادة قبل أن يحصلوا على العناية الصحية المناسبة، وأصبح، كما يقول الباحثون والمحللون، كارثة في طور الإعداد.
وبحسب التقرير، فإن المعاناة اليومية، من المراحيض المزدحمة والمياه الملوثة، والعناية الصحية المحدودة، والتوتر المستمر بين المقيمين فيه والحرس، والمشكلات الأمنية المزمنة، أدت إلى تزايد الشعور بالمرارة والضعف.
وتلفت الصحيفة إلى أن تقريرا نشرته وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" حذرت فيه من أن تنظيم الدولة يقوم بإعادة تنظيم صفوفه في كل من العراق وسوريا، وقال إن أيديولوجية التنظيم تنتشر في المخيم دون أي مناقسة.
وتقول يي إنه "لا يمكن التأكد من عدد النسوة اللاتي لا يزلن يؤمن بأيديولوجية تنظيم الدولة، حيث نبذت العديدات أفكاره علنا، إلا أن أقلية عنيدة من أتباعه يقمن بترويع واستفزاز وتهديد، وأحيانا استخدام العنف، كما يقول عمال الإغاثة والباحثون الذين قابلوا سكان المخيم".
ويجد التقرير أن النتيجة هي سجن وليس مخيما، حيث تفوقت الأمور الأمنية على القضايا الإنسانية بشكل زاد من المخاطر، بحسب ما وصفه عمال إغاثة وباحثون للصحيفة.
وتنقل الصحيفة عن الزميلة في "فورام فور ريجونال ثينكينغ" إليزابيث تسوركوي، قولها: "العيش ضمن ظروف صعبة وتكون فيها محاطا بأشخاص متشددين جدا هو مضاد لعملية نزع التشدد"، وأضافت بعد زيارتها للمكان: "هذا مكان يمكن أن يحول أي شخص للتشدد، لكنه لا يساعد على إبعاد أي شخص عن التشدد"، إلا أن هناك قلة من سكانه كانت قادرة على مغادرته.
وتنوه الكاتبة إلى أن العراقيين يواجهون النبذ لعلاقتهم مع تنظيم الدولة، أو إرسالهم إلى معسكرات الاعتقال لو عادوا إلى العراق، الذي يقوم بإعدام الأشخاص المتهمين بكونهم عناصر في تنظيم الدولة، الأمر الذي تصفه منظمات حقوق الإنسان بأنه يتم بعد محاكمة هزلية.
ويشير التقرير إلى أن السوريين لم يعد لديهم بيت للعودة إليه، وهناك حوالي 10 آلاف من الأجانب الذين ينتمون إلى 50 دولة لا ترغب بهم حكومات بلادهم، لافتا إلى أن الأكراد الذين يديرون المخيم ناشدوا الحكومات الأجنبية بإعادة تأهيل غير السوريين، إلا أن أيا منها استجابت رغم تأكيد الأكراد أن لا قدرة لديهم على سجنهم لأمد طويل، ولم تستجب سوى دول قليلة، مثل كازاخستان وأوزبكستان وطاجكستان، فيما وافقت دول غربية على إعادة الأطفال.
وتورد الصحيفة نقلا عن الباحثة في منظمة "هيومان رايتس ووتش" سارة كيالي، التي زارت المخيم هذا العام، قولها إن سكانه في منطقة معزولة، وهم منسيون، وأضافت: "هم عالقون في مخيم في الصحراء ليس مهيأ لتوفير احتياجاتهم، وبوجود أطفال ولدوا في أسوأ الظروف الممكنة لينتهوا في مكان تكون فيه الأوضاع أكثر سوءا".
وتبين يي أن ما يزيد من إحباط النساء هو عدم معرفتهن بمصير المقاتلين، مشيرة إلى قول المسؤولين عن المخيم إنه سيتم إعادتهم لأقاربهم، أو السماح لهم بالاتصال معهم، إلا أن أمرا من هذا القبيل لم يحدث؛ لأنه ينظر إلى الاتصال على أنه يمثل خطرا أمنيا.
وينقل التقرير عن دارين خليفة من مجموعة الأزمات الدولية، قولها: "أكافح للمواءمة بين أمرين، النظر إليهم على أنهم نازحون وبشر في الوقت ذاته"، وأضافت أن "بعض النساء في المخيم مؤدلجات، والجو سانح لأنواع التثقيف العقائدي كلها للأطفال والنساء الذين لا يعرفون ماذا سيحدث لهم ولعائلاتهم".
وتقول الصحيفة إن "الكفاح اليومي لم يساعد في حل المشكلة، فالخيام تكون متجمدة في الشتاء، وتستعر حرارتها في الصيف، والمياه ملوثة، وشاهد الباحثون الأطفال يشربون من خزان تخرج من صنبوره الجراثيم، فيما أصيبت بشرة النساء والأطفال بالبثور بسبب الطفيليات".
وتكشف الكاتبة عن أن "الأوضاع أسوأ فيما يطلق عليها (الملحقات)، حيث يتم إيواء الأشخاص من غير العراقيين والسوريين، بينهم أكثر من 7 آلاف طفل، ثلثاهم من الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 12 عاما، وهناك 3 آلاف امرأة، ولا يسمح لمن وضعوا في الملحق بمغادرة المكان دون الحرس، وقيدت سطات المخيم من زيارة عمال الإغاثة إلى الملحق، ما يجعل من الصعب توفير الطعام والمياه الصحية، ونتيجة لهذا فإن الأطفال دون مدارس أو خدمات أخرى، ولا يوجد حتى ملعب".
ويورد التقرير نقلا عن المتحدثة باسم "إنترناشونال ريسكيو كوميتي" ميستي بازويل، قولها: "نخشى من أن يؤدي الحديث عن التشدد دورا في عرقلة وصول المساعدات الإنسانية"، وتضيف أن "الأطفال والأكثر ضعفا هم الذين يدفعون الثمن، ويعانون بسبب ما ينظر إليه من أفعال آبائهم".
وتذكر الصحيفة أن منظمات الإغاثة تقوم بتوسيع الخدمات في المخيم الذي يتزايد عدد سكانه، فوصل من 10 آلاف شخصا في نهاية عام 2018 إلى 72 ألف نسمة مع خسارة تنظيم الدولة آخر معاقله، مستدركة بأن الدول المانحة تخشى من دعم مخيم ينظر إليه على أنه مكان لمؤيدي تنظيم الدولة الأشداء.
وتقول يي إنه "لا يوجد في الملحق الخاص بغير السوريين والعراقيين إلا عيادتان، ولا واحدة منهما تعمل في الليل، ويجب على النساء في الملحق التغلب على عدد من العقبات قبل أن يتم تحويلهن إلى المستشفى، وعادة ما تنجب النساء في الخيم دون مساعدة طبيب أو قابلة، وتضاعف عدد وفيات الأطفال من حالات يمكن علاجها، مثل فقر التغذية والإسهال والالتهاب الرئوي، بمعدل ثلاثة أضعاف".
وينقل التقرير عن بازويل، قولها إن عدد الوفيات في الفترة ما بين كانون الأول/ ديسمبر وآب/ أغسطس وصل إلى 306 حالات، مات ثلثهم في الملحق، وهو ضعف عدد الوفيات في أماكن أخرى من المخيم.
وتؤكد الصحيفة أنه في قنوات المحادثة تبدو المظالم والغضب واضحين، وتتبادل النساء الحديث عن العنف وشائعات الترحيل ولقطات فيديو العنف، مشيرة إلى أن من الشائعات المتكررة على تطبيق "تلغرام" أن الحرس الأكراد يقومون باختطاف الأطفال وإجبارهم على الخدمة في القوات الكردية، وهي شائعات دون أي دليل.
وتبين الكاتبة أنه بسبب كون الحراس الذين يحرسون المخيم هم أنفسهم الذين قاتلوا أزواج نساء تنظيم الدولة، فإن العنف محتوم، خاصة أن معظم اللاتي جئن إليه بقين ملتزمات مع تنظيم الدولة حتى اللحظة الأخيرة، لافتة إلى قول عمال الإغاثة إن حراس المخيم عادة ما يداهمون خيام النساء في الليل، ويصادرون مواد منها، أو يقومون بنقل العائلات إلى خيم أخرى بذريعة الأمن.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه بحسب منظمة "هيومان رايتس ووتش" فإن الحراس قاموا بمصادرة المال والأشياء الثمينة، تاركين إياهن دون مال وطعام للأطفال، فيما لا يسمح للنساء في الملحق بامتلاك هواتف نقالة، رغم أن بعضهن لديهن هواتف.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
الكشف عن قاعدة إيرانية سرية على حدود سوريا والعراق (صور)
فورين بوليسي: تنظيم الدولة لم يهزم وباق لمدة طويلة
دراسات جديدة تثبت عودة تنظيم الدولة إلى ساحة سوريا والعراق