لك الله يا شعب
اليمن وأنت واقع بين شقي الرحي، فمن حاكم لا يتقن إلا ألعاب الفيديو القتالية إلى حاكم آخر شيطان له بصمة في كل انقلاب على ثورات الربيع العربي، فلم يسلم منه مصري ولا تونسي ولا ليبي، وكان آخر جرائمه المقتلة العظيمة في الجيش الوطني اليمني، والتي على إثرها قتل وجرح المئات في الغارات التي نفذتها مقاتلاته على جنود هذا الحيش.
خوف آل سعود من اليمن ليس جديداَ، فمنذ تأسيس المملكة على يد الملك المؤسس عبد العزيز كانت الوصية بأن لا يستقر حال اليمن، فاستقرار اليمن يعني المطالبة بمناطق جازان ونجران، والتي تعتبر تاريخيا أرضا يمنية، ويعني مطالبة اليمن بحقه في نفط هذه المنطقة، ويعني نهضة للشعب اليمني، وهذا ما كان ولا يزال يخشي منه آل سعود.
فتبدلت تحالفاتهم في اليمن، وكان معيار هذا التبديل ألا يصل الإسلاميون في اليمن، والممثلون بحزب الإصلاح، إلى الحكم. فقد تآمروا على الثورة اليمنية، وتحالفوا مع علي عبد الله صالح، الرئيس اليمني السابق، ضد الثورة، بل قاموا بعلاجه في
السعودية عندما تعرض لمحاولة اغتيال. وعندما فشل تحالفهم مع صالح دعموا الحوثي من أجل أن يجتاح صنعاء، وأن تكون مقتلة للإسلاميين في اليمن، كما حدث للإسلاميين في مصر.
ولكن الطرفين كانا أكثر ذكاء، فقد فوت الإسلاميون الفرصة عليهم، وفي المقابل حصل الحوثي على ما يريد واحتل صنعاء وتحالف مع علي عبد الله صالح، الصديق المنقلب على آل سعود. ولم تحصل السعودية إلا على خفي حنين، فجيشت الجيوش قبل عدة سنوات في عاصفة الحزم للقضاء على الحوثي، والذي تفاخر محمد بن سلمان بقدرته على القضاء عليه في أيام، وبدلا من القضاء عليه، أصبح الحوثي يهدد المطارات والمرافق السعودية ومنشآت النفط.
حاولت السعودية اكتساب شرعية لعملياتها في اليمن عن طريق الاحتفاظ بالرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في أحد فنادق الرياض، لشرعنة كل جرائمها في اليمن.. ما محمد بن زايد فقد كانت له حسابات أخرى، أولها: قتل الإسلاميين للتخلص من ثورات الربيع العربي، وثانيها: الاستفادة من الموانئ اليمنية بعد ما فقده من نفوذ في موانئ الصومال وجيبوتي بعد أن قامت حكوماتها بطرده من موانئها، وثالثا: الاستيلاء على ثروات اليمن، من نفط وغيره، وكذلك الاستيلاء حتى على أشجار جزيرة سقطرى، ونقل هذه الأشجار لدولته كما نقل الآثار المصرية إلى متحف اللوفر.
ولتحقيق أهدافه كان لا بد من تعزيز تقسيم اليمن، وعدم تمكين قوات الشرعية من تحقيق مكاسب ميدانية على الأرض. حتى عندما أعلن انسحابه على الأرض، ترك خلفه مليشيات عميلة سمت نفسها بالمجلس الانتقالي؛ أوغلت في دماء علماء وأئمة وجيش وأهل اليمن قتلا وتشريدا.
وعندما تمكنت قوات الشرعية من دخول عدن بعد أن استولت عليها قوات المجلس الانتقالي في أول أيام عيد الأضحى، كان الرد
الإماراتي يقصف قوات الشرعية ما خلف مئات القتلى والجرحى.
إن المتتبع للأحداث يجد أن القرار السعودي أصبح أسيرا لسياسات محمد بن زايد، وأصبحت أبو ظبي هي عاصمة القرار السعودي، وليست الرياض، مما انعكس على السياسة السعودية فأصبحت تتخبط وتسير وفق أهواء محمد بن زايد.
ولأول مرة أصبحت هناك شعوب عربية وإسلامية تهاجم السعودية، نظرا لسياسة خارجية حمقاء، سواء كان في اليمن أو ليبيا أو تونس أو الجزائر أو فلسطين أو كشمير وغيرها.
لقد آن الأوان لمراجعة حقيقية للسياسة السعودية وخاصة في اليمن، وأن تنحاز لخيار الشعب اليمني وليس لأجندات محمد بن زايد، وإلا فالسعودية تخسر يوميا من رصيدها لدى الشعوب، وقد تصل لمرحلة تندم فيها في وقت لا ينفع فيه الندم.