حملت نتائج الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية التونسية، العديد من التساؤلات، حول مسار الانتقال الديمقراطي في بلد "الربيع العربي"، خاصة مع تصدر مرشحين من خارج مؤسسات النظام.
ورغم أن حملات الدعاية كانت مكثفة وقد تابعها التونسيون بانتباه بين الفاعلين في الطبقة السياسية المتناحرة، غير أن نسبة العزوف تظهر أن عددا مهما من الناخبين اختار معاقبة السياسيين الذين لم يتوقف السجال السياسي بينهم منذ 2011 ودون تقديم حلول للوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
ويرى الباحث السياسي حمزة المدب أنّ هذا مؤشر إلى "استياء عميق ضدّ طبقة سياسيّة لم تحقّق المطالب الاقتصادية والاجتماعية"، مضيفا: "يبدو أن الاشمئزاز من الطبقة السياسية يترجم بالتصويت لمرشحين غير متوقعين".
من جهتها، توضح صوفي بسيّس أن العزوف يبرر بأن التونسيين "لا يعتبرون أن السياسيين سيتمكنون من حل مشاكلهم العميقة".
كما يقول المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي إن "التونسيين نفضوا أيديهم من السياسيين".
بينما يقول الكاتب الصحافي زياد كريشان إن "العدد الكبير من المسجلين الجدد (حوالي 1,5 مليون ناخب) لم يترجم في الواقع بالانتخاب"، وهذا "تواصل لرفض مستمر منذ 2011".
ماذا لو بقي القروي موقوفا وتأكد مروره للدورة الثانية؟
ويُرتَقب أن يطفو على السطح جدل قانوني بخصوص استمرار توقيف القروي بتهمة تبييض أموال ومنعه من القيام بحملته.
وقال مساعد الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف إبراهيم بوصلاح لوكالة فرانس برس، تعليقاً على إمكان فوز القروي "إنّها القضيّة الأولى من نوعها في تونس. يجب أن أقول هنا إنّنا (سنكون) أمام فراغ. في حال فوزه، سنكون في مأزق قانوني".
اقرأ أيضا: هل عاقب التونسيون الأحزاب في الانتخابات الرئاسية؟
ومن المتوقع ممارسة ضغوط مضاعفة على القضاء مع مطالب بإطلاق سراحه لكن حتى وإن خرج من السجن فهذا لا يعني ضرورة أن الملاحقات القضائية انتهت في حقه.
وأوضح مساعد وكيل الجمهورية "إن بقي في السجن أو تمّ إطلاق سراحه، ستتواصل المشاكل. لم يحاكم والقضية لم تُختم. بالإضافة إلى أنه إذا وصل للرئاسة، فلن يتمتع بالحصانة الرئاسية لأنها ليست ذات مفعول رجعي".
وتابع: "لا أستطيع أن أتصوّر ماذا سيحصل. يمكن فقط أن أقدم فرضيات. أعتقد أن القضاة سيواجهون ضغوطا".
وفي تقدير الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن القروي لا يزال مرشحا ما لم يصدر القضاء حكما في شأن.
ويبين عضو الهيئة محمد التليلي المنصري أن توقيف القروي "لا يمنعه من أن يكون مرشحا أو أن ينتخب رئيسا".
هل وجدت حالات مماثلة في السابق للقروي؟
نادرا ما كانت هناك حالات مماثلة لوضع القروي.
في عام 2016، ترشح هاما امادو للدورة الرئاسية الثانية في النيجر، بينما كان موقوفا منذ 2015 في قضية المتاجرة بالرضع.
وفاز في تلك الانتخابات محمدو ايسوفو في حين رفضت المعارضة الاعتراف بالنتائج.
حكم على امادو في آذار/مارس الفائت بالسجن سنة في هذه القضية وأعلن ترشحه لانتخابات 2021.
اقرأ أيضا: NYT: انتخابات تونس مؤشر جديد لحالة انتقالها الديمقراطي
ما تداعيات ذلك على المشهد السياسي مستقبلا؟
يقول مراقبون للوضع السياسي في تونس إن نتائج الانتخابات الرئاسية ستؤثر حتما على التشريعية المرتقبة في السادس من أكتوبر/تشرين الأول.
ومن المرتقب أن يجني حزب "قلب تونس" ثمار مرور مرشحه القروي للدور الثاني.
كما أن الصدمة التي أحدثها تصدر أستاذ القانون الدستوري قيس سعيّد النتائج دفع برئيس الحكومة والمرشح يوسف الشاهد إلى دعوة "الصف الديمقراطي" للاتحاد.
ومن شأن هذا الواقع الجديد أن يفضي إلى سجال سياسي ونقاشات قد تحتدم بين القوى السياسية في البلاد.
وفي تقدير الجورشي أن البلاد تتجه إلى "فتح صفحة جديدة من نقاشات جديدة حول طريقة الحكم"، مبيّنا أن "الانتصار الذي حققه التونسيون ممزوج بالقلق".
كما يعتبر أنه في حال تأكدت النتائج "فسنجد أنفسنا أمام مشروع سياسي جديد يدفع نحو نقاشات تتطلب كثيرا من الوقت".
الجبالي لـ"عربي 21": مسافتي من الأحزاب واحدة و"أنا مستقل"
حزب التحرير: المشاركة في الانتخابات التونسية "جريمة"
هل يتأخر إعلان قائمة مرشحي الرئاسة في تونس؟