لم تلفح الحكومة
العراقية بإبعاد المواطنين عن الشارع، عبر قطع وسائل التواصل بينهم، وحجب خدمة
الإنترنت، إلى جانب إجراءات أخرى مثل إعلان حظر التجول الذي تراجعت عنه لاحقا.
وبعد إخفاقها في إطفاء
الاحتجاجات المشتعلة بالشارع، قررت السلطات أخيرا إعادة الإنترنت جزئيا، فيما
استمرت في حجب مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب مرصد "نت بلوكس" المتخصص.
ومنذ الخميس الماضي،
لا يستطيع العراقيون الولوج إلى الإنترنت في عموم البلاد، عدا إقليم كردستان
العراق.
الفقر أقوى من الإنترنت
الكاتب والصحفي
العراقي، علي الصرّاف، أكد أن قطع وسائل التواصل بين الناس لن يمنعهم من النزول
إلى الشارع، فالأزمة في العراق وصلت إلى حدود لا يمكن السكوت عليها.
وأشار في حديث لـ"عربي21" إلى أن 40 مليون
عراقي أصبحوا ضحية الفساد الذي أصبح جزءا أصيلا من النظام.
اقرأ أيضا: هل يجدي حجب مواقع التواصل الاجتماعي في الأزمات؟ (استفتاء)
ولفت إلى أن الحكومة
يمكنها أن تقطع الإنترنت، ويمكنها قتل الناس، وحظر التجول، لكنها لن تستطيع أن تمنع
العراقي الفقير الذي لا يملك شيئا من الخروج للشارع والاحتجاج.
وأكد الصرّاف في حديثه
أن 22% من العراقيين يعيشون على 1.8 دولار أمريكي يوميا، ولا فرق في العراق بين
الحياة والموت، لذلك فإنهم سيبقون يتظاهرون حتى دون وسائل اتصال ورغم القمع.
وأكد أن فكرة قطع
وسائل الاتصال عن الناس هي فكرة ساذجة، في وقت يملك الجميع فيه الهواتف، ويشاهدون
القنوات الفضائية، وبوجود مؤسسات إعلامية تلاحق الخبر أينما كان.
طرق بديلة
والتف بعض الشباب
العراقيين على أساليب الحجب، وأرسلوا صوتهم وصور الاحتجاجات والمقاطع المصورة
بوسائل أخرى، بعضها باهض الثمن، بسحب ما نقلت الوكالة الفرنسية عن بعضهم.
ويرفع محتجون صورا
ومقاطع مصورة من مراكز الشركات المزودة للإنترنت، لكونها لا تزال تملك الخدمة رغم
قطعها عن المشتركين.
ويستخدم آخرون برامج
كسر الحظر "في بي أن" للاتصال بالإنترنت، فيما يستخدم آخرون اتصالات عبر
الأقمار الصناعية رغم تكلفتها المرتفعة جدا.
من جهتها، أكدت منظمة
سكاي لاين الدولية أن قطع خدمات الإنترنت وحجب مواقع التواصل الاجتماعي، يعد
انتهاكا واضحا لحقوق الإنسان، حيث يعتبر الإنترنت اليوم أداة هامة في التعبير عن
الرأي.
اقرأ أيضا: العراق أمام هذه السيناريوهات بعد تواصل الاحتجاجات الدموية
وأشارت في بيان لها، إلى أن مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان اعتبر الاتصال بشبكة الإنترنت حقا من حقوق الإنسان، وأن حجب خدمة الإنترنت أو منعها أو التشويش المتعمد عليها يعتبر انتهاكًا لهذا الحق.
وأوضح السكرتير العام للمنظمة معاذ حامد، لـ"عربي21" أنه تنتهك عمليات القطع هذه حقوقا عديدة، منها الحق في التعبير وحق الحصول على المعلومات، كما أنها تمنع الحق في حرية التجمع.
وأشار إلى أن منظمته
تدعو إلى وجوب احترام قرار مجلس حقوق الإنسان الأممي حول حق الوصول إلى الإنترنت،
وتدعو السلطات العراقية إلى إتاحة الاتصال بالإنترنت للجميع.
في وقت سابق، أظهر
استفتاء لشركة "إبسوس" للبحوث انقساما واضحا في ما إذا كان من المجدي في
أوقات الأزمات حجب مواقع التواصل الاجتماعي بهدف منع انتشار الأخبار المزيفة.
تصرف غير مقبول
وقالت نتائج الاستفتاء
إن الناس حول العالم منقسمون حول ما إذا كان ينبغي للحكومات إيقاف الوصول إلى
مواقع التواصل الاجتماعي اعتمادا على ما إذا كانوا يرون هذه المنصات مصدرا قيما
للأخبار، أو موردا للأخبار المزيفة.
وقال واحد من كل ستة
أشخاص إنه من المقبول إغلاق مواقع التواصل الاجتماعي لوقف انتشار الأخبار المزيفة،
فيما قال 60% إن قطع وسائل التواصل الاجتماعي غير مقبول لكونها مصدرا رئيسيا
للأخبار.
وقال 54% من الشريحة
المستطلعة آراؤهم إن الناس قادرون على تمييز الأخبار الحقيقية من المزيفة على
مواقع التواصل الاجتماعي، ما دفعهم إلى رفض فكرة الوقف المؤقت لها لوقف تدفق
الأخبار المزيفة.
العراق أمام هذه السيناريوهات بعد تواصل الاحتجاجات الدموية
رويترز تتساءل: ما الذي يجري في العراق وإلى أين تتجه الأمور؟
احتجاجات أكتوبر بالعراق.. 3 معالم لموجة غضب جديدة