يشهد العراق زوبعة مواقف وتصريحات، فضلا عن غضب في الشارع وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، جراء قرار رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، تنحية "عبد الوهاب الساعدي" من قيادة جهاز مكافحة الإرهاب، ونقله إلى وزارة الدفاع.
ورغم إعلان وزارة الدفاع، صباح الاثنين، امتثال "الساعدي" للقرار، إلا أن الأخير أكد في المقابل عزمه التقدم للتقاعد المبكر، احتجاجا على ما اعتبرها سابقا "إهانة" بحقه.
ويحظى الرجل بشعبية كبيرة جدا في البلاد، لا سيما بالموصل، حيث كان له دور كبير في تحريرها من قبضة "تنظيم الدولة"، دون "عمليات انتقامية" بحق مدنيين، كتلك التي تتهم فصائل أخرى تابعة للجيش أو الحشد الشعبي بارتكابها.
صراع أمريكي إيراني؟
منتصف عام 2017، وصف تقرير أمريكي "جهاز مكافحة الإرهاب" بأنه "أفضل ما أنشأته الولايات المتحدة بالعراق".
الجهاز التابع للجيش العراقي أسسته الولايات المتحدة "بمعايير اختيار وتدريب قد تكون صارمة ومماثلة لتلك المستخدمة لتجنيد قوات العمليات الخاصة الأمريكية"، بحسب التقرير، الذي نشره معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط.
ولفت التقرير، الذي أعده "مايكل نايتس"، المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج، إلى أن قوات الجيش والشرطة الاتحادية العراقية "استعادت بعض الثقة العامة منذ انهيارهما في حزيران/يونيو 2014 (جراء اجتياح تنظيم الدولة).. إلا أن قوتين فقط احتفظتا بثقة الشعب طوال الحرب".
اقرأ أيضا: غضب بالعراق إثر إقالة قائد "مكافحة الإرهاب" (شاهد)
وأضاف: "الأولى جهاز مكافحة الإرهاب المعروف في البلاد باسم الفرقة الذهبية، وهو نموذج للقومية المتعددة الأعراق والطوائف، والثانية قوات الحشد الشعبي، وهي وحدات من المتطوعين أنشأتها فتوى دينية وأوامر حكومية في حزيران/يونيو 2014، وتقع تحت قيادة أبو مهدي المهندس المدعوم من إيران والذي أدرجته الولايات المتحدة على لائحتها للإرهاب".
يشير ذلك التصريح القديم إلى إمكانية قراءة إزاحة "الساعدي"، الذي تولى لاحقا قيادة الجهاز، في إطار الصراع بين واشنطن وطهران على النفوذ.
إلا أن المحلل العسكري العراقي، العميد ركن صبحي ناظم توفيق، قال إن طبيعة العلاقة بين الساعدي وكل من الولايات المتحدة وإيران غير معروفة بدقة، فضلا عن ارتباطاته الحزبية الداخلية.
في المقابل، أكد "توفيق"، في حديث لـ"عربي21"، أن "النفوذ الإيراني أكبر من الأمريكي على أية حال، وذلك سواء على مستوى سياسات بغداد أو استراتيجياتها وحتى السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية".
وشدد بالقول: "إذا قررت إيران التدخل فإن الأمريكيين لن يتمكنوا من فعل أي شيء".
وأضاف أنه لم يقف على مثل تلك الطريقة بإزاحة أحد القادة العسكريين منذ عام 2003، لا سيما وأن الرجل له إنجازات في محاربة تنظيم الدولة، وهو ما يشي بوجود تجاذبات.
اقرأ أيضا: إيكونوميست: من يحكم العراق.. إيران أم أمريكا؟
وأوضح أن رئاسة الحكومة أمرت بإزاحة الساعدي ووضعه تحت إمرة وزارة الدفاع، ويطلق على ذلك في القانون العسكري "إمرة الإدارة"، أي أن يحتفظ برتبته ولكن بدون منصب، وذلك دون أي توضيح للأسباب.
واستبعد الخبير العراقي حدوث أزمة كبيرة حول القضية، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء أصر على موقفه رغم ردود الفعل الرافضة، فيما أذعن الساعدي أخيرا رغم حديثه سابقا عن رفض القرار.
ولفت "توفيق" إلى أن شكوكا دارت سابقا بشأن قانونية ترقية الساعدي إلى رتبة عميد ركن عام 2006، ثم إلى لواء ركن عام 2008، وذلك لعدة اعتبارات، وردت في خطاب رسمي، متداول إعلاميا، من وزير الدفاع الأسبق، عبد القادر محمد جاسم، إلى القائد الأعلى للقوات المسلحة، رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي.
وأوضح المحلل العسكري أن "المالكي" لم يتخذ إجراءات بشأن تلك الاعتبارات، ومضى بترقية الساعدي "استثناء"، ما يضع علامات استفهام بشأن الأطراف الداعمة له.
"المحاصصة" تخترق الجهاز
بدوره، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي العراقي، هشام الهاشمي، أن ما جرى يعد "تحولا في سياسة إدارة الملف العسكري الخاص بجهاز مكافحة الاٍرهاب".
وأوضح أن تلك السياسة لطالما كانت تؤكد أن الجهاز وطني لا يخضع للمحاصصة الحزبية، إلا أن اختراقا حصل عبر قرار تجميد الساعدي، "بناء على ضغوط مارستها قيادات مقربة من إيران".
وتابع أن طهران تريد "إبعاد الشخصيات والقيادات التي لا تنسجم مع رؤيتها السياسية والعسكرية في جهاز مكافحة الاٍرهاب".
وحذّر "الهاشمي" من "سياقات إدارية عسكرية غير مدروسة نفسيا في احالة القائد الساعدي وضباط آخرين على الإمرة، مع أن الحرب على داعش لا تزال مستمرة، وتجميد رموز النصر في هذا الوقت خلل كبير، يحفز معنويات العدو، ويضعف ثقة المواطن بقرارات القيادة العسكرية".
هذه أهمية إعادة فتح معبر القائم-البوكمال.. "استفادة ثلاثية"
صحيفة: كيف تستفيد روسيا من هجمات أرامكو؟
هل زادت إسرائيل اعتمادها على الـ"درونز" مقابل المقاتلات؟