ملفات وتقارير

"سلطة الطبيعة".. ذراع تهويدية تسرق ممتلكات المقدسيين

القدس تواجه خطر التهويد فيما يستخدم الاحتلال عدة أذرع لمصادرة ممتلكات الفلسطينيين- جيتي

يواجه الفلسطينيون بمدينة القدس المحتلة، ممن يمتلكون أرضا مزروعة، مهما كانت مساحتها، خطر المصادرة من قبل سلطات الاحتلال، وذلك عن طريق مؤسسة إسرائيلية تسمى "سلطة الطبيعة".

وتصادر المؤسسة مئات الدونمات تحت ذرائع عدة، وتحول ملكيتها للاحتلال ومن ثم لجمعيات استيطانية.

ويعتبر الناشط فخري أبو دياب أن المؤسسة تستهدف كل أراضي القدس بشكل عام، وهي ذات جوهر تهويدي وتغلف مشاريعها تحت إطار حماية الطبيعة وتحسين البيئة وتخضير الأراضي وزراعتها.

وفي حديث لـ"عربي21"، يقول أبو دياب، وهو من ضحايا "سلطة البيئة" الإسرائيلية، إن عمل هذه المؤسسة "يستهدف كل المناطق المزروعة والشجرية والمسطحات الخضراء التي لا علاقة لها بالمناطق الأثرية".

وتابع بأنه تم تأسيسها للسيطرة على المسطحات المزروعة، ومنع المقدسيين من استخدامها وحرمانهم من البناء عليها أو الانتفاع منها بشكل عام، لافتا إلى أنها تستخدم فيما بعد لاستثمار مشاريع تهويدية أو مستوطنات.

ويوضح أن سلطة الطبيعة كذلك تمنع المقدسيين من تربية مواشٍ أو اقتناء طيور معينة، حيث إن لها ذراعا قوية في حرمانهم من الانتفاع بالأراضي واستغلال مواردهم النباتية أو المائية.

ويضيف أبو دياب: "توجد في سلوان مثلا عيون مياه منها عين سلوان وبئر أيوب وهي مياه لنا ولكن تمت مصادرتها ووضع اليد عليها بهدف حرماننا من الانتفاع بها".

اقرأ أيضا: بالاعتداء ومنع الترميم.. مقبرة باب الرحمة تشكو ظلم الاحتلال

ويؤكد الناشط المقدسي أن سلطة الطبيعة تعد بذلك "من أخطر المؤسسات التهويدية لأنها وجدت لتهويد المنطقة والمسمى الذي تعمل به مسميات جميلة مغلفة لترويج الروايات التلمودية".

ويشير إلى أن أكثر من 118 دونما مزروعة بالزيتون تمت مصادرتها من أصحابها من قبل سلطة الطبيعة رغم أن أنهم يترددون عليها ويستخدمونها، ولكن المبررات جاهزة لدى الاحتلال للاستيلاء والسيطرة.

"عصابة"

ووفقا لمنظمة "بيتسيلم" الحقوقية فإن سلطة الطبيعة أو ما تسمى بسلطة الأراضي عملت خلال السنوات الماضية على مصادرة أراض فلسطينية بغرض إقامة حدائق يهودية عليها، وهي الحدائق التي يقيمها الاحتلال حديثا تحت مسمى "الحدائق الوطنية" بزعم أنها موجودة في التوراة ويجب بناؤها في محيط "جبل الهيكل"، بينما تقوم سلطة الطبيعة بدورها بالاستيلاء والمصادرة، حيث لا تقل مساحة أي منها عن 170 دونما، وتصل مساحة بعضها إلى ألف دونم ويزيد.

وفي حديث لـ"عربي21"، أكد الخبير في شؤون الاستيطان، جمال عمرو، أن سلطة الطبيعة أو "الدورية الخضراء" كما تشيع تسميتها في القدس، "هي عصابة إرهابية إسرائيلية بكل المقاييس، لأنها ذراع احتلالية وتتبع مباشرة لحكومة الاحتلال وكافة الوزارات، ولها نفوذ وسلطة عليا".

وتابع بأن لها سطوة على البلديات، إذ تقوم بمراجعة البلديات وتمتلك ميزانية قوية جدا ولها موظفون يتم انتقاؤهم بعناية، كما أن لها دوريات يتم تحريكها على مدار اليوم حتى في أيام العطل الرسمية.

وأوضح أن سلطة الطبيعة هي عين للاحتلال تتابع تحت عناوين مختلفة النشاط الفلسطيني؛ إذا قام أحد المقدسيين بزراعة زيتون مثلا في أرض ما يقومون بخلعه فورا، كما أنهم يسجلون فترة زمنية معينة لغياب صاحب الأرض عنها لتسويغ الاستيلاء عليها بحجة أنها غير مستغلة.

وأضاف: "لو قام أحد من المقدسيين بقطع شجرة لأي سبب مثلا كونها غير مثمرة أو مريضة يتم فورا وعبر الصور الجوية وفي وقت قصير جدا بالمجيء إلى المنطقة ويغرمون أو يعتقلون الذي قام بذلك على اعتبار أنها جزء من الطبيعة، ولكن الغريب في الأمر هو أن الاحتلال يقطع مئات الأشجار في القدس ولا تقف له هذه السلطة الخضراء، فهم يسوغون لأنفسهم ويحرّمون على الفلسطيني".

وأشار "عمرو" إلى أن سلطة الطبيعة تقوم بمتابعة الإطلالات الخضراء في القدس ويرسمونها ويعتبرون أنفسهم المسؤولين وممثلي البلدية وكأنهم المنفذ الميداني، مبينا أن 34% من أراضي القدس هي خضراء، وبالتالي فهي تتبع لسلطة الطبيعة وفقا لسياستها والهدف التهويدي الذي أنشئت لأجله.

ولفت إلى أن سلطة الطبيعة تحاسب الفلسطينيين كذلك إذا قاموا ببناء إسطبلات للخيل أو حظائر للمواشي وتقوم بالإصرار على التوجه لمحاكم الاحتلال التي تتعاطف مع الدوريات الخضراء وتدين الجانب الفلسطيني وتصدر أوامر بالهدم، فهم ظل الحكومة وظل البلدية وذراع تنفيذية في الميدان.

وختم بالقول إن "القائمين على المؤسسة التهويدية هم عبارة عن عصابة مافيا شديدة الحقد وهم من المستوطنين الأشد تنكيلا بالفلسطينيين ولهذا السبب فالأمور واضحة في منتهى السوء ونعلم جيدا أنه لا يحدث حدث في القدس إلا وما تسمى بسلطة الطبيعة حاضرة فيه بقوة".