نشرت مجلة "ذا ويك" مقالا للكاتبة بوني كريستيان، تقول فيه إن ترامب يقوم بإعادة معضلة أمريكا السورية في السعودية.
وتقول كريستيان في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إن الرئيس ترامب كتب الأسبوع الماضي تغريدة قال فيها إن التورط في حرب في الشرق الأوسط كان أسوأ قرار اتخذ في تاريخ الولايات المتحدة، وأضاف: "الآن نقوم بحذر وببطء بإحضار جنودنا وجيشنا إلى الوطن".
وتشير الكاتبة إلى أنه بعد أيام أعلنت وزارة الدفاع عن إرسال 1800 من القوات الأمريكية "لضمان وتقوية دفاعات السعودية"، التي تصل مع نشر آخر للجنود إلى 3 آلاف من القوات، التي تم توسيعها أو المصادقة عليها الشهر الماضي.
وتعلق كريستيان قائلة بأن "هذا التزام جديد كبير، ويرفع عدد القوات الأمريكية في المنطقة منذ أيار/ مايو إلى 14 ألف جندي، وقد تتحرك القوات الأمريكية، بما فيها البوارج الحربية، التي تبحر الآن في الباسفيك لحماية السعودية".
وتجد الكاتبة أن "التناقض في تصريحات ترامب وسياساته واضحة، ففي الوقت الذي يتحدث فيه بشكل دائم لإنهاء الحروب اللانهائية إلا أن الرئيس لم يفعل إلا القليل ليطبق ذلك على سياسته الخارجية، وغياب الانسجام بين كلام الرئيس وفعله ليس المشكلة الوحيدة هنا، ففي كل عملية انتشار هناك إشارات إلى أن الولايات المتحدة ستقاتل إلى جانب الشريك المعني، لكن هل ستقاتل أمريكا من أجل السعودية؟".
وتجيب كريستيان قائلة إن "التورط الأمريكي، الذي مضى عليه 18 عاما، كان مكلفا وكارثة خطيرة، وذلك لأن عمليات بناء الدول ليست مهمة للجيش الأمريكي، وكانت مجرد تمرين في العبث، ما يعني أن عدد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط يجب تخفيضه لا زيادته".
وتلفت الكاتبة إلى أنه "مع أن ترامب تحدث عن هذا كله، إلا أن أيا من أفكاره لم يظهر على استراتيجياته، وعوضا عن هذا تقوم إدارته بزيادة ترسيخ التورط الأمريكي في السعودية، والدخول كجزء من المنافسة الإقليمية بينها وبين إيران".
وتنوه كريستيان إلى رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي، قال إن هدف الانتشار الجديد هو إرسال رسالة إلى الإيرانيين، مفادها: "لا تضربوا دولة ذات سيادة ولا تهددوا القوات الأمريكية"، فيما وصف وزير الدفاع مارك إسبر هذه الخطوة بأنها رد على الاستفزازات الإيرانية.
وتفيد الكاتبة بأنه "مع تزايد التوتر بين الرياض وطهران، فإن واشنطن ترسل رسائل عن استعدادها للقتال من أجل آل سعود، بشكل أكثر وضوحا مما عبرت فيه عن استعدادها للقتال من أجل الشركاء الأكراد في سوريا".
وترى كريستيان أنه "لهذا السبب، فإن نشر القوات الأمريكية في السعودية يعد تكرارا للخطأ الناشئ عن نشر قوات إلى جانب شركاء لا تقيم أمريكا معاهدة معهم، كما لاحظنا في النتائج الكارثية للأكراد هذا الشهر".
وتقول الكاتبة إن "هناك خيبات أمل ستتبع في وقت تقوم فيه إدارة ترامب بتقديم حوافز منحرفة للسعودية وإيران إلى جانب معضلة أمريكية في المستقبل".
وتعتقد كريستيان أن "ما أوصل أمريكا إلى هذه المرحلة هو التأكيدات الأمريكية بتقديم الدعم للرياض، ما شجعها على التمسك بموقف عدواني في تعاملها مع طهران، ورفضت خيارات تخفيض التوتر والبحث عن حل دبلوماسي، أو حتى حالة جمود أو توزان للقوة يقبلها الطرفان، وعندما تشعر السعودية أن أقوى جيش يقف معها فإنها تقوم بزيادة الضغط على إيران، التي تصبح أكثر استفزازا بعد تعرضها للتهديد من عدوها، وبالنسبة للطرفين فإن التدخل الأمريكي يعزز السلوك الذي يجعل من الحرب أكثر احتمالا".
وتجد الكاتبة أنه "في حال زاد التصعيد فإن على الولايات المتحدة الاختيار: هل علينا الوفاء بتعهد الدفاع عن السعودية، ما يعني تورطنا في نزاع جديد؟ أم علينا الخروج من خلافات المنطقة ورفض شن حرب نيابة عن السعودية، رغم ما قلناه طوال السنوات الماضية؟ إلا أن كلا الخيارين ليس جيدا، لكن يمكن تجبنهما من خلال تغيير المسار الآن".
وتعتقد كريستيان أن "السعودية لا تستحق دعما أمريكيا غير مشروط، فهي مثل الأكراد لم توقع معاهدة دفاع مع الولايات المتحدة، ويجب ألا توقع معها معاهدة، فهي ديكتاتورية وحشية ساهمت في انتشار الفوضى في الشرق الأوسط، كما هو واضح في الحرب اليمنية، وعلى خلاف الأكراد فهي دولة غنية وتستطيع تحمل مسؤولية الدفاع عن نفسها، وبدلا من نشر القوات الأمريكية للدفاع عن نظام قمعي لا يشعر بالواجب لحمايتنا فيجب على ترامب الوفاء بوعده وجلب الجنود الأمريكيين".
وتختم الكاتبة مقالها بالقول إن "هناك طريقة واقعية لرفض إعادة إنتاج المعضلة التي واجهتها أمريكا في سوريا، ويمكن أن تجنب أمريكا التورط في النزاع المتصاعد بين السعودية وإيران، وهو نزاع ديني لا تفهم حكومة الولايات المتحدة تفاصيله، ويجب ألا تحاول التلاعب فيه، وتحدث ترامب عن وقف الحروب اللانهائية، إلا أن مجرد الحديث لا يكفي، وإرسال قوات جديدة للدفاع عن السعودية لا يحقق السلام".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
فورين بوليسي: هذا ما على واشنطن فعله لردع إيران
نيويورك تايمز: تخبط جديد لترامب في سوريا.. هل يتراجع؟
نيويورك تايمز: ما سر التحول في السياسة الأمريكية في سوريا؟