أثارت
حركة التغييرات الأخيرة التي أجراها رئيس سلطة الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، في
الدوائر المخابراتية والأمنية المقربة منه، تساؤلات بشأن توقيتها والهدف منها،
خاصة أنها تأتي بالتزامن مع حركة تغييرات في قيادات وزارة الداخلية أيضا.
وقال
مصدر مطلع لـ"عربي21"، إن "السيسي أجرى حركة تغييرات في الحرس
الجمهوري، وديوان الرئاسة قبل أيام، ولكنها لم تُعلن أو تنشر بشكل رسمي، سواء في
الجريدة الرسمية أو الصحف القومية، ولم تفصح الجهات عن أسبابها".
وأضاف:
"تم تعيين اللواء مصطفى شوكت قائدا للحرس الجمهوري، وتعيين اللواء أحمد علي
رئيسا لديوان رئاسة الجمهورية، واللواء محمد فوزي نائبا لرئيس الديوان برئاسة
الجمهورية".
ورأى
متخصصون في الشأن العسكري، والأمن القومي، في تصريحات لـ"عربي21" أن
السيسي بدأ يذعن بالفعل لمطالب قيادات في الجيش بالعدول عن حكم الفرد في المؤسسة
العسكرية، تخوفا من استغلال أي حراك شعبي في الشارع لصالحهم ضده.
وأجرى وزير الداخلية المصري محمود توفيق، حركة تنقلات مفاجئة، في صفوف قيادات
الوزارة شملت نحو 11 لواء ومساعد وزير على مستوى الجمهورية.
وقال
الوزير إنها تأتي فى ضوء ما أسماه "تطوير منظومة العمل الأمني لمواجهة
التحديات الأمنية الراهنة بما يتماشى مع احترام حقوق الإنسان، والدفع بقيادات شابة
بقطاعات وإدارات وزارة الداخلية".
"سياسة تدوير المناصب"
وعلق
عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب السابق، أسامة سليمان، بالقول:
"عادة المخطئ والمنقلب يعلم أنه كما تدين تدان، وأن من قَتَل يُقْتل ولو بعد
حين؛ من هذا المنطلق يعلم السيسي أن الدائرة ستدور عليه ومن أقرب المقربين
له".
وأضاف
لـ"عربي21": "لذا دائما ما يبادر السيسي باستبدال المقربين أو ما
يسمى بإشغال الخصم عن هدفه؛ فتجد كل قراراته السابقة والحالية والمستقبلية في هذا
الاتجاه دون أي مراعاة لفصل سلطات أو استقلال الأجهزة وحياديته، أو التدخل في
صلاحياتها أو حتى في ما يتعارض مع الدستور نفسه".
اقرأ أيضا: باحث: نائب مدير المخابرات المصرية يتولى مهام نجل السيسي
وأكد
سليمان أن "التغييرات والإقالات السابقة تؤكد أن السيسي يعمل على
إزاحة كل من شاركه مخططه في الانقلاب والدم. الأمر الآخر، أن الغربال الجديد له
شدة، وهو ما يريده في المرحلة القادمة".
وأشار
سليمان إلى أن "السيسي يعمل بوحي من استخباراته التي توحي له بأن ذكرى 25
يناير القادمة ستكون مختلفة بالتأكيد عن ما قبلها بعد حراك سبتمبر، ولا شك أن
التغييرات منها ما يمس أي حراك للشعب المصري ومنها ما يمس أمنه هو شخصيا".
"التحول لحكم المؤسسة العسكرية"
بدوره،
رأى الباحث بالشأن العسكري في المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية،
محمود جمال، أن "حراك 20 سبتمبر أثر بشكل كبير على السيسي ونظامه، ومن خلال
سيطرته على الشارع أجهض أي حراك داخل المؤسسة العسكرية لممارسة أي ضغوط عليه
للتحول من حكم الفرد لحكم المؤسسة".
ونوه،
في تصريح لـ"عربي21"، إلى أن "هناك فلسفة جديدة يحكم بها السيسي
حاليا، تتمثل في محاولة احتواء ومشاركة من يمكن وصفهم برجال الصف القديم سواء داخل
المؤسسة العسكرية أو الدولة العميقة، والذين دائما ما كان يقوم السيسي بخطوات
مختلفة للتنكيل بهم، لكنه يسعى لنفي تلك التهمة عن نفسه الآن، ولذلك نرى عودة لبعض
هؤلاء في إدارة المشهد وبعض تفاصيله".
وحول
مدى تأثر السيسي بما يصفه جمال بالاستراتيجية الجديدة سواء سلبا أو إيجابا، قال
الباحث العسكري: "لا يمكننا الجزم بما ستؤول إليه الأوضاع في الوقت الراهن،
خاصة أن السيسي يدرك جيدا خطورة إفساح المجال لهؤلاء بشكل كبير، وأنه لو حدث أي
تغيير ملموس في المشهد فلابد أن يتم من خلالهم، ولذلك فهو حذر للغاية من إفساح
المجال لهم أو فتح الطريق على مصراعيه كي يفعلوا بأريحية تامة ما يريدون".
وأكد أن "السيسي وضع لرجال النظام القديم –الموجودين منهم في السلطة حاليا أو العائدين
إليها مُجدّدا- سقفا بعينه، وخطوطا حمرا لا يمكنهم تجاوزها، ومع ذلك فقد ينقلب السحر
على الساحر في أي وقت، حال انفلات زمام الأمور من بين يديه".
واستطرد
جمال قائلا:" ربما ينجح السيسي في مخططه في احتواء هؤلاء وترضيتهم، وربما هم
ينتهزون فرصة إفساح المجال لهم -ولو بشكل محدود- للمضي قدما في محاولة الإطاحة بالسيسي
أو الضغط عليه أكثر وتحقيق مكتسبات لهم أكبر، وبالتالي فهذا الصراع ممتد ومفتوح
على كل الاحتمالات".
ولفت
إلى أنه "من بين رجال الصف القديم العائدين للسلطة الفريق: محمود حجازي الذي يشغل منصب
مستشار رئيس الجمهورية للتخطيط الاستراتيجي وإدارة الأزمات، واللواء أركان حرب
محمد رأفت الدش الذي تم تعيينه مؤخرا قائدا لقوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب،
والفريق أسامة عسكر الذي يشغل منصب مساعد القائد العام للقوات المسلحة لشؤون تنمية
سيناء، ونائب مدير المخابرات العامة المصرية اللواء ناصر فهمي، وهو أحد رجال
الراحل عمر سليمان.. وآخرون قد يتم الكشف عنهم مستقبلا".
وأوضح
لـ"عربي21"، أن "أي حراك عسكري يستلزم حراكا شعبيا لتبريره، وجرت
العادة في مصر أنه منذ 1952 فأي تغيير يحدث يقوم على استغلال حركة الشارع حتى إن انقلاب تموز/ يوليو 2013 لم يتم إلا بعد تحريك الشارع من خلال حركة تمرد".
وأضاف:
"الصراع هو فلسفة السيسي؛ بتحويل المؤسسة العسكرية من الحكم المؤسسي لحكم
الفرد، وبالفعل أقال أكثر من 50 قائدا عسكريا حتى الآن، وكان أكبر عقبة أمامه جهاز
المخابرات العامة، الذي يدرك خطورته على أي نظام حتى سيطر عليه تماما".
وأعرب
الباحث العسكري عن اعتقاده بأن "حراك 20 أيلول/ سبتمبر منح القيادات العسكرية
(القديمة والتي شاركت في الانقلاب على الرئيس مرسي) ورقة للضغط على السيسي للحصول
على أهدافهم، وهو ما تحقق باستدعاء العديد من الجنرالات للواجهة مجددا، ومنحهم بعض
الصلاحيات، بدلا من سياسة الحكم الفرد".
السيسي: لن أنتظر تحرك الناس حتى أحذرهم من خطورة هدم مصر
سخرية من بيان النيابة المصرية بتبعية "مدى مصر" للإخوان
باحث: نائب مدير المخابرات المصرية يتولى مهام نجل السيسي