لا يزال الحديث عن الاتفاقية الموقعة مؤخرا بين دولة تركيا وحكومة الوفاق الليبية يسيطر على المشهد السياسي الليبي والدولي أيضا، وسط ردود فعل مؤيدة وأخرى معارضة للخطوة وإصرار تركي على تنفيذ الاتفاقية بكل بنودها دون الالتفات لأي اعتراضات.
لكن تصريحات فؤاد أوقطاي، نائب الرئيس التركي، حول الاتفاقية وتأكيده أنها "فتحت الطريق" أمام بلاده أثار بعض التساؤلات حول الحجم الحقيقي لمكاسب الليبيين، وما إذا كانت مثل تلك التصريحات ستؤثر على نظرتهم للاتفاقية واعتبارها تصب فقط في مصلحة "أنقرة".
اقرأ أيضا: "الوفاق" الليبية توقع مذكرتي تفاهم أمنية وعسكرية مع تركيا
وقال أوقطاي: "الاتفاقية التي أبرمناها مع الحكومة الليبية الشرعية، فتحت الطريق أمام بلادنا في المنطقة الممتدة من تركيا إلى ليبيا، وسنكون شاهدين على نتائج ذلك سويا"، مشيرا إلى أن تركيا أبرمت الاتفاقية مع ليبيا في ظل محاولة قوى دولية حشر بلاده في الزاوية في ما يتعلق بشرق البحر المتوسط، وفق وكالة الأناضول.
ووقعت حكومة الوفاق مع دولة تركيا مذكرتي تفاهم بشأن التعاون الأمني والعسكري، وأخرى حول السيادة على المناطق البحرية، وسط تأكيدات من قبل الرئيس التركي "أردوغان" أن بلاده لن تسحب سفن التنقيب من شرق البحر الأبيض المتوسط، وأن الاتفاقية التي أبرمت مع ليبيا ستطبق بجميع بنودها.
"استهداف الداخل التركي"
من جهته، رأى الكاتب السياسي الليبي، السنوسي إسماعيل الشريف، أن "تصريحات "أوقطاي" حول الاتفاقية موجهة بالأساس إلى الداخل التركي، أما في ما يخص ليبيا فإنها استعادت السيطرة على مساحة مائية كبيرة يحق لها استغلالها اقتصاديا تقدر بتسعة وثلاثين ألف كيلومتر مربع"، وفق معلوماته.
وأوضح لـ"عربي21" أنه "بموجب الاتفاقية الأخيرة فإن تركيا ستتكفل بمنع أي أمر واقع تسعى دول أخرى تطل على البحر المتوسط لفرضه في المنطقة البحرية الاقتصادية الليبية.. هذا من جانب، ومن جانب آخر هناك التعاون بين البلدين في ما يخص الجانب الأمني"، كما رأى.
اقرأ أيضا: خبراء أتراك: اتفاق أنقرة وطرابلس عزز من مشروع "الوطن الأزرق"
"خيانة للشعب"
لكن المحلل السياسي الليبي، عيسى رشوان، أشار إلى أن "تصريحات نائب أردوغان هي فقط للاستهلاك الإعلامي، فتركيا هدفها الرئيسي هو غاز شرق المتوسط عن طريق التصادم مع اليونان والتعدي عليها، والليبيون يعلمون جيدا أن الأتراك لا يقدمون شيئا مجانا، مهما حاولت الماكينة الإعلامية للوفاق التسويق للاتفاقية ومميزاتها".
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21" أن "تصريح الأتراك من طرف واحد لا معنى له، فاليونان عضو في الاتحاد الأوروبي وعلى أنقرة مواجهة هذا الاتحاد، أما "الوفاق" فأصبحت الآن في دائرة الخيانة أمام الشعب، وهم لا يملكون الحجة للرد المقنع كونه تم استدعاؤهم للتوقيع على الاتفاقية من قبل الأتراك"، وفق زعمه.
وتابع: "تم تخيير السراج وحكومته بين التوقيع على الاتفاقية أو تركهم يواجهون مصيرهم المحتوم مع قوات الشرق الليبي، لذا فهم وقعوا دون علم مسبق للدولة الليبية"، كما وصف.
"نصب مصري يوناني"
وبدوره أشار الباحث الليبي المقيم في تركيا، نزار كريكش، إلى أن "الاتفاقية لا علاقة لها بالنصب بل إن الأمر يتعلق بمحاولة نصب مصرية ويونانية لتجاهل القانون الدولي، وما قامت به أنقرة هو رؤية للتعاون وليس موضعاً للتنازع كما تفهم العقلية العربية واليونانية، لذا فإن ما نعانيه هو هذه العقلية"، وفق وصفه.
وأوضح أن "قانون التشاطؤ واضح منذ العام 1982 ومثل هذه الاتفاقيات تمثل روح هذا القانون، ومما لا شك فيه أن الجغرافيا حقيقة لا ينبغي الجدل حولها، أما مصر فأغراضها السياسية تجعلها تمارس السياسة بمنطق الضغينة وهذا جهل فاضح لا ينبغي في القرن الحادي والعشرين"، وفق تصريح لـ"عربي21".
ماذا وراء زيارة رئيس "برلمان طبرق" للسعودية بهذا التوقيت؟
هذا ما يُقلق نظام السيسي من مذكرتي تفاهم أردوغان والسراج
اتفاقية "تركية-ليبية".. كيف ستغير في مجريات الصراع هناك؟