بعد تهديداتها مؤخرا بتنفيذ عمليات في الجنوب الليبي، سيطرت قوة عسكرية
تابعة لحكومة الوفاق على حقل الفيل النفطي بالجنوب، وطردت منه قوات تابعة للواء، خليفة
حفتر، قبل أن تعاود الأخيرة وتعلن السيطرة عليه مجددا، ما أثار تساؤلات حول تداعيات هذه الخطوة، وما إذا كان عسكريو الجنوب بدأوا فعليا تنفيذ تهديداتهم.
وقامت وحدات عسكرية من جهاز حرس المنشآت النفطية التابعة لمنطقة سبها
العسكرية بحكومة الوفاق الوطني، صباح اليوم، بالسيطرة على حقل الفيل النفطي (جنوب غربي
البلاد)، الذي كان يسيطر عليه موالون لحفتر،
ولاحقا شنت قوات حفتر غارات بالطيران، وأعلنت سيطرتها على الحقل مجددا.
"تحريك
قوات"
وردا على هذه الخطوة، أصدر "حفتر" أوامره بتحريك وحدات عسكرية
معززة إلى عدد من المواقع في جنوب ليبيا؛ بهدف استعادة بعض المناطق التي فقدتها قواته،
في إشارة إلى حقل الفيل النفطي.
ومؤخرا، أعلن قادة عدة كتائب وتشكيلات عسكرية بمنطقة "سبها"
(جنوب ليبيا) "جاهزيتهم التامة لتنفيذ أوامر آمر المنطقة العسكرية سبها، الفريق
على كنه التابع لحكومة الوفاق، مؤكدين قدرتهم على تأمين وحماية الجنوب والأماكن الحيوية
هناك"، وفق بيان مشترك.
في حين، أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن قلقها البالغ إزاء
أعمال العنف في حقل الفيل النفطي، الأمر الذي يهدد سلامة موظفي المؤسسة الوطنية للنفط، وتسبب في وقف إنتاج الحقل البالغ 75 ألف برميل في اليوم، وفق بيان رسمي وصل "عربي21"
نسخة منه.
والسؤال: هل بدأ عسكريو الجنوب تنفيذ تهديداتهم ضد "حفتر"؟ وكيف
سيؤثر الأمر على معارك العاصمة؟
"ورطة"
من جهته، أشار الناشط من الجنوب الليبي، موسى تيهو، إلى أن الفريق علي كنه
ومن معه من المحتمل أن يقوموا في المرحلة الراهنة بالتصعيد أكثر، والسيطرة على كامل
الجنوب الليبي، خاصة أن الظروف حاليا مواتية جدا من ناحية ضعف حفتر، وعدم وجود إمكانيات
بشرية لديه، بعد إنهاكه في معركة طرابلس".
وأكد في تصريحات لـ"عربي21" أن "أغلب سكان الجنوب بدأوا في الابتعاد عن حفتر، وأنهم يرفضون تقبل وجود مرتزقة أفارقة في شوارعهم، بعد تجربة مرتزقة
الجنجويد، الذين استعان بهم الجنرال الليبي، ومكنهم من منطقة الجفرة من قبل، وهذا يؤكد
أن الأخير في ورطة"، وفق معلوماته.
اقرأ أيضا: بعد زيارة وفد أمريكي.. هل بدأت واشنطن الضغط على حفتر؟
"مرحلة
عسكرية جديدة"
الباحث الليبي في شؤون النفط، جمال سعيدان، أوضح أن حفتر "يقع
الآن تحت ضغوطات دولية كبيرة، خاصة مع دخول الأمريكان على خط الأزمة، ومطالبته رسميا
وعلنا بوقف عملياته، وتحذيره من التعاون مع الروس، وهذا ما عزز موقف حكومة الوفاق، التي
بدأت تفرض نفسها على الأرض".
وأضاف: "مع قوة موقف الحكومة، استطاع قائد المنطقة الجنوبية علي كنة استرجاع حقل الفيل من أيدي قوات تشادية تتبع "حفتر"، دون أي خسائر مادية
للحقل، وذلك بالتزامن مع سيطرة فصيل من الزاوية تابع للحكومة على منطقة "النقلية"، وطرد قوات روسية منها"، وفق معلوماته.
وتابع لـ"عربي21": "كل هذه المؤشرات تؤكد على نهاية مشروع
حفتر، وأن هناك مرحلة عسكرية وسياسية جديدة من المفاوضات ستبدأ غربا وشرقا بخصوص الانتخابات
والدستور".
"أجندات
خارجية"
لكن المحلل السياسي الليبي، أسامة كعبار، قال من جانبه إن "الجنوب
الليبي الآن خارج أي تغطية محلية، وإنه يتبع أجندات خارجية تتوافق أحيانا مع أحد الأطراف
المتصارعة في الشمال الليبي".
وأوضح لـ"عربي21" أن "ما حدث في الحقل النفطي يكذب ما
يسوق له حفتر بأنه يسيطر على 80% من أراضي ليبيا، كما يشير إلى أن حلفاء الأخير في
الجنوب، مثل اللواء المبروك سحبان أو اللواء محمد بن نايل، هم في خلاف مع حفتر، وأنهم
رفضوا دعمه في استمرار هيمنته على الجنوب".
"النفط"
الباحث السوداني المختص بالملف الليبي، عباس صالح، رأى أن "الصراع
من أجل السيطرة على حقول النفط في معادلة الصراع الليبي لا يقتصر على السراج وحفتر،
فهناك المجموعات المحلية ذات الدوافع المتعددة للسيطرة على هذه الحقول، وهي تقاتل أحيانا
الطرفين".
واستدرك قائلا: "لكن حفتر يسعى للسيطرة على ورقة النفط؛ لأنها كرة
ضغط حقيقية ضد الحكومة الشرعية، كما أن هذه السيطرة تقربه للدوائر الغربية، لذا ستقاتل
قوات حفتر الجميع من أجل إبقاء الحقول النفطية تحت سيطرتها، وفق تصريحاته لـ"عربي21".
بعد زيارة وفد أمريكي.. هل بدأت واشنطن الضغط على حفتر؟
بعد قراره بحظر الطيران.. هل ينجح حفتر بحصار طرابلس جوّا؟
هل يصبح "عسكريو الجنوب" رقما جديدا في الصراع الليبي؟