نشرت مجلة "نيوزويك" تقريرا أعده جيمس لابورتا وتوم أوكونور ونافيد جمال، يقولون فيه إن التوتر بين واشنطن وطهران في تصاعد مستمر، فبات العملاء الإيرانيون يعتمدون على الطائرات المسيرة (درون) الانتحارية، ويستخدمونها للتحليق قرب القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن القوات الأمريكية تتخذ الخطوات اللازمة لحماية نفسها بعدما رصدت زيادة في الطائرات دون طيار، وبعضها يقوم بعمليات "قيادة وتحكم واتصالات وجمع معلومات استخباراتية" قرب المواقع الأمريكية في المنطقة.
وينقل الكتّاب عن مسؤولين أمريكيين، قولهم إن المليشيات الموالية لإيران تقوم بناء على توجيهات من فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني بعمليات استطلاعية تحضيرا على ما يبدو لهجمات و"درون انتحاري".
وتلفت المجلة إلى أن هذه الأجهزة، التي تم فحصها في إيران منذ عام 2014، يمكن أن تحمل بمتفجرات وأخرى يمكنها القيام بعمليات استطلاعية، مشيرة إلى أنه لا يوجد ما يشير إلى وجود هجمات محتملة من إيران أو مليشياتها.
ويفيد التقرير بأن شبكة "سي أن أن" نشرت عن الحركة الواضحة للأفراد والمعدات الإيرانية في الشهر الماضي، لكن "نيوزويك" أكدت أن هذه التهديدات مستمرة، وان تركيز المسؤولين البارزين في البنتاغون على الوسائل الدفاعية، لكنهم فعلوها بسرية لتجنب إثارة تصعيد جديد، مشيرا إلى أن متحدثا باسم مجلس الأمن القومي لم يرد على أسئلة المجلة، وتم تحويلها لوزارة الدفاع.
ويورد الكتّاب نقلا عن القائد في البحرية شين روبرتسون، وهو المتحدث باسم البنتاغون، قوله: "نواصل عن كثب مراقبة نشاطات النظام الإيراني، جيشه والجماعات الوكيلة، ونحن في وضع جيد للدفاع عن القوات الأمريكية والمصالح وقت الحاجة".
وتذكر المجلة أن البيت الأبيض يقوم منذ أيار/ مايو بين الفترة والأخرى بنشر تحذيرات عن زيادة المخاطر القادمة من إيران ضد المصالح الأمريكية في المنطقة، خاصة عندما أعلن مستشار الأمن القومي في حينه جون بولتون عن نشر مقاتلات وحاملة الطائرات "أبرام لينكولن"، التي بدأت رحلتها قبل أشهر ولم تدخل مياه الخليج عبر مضيق هرمز إلا هذا الشهر.
وينوه التقرير إلى أن مضيق هرمز تحول إلى نقطة توتر مهمة بين الولايات المتحدة وإيران، وهو توتر متصاعد بشكل دائم بعد قرار دونالد ترامب الخروج من الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015، فيما دافع البيت الأبيض عن وجود التعزيزات العسكرية قائلا إنها ضرورية، واتهم طهران بدعم المليشيات، وتطوير البرامج الصاروخية، ومواصلة العمل سرا على أسلحتها النووية، مستدركا بأن فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا لا تزال تؤيد المعاهدة النووية.
ويشير الكتّاب إلى أنه بعد عملية الحشد العسكري الأولى، التي قال بولتون إنها جاءت ردا على تحركات مثيرة للقلق، فإن ناقلتي نفط تعرضت للهجوم في خليج عمان في شهر حزيران/ يونيو.
وتنقل المجلة عن الممثل الخاص في ملف إيران، بريان هوك، قوله للمشرعين، إن الإدارة لم تر تحركات مثل التحركات السابقة، و"ما شاهدناه ليس بحجم المتوقع، لكن هذا لا يعني عدم قدرة إيران على القيام بهذه الأمور".
ويلفت التقرير إلى أن الوضع تدهور عندما أسقطت إيران طائرة استطلاع أمريكية مسيرة، وردت إيران في تموز/ يوليو على احتجاز ناقلة نفط تابعة لها بمضيق جبل طارق باحتجاز ناقلة نفط بريطانية وطاقمها، وتم الإفراج عن الناقلتين.
ويفيد الكتّاب بأن شهر أيلول/ سبتمبر شهد تصعيدا كبيرا من خلال ضرب المنشآت النفطية في بقيق في السعودية، مستدركين بأنه رغم إعلان حركة الحوثيين مسؤوليتها عن العملية، إلا أن واشنطن والرياض لامتا طهران وحملتاها المسؤولية عن الهجوم، فيما نفت إيران أي علاقة لها به، كما في الحوادث السابقة، ما ألقى بظلاله على إمكانية حدوث انفراجة في العلاقة أثناء اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتنوه المجلة إلى أن الولايات المتحدة عززت من تحالفها البحري، من خلال قوة ملاحة بحرية لحماية مياه الخليج، التي تضم السعودية والإمارات والبحرين وبريطانيا وأستراليا، وردت طهران على هذه المبادرة بمبادرة "تحالف الأمل"، الذي دعت فيه دول المنطقة للتعاون بقوة ملاحة جديدة.
ويجد التقرير أن المواجهة في مياه الخليج ليست جديدة، ففي الثمانينيات من القرن الماضي خاض البلدان "حرب الناقلات"، التي وقفت فيها واشنطن مع نظام صدام حسين، وبعد الإطاحة به في عام 2003 زاد تأثير إيران، كما فعلت في لبنان في الثمانينيات من القرن الماضي، ودعمت الجماعات الموالية لها والمسؤولة عن قتل جنود البحرية في بيروت، والجنود الفرنسيين، وأكثر من 600 جندي في العراق بعد الغزو الذي انتهى عام 2011.
ويذكر الكتّاب أن أمريكا زادت في هذا العام من تدخلها في المنطقة، حيث دعمت المقاتلين في ليبيا وسوريا، حليفة إيران، مشيرين إلى أن إيران وأمريكا وجدتا نفسيهما على طرفي النقيض في سوريا، لكنهما تعاونتا ضد العدو المشترك، تنظيم الدولة.
وتقول المجلة إنه بعد نهاية تنظيم الدولة عادت المنافسة المستمرة منذ عقود، ليس في الثورة الإسلامية عام 1979، بل بانقلاب "سي آي إيه" ضد حكومة مصدق، واتخذت شكلا جديدا في الشرق الأوسط، فلم تعزز هي فقط قوتها في المنطقة، وكذلك عدوتها اللدودة وأكبر شريكة إقليمية للولايات المتحدة، إسرائيل.
وبحسب التقرير، فإن إسرائيل شنت سلسلة من الغارات على مواقع تابعة لقوة القدس في سوريا، مشيرا إلى أن إيران ربما استطاعت تقوية وضعها في الخارج، إلا أن ذلك جاء بثمن استراتيجي ومالي وبشري، حيث شهدت البلاد تظاهرات في أنحاء البلاد بسبب الأوضاع الاقتصادية.
وتختم "نيوزويك" تقريرها بالقول إن "المواجهة الإيرانية الأمريكية تجري خلف غطاء من الجهات الفاعلة والنفي، وقد تجنب الطرفان حتى الآن المواجهة على الأقل في الوقت الحالي، والمواجهة مرهونة بخطأ يرتكبه أحد الطرفين".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
NI: ماذا بعد تدمير إسرائيل مقر الحرس الثوري في سوريا؟
أوبزيرفر: كيف تهدد احتجاجات الشارع بالشرق الأوسط قوة إيران؟
هل يدفع توتر إسرائيل وإيران بسوريا "لحرق الشرق الأوسط"؟