تثار التساؤلات حول البعد القانوني للاتفاق الليبي التركي شرق المتوسط، والذي لاقى رفضا من دول عدة، أبرزها اليونان وقبرص الجنوبية.
وأمس السبت، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن العمل جار على تدشين خط بحري بين تركيا وليبيا، وأن نص الاتفاق المبرم بين البلدين تم إرساله إلى الأمم المتحدة.
وشدد على أن الاتفاقية بين تركيا وليبيا "أفسدت اللعبة التي تحاك في المنطقة، مضيفا: "من جهة يتم إفساد اللعبة، ومن جهة أخرى هناك اجتماعات تجري بين اليونان وإدارة جنوب قبرص الرومية ومصر، وإسرائيل في بعض الأحيان".
مستقبل الحكومة الليبية
بدوره قال المختص في العلاقات الدولية، علي باكير، إن الاتفاق ساري، ولا معيقات أمامه، مستدركا أن مستقبل الحكومة الليبية يجب أن يؤخذ بالاعتبار بهذا السياق.
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن هناك ضغوط من بعض الدول الإقليمية والدولية، ومحاولات لسحب الشرعية من هذه الحكومة.
وأشار إلى أنه لا يوجد عائق عملي من الناحية التركية يحول دون تنفيذ الاتفاق الذي تم المصادقة عليه، مؤكدا على أن أنقرة تمتلك قوة بحرية تحمي الاتفاق.
اقرأ أيضا: خبراء أتراك: اتفاق أنقرة وطرابلس عزز من مشروع "الوطن الأزرق"
اتفاق عسكري بحري محتمل
ورأى أنه في ظل المشاكل الداخلية التي تواجهها ليبيا، وعدم امتلاكها لقوة بحرية للدفاع عن مياهها الإقليمية، فقد يترتب اتفاق عسكري مع تركيا لحمايتها في ظل التطورات المتلاحقة شرق المتوسط.
وحول النزاعات القانونية حول الاتفاق مع اليونان، لفت باكير إلى أن هناك وجهات نظر متضاربة حول الجزر، والجانب التركي في اتفاقه الأخير لم يستبعد الجوانب القانونية.
ثلاثة أراء قانونية
وأضاف، أن هناك أوضاعا خاصة للجزر في القانون الدولي، وتستند إلى ثلاثة اتجاهات، أولها تمنح بعض هذه الجزر حيز مائي بها، ورأي ثاني يقيد هذا الحيز المائي للجزر، أما الرأي الثالث فيتجاهل هذه الجزر تماما.
وأوضح أن هذه الحالات الثلاث قانونية تماما تبعا للقانون الذي يتم الاستناد إليه، من حيث مساحة، وموقع الجزر المشار إليها، وإذا ما كانت تستطيع دعم نفسها بنفسها اقتصاديا، وموقعها من الدولتين اللتين ترسمان حدودهما ما قد يؤدي إلى تشويه الحدود المائية لإحدى هذه الدول، ومعايير أخرى.
ولفت إلى أن الجانب التركي، يرى أنه من غير المعقول قانونيا أن تعطى هذه الجزر حيز مائي يتجاوز الحيز المائي الممنوح لدولة بحجم تركيا، وخاصة أن بعض الجزر اليونانية صغيرة جدا وبعضها عبارة عن صخور وليست جزيرة بالمعنى المتعارف عليه.
وحول موقف الاتحاد الأوروبي، أكد باكير، أن اليونان تعتبر الطفل المدلل له، وبذلك هو على دعم دائم لها ولقبر اليونانية، ما قد يؤدي إلى صدام في شرق المتوسط.
وفي السياق ذاته، قال الكاتب التركي، سيدات إرجين، إن الاتفاق التركي الليبي، قد يتبعه ردات فعل عدة ، ما قد تؤدي إلى توتر في شرق المتوسط وخاصة مع اليونان والإتحاد الأوروبي.
اقرأ أيضا: كاتب تركي يوضح مكاسب مصر من اتفاق أنقرة طرابلس.. ولكن
وأشار في مقال له على صحيفة "حرييت"، وترجمته "عربي21"، إلى أن مسألة ترسيم المنطقة الاقتصادية في شرق المتوسط، اكتسبت أهمية إستراتيجية مع اكتشاف النفط والغاز الطبيعي فيها بدايات الألفية الثانية.
تاريخ الصراع
ولفت إلى أن قبرص اليونانية وقعت اتفاقيات الجرف القاري مع مصر عام 2003، ومع لبنان عام 2007، ومع إسرائيل عام 2010، وبدأت بمنح التراخيص للشركات الأجنبية الغربية للتنقيب عن النفط في المناطق التي ترى أنها تقع تحت ولايتها القضائية، في المقابل أعطت تركيا وقبرص الشمالية، الترخيص لمؤسسة البترول التركية "تابو" في المناطق المجاورة لجزيرة قبرص.
وأضاف أن تركيا في ذلك الوقت ردت على الاتفاق بين مصر وقبرص اليونانية من خلال اعتماد تعريف الحدود الخارجية للجرف القاري في البحر المتوسط، وذلك بتقديم بلاغ إلى الأمم المتحدة عام 2004.
حدود الجرف القاري
وأوضح أن تركيا أبلغت الأمم المتحدة في ذلك الوقت، على ضرورة تحديد حدود الجرف القاري التركي بشكل عادل في المنطقة الممتدة غربا (23 درجة و16 دقيقة و18 ثانية) من خط الزوال "C على الخريطة"، وجرى التأكيد على في بلاغات أخرى أن الخط يتجه نحو غرب خط الطول 28 عند "D في الخريطة".
ولفت إلى أنه بالإشارة لمبدأ الإنصاف بالبلاغ المقدم للأمم المتحدة، فإن الجرف القاري بين مصر وتركيا على الرغم من عدم وجود إحداثيات، فإنه يقع على خط الوسط بين "C-D-E".
وذكر أنه في عام 2011، أنه تم توقيع مذكرة ترسيم الجرف القاري بين تركيا وقبرص الشمالية، تلا ذلك منح التراخيص اللازمة للتنقيب على النفط والغاز الطبيعي في تلك المناطق، وعلى خلفية ذلك بدأ التوتر مع قبرص اليونانية بسبب المناطق المتقاطعة بينهما.
وأضاف أنه يجب قراءة الخلاف القانوني بين تركيا واليونان وقبرص اليونانية في البحر الأبيض المتوسط، مشيرا إلى أن أثينا ترى أن الجزر أيضا لديها جرف قاري، في خط يمتد من جزيرة كريت إلى شمال شرق حتى كاسوت، وكارباثوس، رودس وكاس، وصولا إلى جزيرة ميس.
اقرأ أيضا: لماذا تعترض أوروبا على الاتفاق التركي الليبي وكيف سترد أنقرة؟
وتابع أن اليونان ترى أن الجرف القاري لتلك الجزر يمتد شرقا وجنوبا، ويتوسع نحو الشرق والجنوب، ويحد من امتداد المنطقة الاقتصادية الخالصة التركية جنوب البحر المتوسط، وأن لتركيا أن تحوز على عمق محدد نحو الجنوب بالقرب من خليج أنطاليا فقط.
أطروحة اليونان
ولفت إلى أن اليونان تستند في أطروحتها على حد كبير على الوثائق الرسمية وخريطة "السلطات البحرية الأوروبية" والتي أعدتها جامعة اشبيلية في إسبانيا، وبالإشارة إلى ذلك فإننا قد نشهد توترا بين الاتحاد الأوروبي وتركيا على خلفية الاتفاقية مع ليبيا.
وأشار إلى أن تركيا لا تقبل بأطروحة اليونان حول الجرف القاري للجزر، وتؤكد على قرارات المحكمة الدولية حول وضع الجزر.
وأضاف أن تركيا أمام الطرح اليوناني بدأت بالتحرك بشكل قوي، وقبيل الاتفاق اتخذت خطوتها الأولى في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي بإرسال رسالة خطية إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
وأوضح أنها لأول مرة قامت بتوضيح حدود جرفها القاري بشكل تام، من خلال بلاغها ، وتم التأكيد على أن الجزر اليونانية الواقعة في غرب خط الطول 28 "النقطة D" تمتد حتى حدود المياه الإقليمية (ويقصد هنا الخط الممتد الذي تشكله جزر كريت وكاسوت وكارباثوس ورودس وميس).
تحديات أمام الاتفاق
ولفت إلى أن أحد النقاط الرئيسية الهامة بالنسبة لأنقرة، هو التصميم اليوناني وقبرص اليونانية على خريطة "اشبيلية" التي وقعت في موقف مخالف للاتفاقية مع ليبيا.
وشدد على "أن أنقرة كسبت موقفا اقتصاديا قويا في منطقة البحر المتوسط، إلى جانب تمكينها من حماية مصالحها هناك ، والاتفاق الأخير قانوني".
وختم بالقول، أن أحد العوامل التي قد تعقد المشهد، هو كثرة اللاعبين في شرق المتوسط الذين لديهم مصالح هناك، بما مجموعه 10 بلدان، منها سوريا والأردن ومصر وإسرائيل إلى جانب اليونان وتركيا.
هل تراجعت مصر عن موقفها من الاتفاقية "الليبية-التركية"؟
لهذه الأسباب فشلت خارجية مصر في إدارة ملفات الأمن القومي
لماذا تعترض أوروبا على الاتفاق التركي الليبي وكيف سترد أنقرة؟