يحل الثلاثاء 10 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، اليوم العالمي لحقوق الإنسان، في ظل ظروف صعبة يعيشها المصريون، بين البطش والقمع والاعتقال والاخفاء القسري والمحاكمات العسكرية والمسيسة.
تلك الحالة تأتي في ظل مواصلة النظام العسكري الحاكم التعامل مع المصريين بكل فئاتهم عبر القبضة الأمنية والبطش الشديد الذي وصل حد القتل والتصفية الجسدية خارج إطار القانون.
ورغم ما يواجهه النظام من انتقادات حقوقية محلية وعالمية، وملاحظات دولية، ودعوات لتحسين ملفه بحقوق الإنسان التي تعدت المصريين المعارضين لتطال مؤيدين سابقين للنظام وصحفيين بينهم أجانب؛ إلا أنه لا تلوح في الأفق أية تغييرات محتملة في سياساته.
وبمناسبة اليوم العالمى لحقوق الانسان، طالب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، مدحت الزاهد، في نداء أطلقه بصفحته بـ"فيسبوك"، بإطلاق سجناء الرأي، وإلغاء حبسهم الاحتياطي والإنفرادي والاحترازي.
وأرجع مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير عبدالله الأشعل، تردي حالة حقوق الإنسان في مصر للغرب وقال إنه "عيّن الحكام وكلفهم وتستر علي الأموال المنهوبة، ولو شاء لأنهى مهمتم أو أدبهم وهو قادر".
اقرأ أيضا: زوجة معتقل مصري توجه رسالة غاضبة للسيسي.. وتفاعل (شاهد)
وأضاف عبر صفحته بـ"فيسبوك": "يبدو أن الغرب يلهينا بهذه القصاصات بينما يترك كلابه تعربد في الإنسان العربي الذي يولد حرا ولكن كلاب الغرب تستعبده ولو كانوا جادين لأوقفوا مهزلة التلاميذ
والمسرحية السخيفة".
وأثارت رسالة مصورة لزوجة المعتقل شادي الغزالي حرب، الاثنين، حالة من التعاطف مع المعتقلين، خاصة وأنها ظهرت باكية لتعبر عن أوجاع المعتقلين وأسرهم.
الاعتقالات شبه اليومية بصفوف أعضاء جماعة الإخوان المسلمين طالت أيضا بعض الرموز السياسية والصحفية والنشطاء، ويحكي الصحفي محمد سعد عبد الحفيظ، عن زيارته للصحفي خالد داود في سجن ليمان طرة، الاثنين، قائلا: عبر "فيسبوك": شفت في عينه مسحة حزن، الشعور بالظلم أقوى من أن يخبئه أحد. وأضاف عضو نقابة الصحفيين: نتمنى على دعاة الإصلاح أن يوصلوا للسلطة أنه لا يصح الحديث عن الإصلاح وفتح المجال العام وهناك أناس بالسجن لمجرد أن لهم مواقف مخالفة.
تلك الانتهاكات تعدت المواطنين العاديين لتطال حتى العاملين في مجال حقوق الإنساني والمحامين المدافعين عن المعتقلين. ورصدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، نحو 230 انتهاكا تعرض لها المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر خلال 2019، بين سجن وحبس ومنع من السفر وتشهير واعتداءات بدنية وبلطجة واخفاء قسري. وكشفت الشبكة في تقريرها السنوي عن حالة المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر لعام 2019، والذي اطلعت عليه "عربي21"، العديد من الإنتهاكات التي تعرض لها عشرات المدافعين عن حقوق الإنسان.
وطالت حملات الاعتقالات في مصر الأطفال، حيث يتداول نشطاء بعض القصص المؤلمة لأبناء المعتقلين، بينها قصة اعتقال الشاب إسلام حسين، وزوجته مي محمد عبدالستار، ومعهما رضيعهما فارس (3 أشهر)، قبل 40 يوما، من أحد أحياء القاهرة، دون أن يعرف عنهم ذووهم شيئا.
وهي المأساة التي وصفها الناشط مصطفى درويش بقوله: "دي الحكاية باختصار، طفل بيرضع، وأم وأب في دولة العسكر، تكلموا عنهم، وعرفوا العالم كله ظلم السيسي وعصابته، قبل أن يخرجوا ويقولوا قُتل فارس وهو يطلق الرصاص علينا". وأيضا، الطفل السيناوي عبدالله أبومدين، (12 عاما) والذي اعتقلته قوات أمن العريش نهاية 2017، وتعرضت والدته لإطلاق الرصاص من القوات، ولم تتمكن أسرته حتي الآن من الوصول إليه هو ووالده المختفي قسريا أيضا.
وطالت الاعتقالات النساء وبينهن الطالبة آلاء السيد، التي تعاني تدهورا بحالتها الصحية بزنزانتها الانفرادية، بعد اعتقالها 17 آذار/ مارس 2019، من جامعة الزقازيق، حيث تعرضت حينها للإخفاء القسري لمدة 37 يوما، ووجهت لها اتهامات سياسية.
ابنة أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين المعتقل قبل 6 سنوات، تحدثت إلى "عربي21"، عن حالة القهر التي يعيشون فيها خوفا على حياة والدهم المريض والذي لا يستطيعون رؤيته ولا زيارته ولا إدخال الأدوية والطعام له.
الابنة التي رفضت ذكر اسمها حتى لا يتم التنكيل بها وبأسرتها قالت: "عن حالنا؛ فنحن محرومون من الحنان والأمان والمشورة بكل أمور حياتنا، ونشعر بالوجع لعدم رؤيته أو الاطمئنان عليه".
اقرأ أيضا: غضب بمواقع التواصل بعد أنباء عن إعدام معتقلين سرا في مصر
وأضافت: "أما هو فلا نعلم من أمره شيئا ولا نستطيع أن نخفف من ألمه وأوجاعه، وما يمكن أن أقوله هو أنه حرم رؤية أحفاده فأغلبهم ولدوا وهو بالمعتقل، يعرفون جدهم بصور صامتة فقط لا تنطق ولا تتحرك ولا تستطيع أن تحتضنهم".
وأكدت أن "معاناتنا النفسية كبيرة ولكن غلاء المعيشة أرهقنا كثيرا، وأعرف زوجات معتقلين اضطررن للعمل لسداد جزء من احتياجاتهن وأبنائهن، وخصوصا أن الزيارة أصبحت عبئا كبيرا على زوجات المعتقلين". وختمت بقولها: "لا أستطيع أن أصف لك حجم الألم والإرهاق الذي كنا نعانيه في الزيارة التي حرمنا منها، ونحلم أن يعود لنا هذا الإرهاق ونرى وجه أبي ولو للحظات".
وفي تعليقه قال الحقوقي المصري خلف بيومي، إنه "مما لا شك فيه فإن تفاقم الانتهاكات في مصر يعود بالدرجة الأولى لسيطرة المؤسسة العسكرية، والتي تعتبر نفسها أداة قتل وكل ما دون القتل في عرفها مستباح".
مدير مركز الشهاب لحقوق الانسان، أضاف بحديثه لـ"عربي21"، أنه "لذلك يأتي اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وقد أقدم النظام على تنقيذ حكم الإعدام في حق ثلاثة مواطنين".
وأشار إلى أنه "سبق ذلك القبض على آلاف الشباب بسبب رغبتهم في التعبير عن رأيهم"، مضيفا أنه "يتزامن مع الذكرى استهداف المدافعيين عن حقوق الإنسان والمحامون". وطالب الحقوقي المصري "الأمم المتحدة؛ بالضغط على النظام، وإلزامه بإحترام الدستور والقانون".
هذا حصاد انتهاكات حقوق الإنسان في عهد السيسي بعام 2019
جنوب سوريا على صفيح ساخن.. هل يواجه النظام ثورة جديدة؟
السيسي: الخطر من الداخل.. ونشطاء: لماذا يرى الشعب كعدو