الكتاب: العلمانية المزيّفة
المؤلف: جُون بُوبيرو
الناشر: مركز "النُّهوض للدراسات والنشر"
ترجمة: الدكتور عبد الله المتوكّل
مراجعة الدكتور "محمد الحاج سالم
صدرت أخيرا عن مركز "النُّهوض للدراسات والنشر" النسخة المترجمة لكتاب "العلمانيّة المزيّفة" لعالم الاجتماع والمؤرّخ الفرنسي "جون بوبيرو"، وهو من ترجمة الدكتور عبد الله المتوكّل ومراجعة الدكتور محمد الحاج سالم.
ورد الكتاب في 176 صفحة، من الحجم المتوسط، وحوى قسمين أساسيين: القسم الأوّل بعنوان: حين تغدو العلمانية قناعا لليمين المتطرف. واحتوى ستة فصول، هي: ماري لوبان بطلة جديدة للعلمانية، الصّلوات في الشارع من الاحتلال إلى العلمانية، إنتاج جماعي خاطئ، ما يخيفني هو أن يتمّ التلاعب بمخاوفنا، لماذا تبدو مارين لوبان ذات مصداقية؟
أما القسم الثاني فكان بعنوان: علمانيّة حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية الواصمة للمسلمين. وحوى 5 فصول، هي: نقاش حول الإسلام يتحول إلى نقاش حول العلمانية، ومع ذلك يبقى نقاشا واصما للمسلمين، نقاش تمحّض عنه اندحار، علمانية مفصولة عن الحرية الدينيّة، علمانية جديدة مناهضة لحقوق الإنسان.
التمييز بين العلمانيّة التاريخية 1905 و"العلمانيّة الجديدة"
يتناول الكتاب موضوعا يجمع "بين النقاش والمعركة"، ويجيب عن أسئلة احتدمت في المجال الغربي والفرنسي، خاصة حول العلمانية وجوهرها ومدى الانحرافات التي أصابتها بعد صعود اليمين المتطرف خطابا وإعلاما. فقد غدت خطابات كثيرة معادية لجوهر العلمانيّة ذاته قبل أن تكون معادية للمسلمين في فرنسا. وتنهض استراتيجيّة الكتاب على تشخيص الوضع الرّاهن للعلمانيّة وامكانية اجتراح طرح حقيقي للموضوع يعيد تثبيت المفاهيم وإعطاءها وضعها الطبيعي في استعادة لمبادرة نظرية تضع الأمور في نصابها وترسم المسافة بين الجوهر والعرض والأصل والاستثناء في موضوع العلمانية وإعادة الديناميكية الحقيقية له.
يذكر المؤلف "أن وضعية العلمانية في فرنسا قد تغيّرت بعمق. فقد أعلنت خلالها ماري لوبان نفسها بطلة للعلمانيّة وادعت أنها ستهبّ لإنقاذ قانون 1905 الذي يفصل بين الديانات والدولة، أما حزب "الاتحّاد من أجل حركة شعبية"، حزب ساركوزي فقد نظَّم نقاشا حول العلمانية كان في الواقع مُوجّها ضد الإسلام "ص(2).
جوهر الأثر هو التمييز بين علمانية 1905 التاريخية وبين العلمانية الجديدة التي أحدثت شرخا وكسرا اجتماعيا في بنية المجتمع الفرنسي المتكون من ثقافات وتلوينات إثنية ودينية متعددة. ورغم أن العلمانية التاريخية لم تُطبق في المستعمرات مثل الجزائر وغيرها فإن كتابات تاريخية امتهنت التزييف والحذف والتحريف التاريخي. فلكي تظهر "ماري لوبان" بمظهر الزعيمة الوسطية استعارت قناع العلمانية واصفة صلاة المسلمين في المساجد وشوارعها المجاورة بالاحتلال في دغدغة لعواطف الجمهور مشعرة ايّاهم بان أجزاء من التراب الفرنسي وقع احتلالها وضمّها الى الشّريعة الدينية. ولكن هذه التصريحات قوبلت بالاستنكار من الأحزاب اليمينية واليسارية الفرنسية نفسها، إذ ردّ عليها الناطق باسم الحزب الاشتراكي الفرنسي Benoit Hamon" بالقول: "حُررت مرسيليا على أيدي الجزائريين واليوم تقول ماري لوبان إن أحفاد محرري مرسيليا محتلّون، في حين كانت عائلتها السياسية، أي أقصى اليمين الفرنسي متعاونين مع المحتلّ".
وتواترت الردود من حزب أوروبا الأيكولوجية ـ الخُضر، ومن رئيس حكومة فرنسا الذي رأى في الخطاب توضيحا إضافيا للاختلاف بين القوميين والوطنيين"، الوطنيون هم من يحبّون أهلهم والقوميون هم من يكرهون الاخرين" (7) ص.
تطوّر الأمر إعلاميا حتى صار قضية في فرنسا مما جعل الرئيس الفرنسي ساركوزي يتساءل: "ما هي الحدود التي نضعها للإسلام؟ لا يمكن أن يقبل المجتمع الفرنسي بهيمنة الإسلام في بلدنا "، ليدخل الإعلام على الخط من جديد، وتبدأ لعبة الارقام. فبينما يرى الإعلام أن عدد المساجد التي تُقام بجوارها الصلاة في الشارع 185 مسجدا، يؤكد المجلس الفرنسي أن عددها لا يزيد عن 10. بل يوجد 90 مسجدا ثلاثة أرباعها دون صوامع، لتتكون ضدّ الإسلام مجموعة من الفاعلين في لعبة تأثير تلاعبت بمخاوف الناس من "خطر الإسلاموية المتطرفة".
كل تحريف أيديولوجي يحتاج تزويرا للتّاريخ والخطّة هي فرض علمانية جديدة لا يقدر المسلمون عن استيعابها وبالتالي يسهل وصمهم بالشذوذ عن الاندماج.
البنيوية الفرنسية من ليفي ستراوس إلى بيار بورديو
قراءة في آراء كلود ليفي ستراوس مؤسس الأنثروبولوجيا البنيوية
كتاب يروي تاريخ المدرسة الفلسفية واللغوية الفرنسية