لم تغب العمليات العسكرية عن مدينة إدلب وريفها على مدار العام الذي أوشك على الانتهاء 2019، ويبدو أن الحال لن يتغير في العام الجديد 2020.
ووصف مراقبون عسكريون العام 2019، بأنه العام الأكثر دموية في شمال غرب سوريا (إدلب وريفها)، وذلك بسبب طول فترة المعارك التي أمنت روسيا الغطاء الجوي لها.
وترصد "عربي21" في هذا التقرير، أبرز الأحداث العسكرية التي مرت فيها إدلب والأرياف المتصلة بها (أرياف حماة، واللاذقية، وحلب) خلال العام الذي قارب على الرحيل
كانون الثاني/ يناير
لم تكن بداية العام 2019 مبشرة على الصعيد الداخلي للفصائل العسكرية، حيث سجل الأيام الأولى منه اقتتالا داخليا بين "هيئة تحرير الشام" و"حركة نور الدين الزنكي"، وبعض الفصائل التي ساندت الأخيرة (أحرار الشام، صقور الشام)، في أرياف حلب وإدلب وحماة.
ونجم عن هذا الاقتتال إنهاء الوجود الفعلي لحركة "الزنكي"، وتوسع سيطرة "تحرير الشام" على عموم مناطق إدلب والأرياف المتصلة بها، وجعلها تابعة إداريا لـ"حكومة الإنقاذ" ذراع "تحرير الشام"، وسط محاذير من أن يشكل ذلك ذريعة لروسيا المتربصة بالمنطقة بذريعة سيطرة فصائل إرهابية على قرارها.
اقرأ أيضا: ترامب يطالب بوقف "مذابح" روسيا وإيران والنظام بإدلب
ولم ينته الشهر، حتى بدأت روسيا بالحديث عن عدم تطبيق اتفاق "شوتسي" الإضافي الذي تم التوصل إليه في أيلول/ سبتمر2018 ، بين تركيا وروسيا، حول تثبيت وقف إطلاق النار، وإنشاء مناطق عازلة.
شباط/ فيراير
في 5 شباط/ فبراير، بدأ النظام السوري بإيعاز روسي بانتهاك اتفاق "سوتشي"، وبدأ بحملة قصف مدفعي طالت مدنا وبلدات بريفي حماة وإدلب.
وبعد ذلك بثلاثة أيام، صرحت الخارجية الروسية بأن العملية العسكرية المحتملة في إدلب ستكون منظمة، مؤكدة أنها "لن تسمح بوجود محميات إرهابية".
وفي أواخر الشهر، بدأت روسيا بنشر مليشيات موالية لها، على طول خطوط التماس مع المعارضة، في ريف حماة الغربي، في خطوة جاءت في إطار الاستعداد للتصعيد العسكري.
آذار/ مارس
بحلول 8 أذار/ مارس، بدأت تركيا وروسيا بتسيير دوريات مراقبة في المناطق المنزوعة السلاح التي حددها اتفاق "سوتشي"، لكن ذلك لم يمنع من زيادة موجات القصف الجوي والمدفعي من النظام لمناطق المعارضة.
ووصلت حصيلة القتلى من المدنيين في غضون هذا الشهر إلى 135 مدنيا، جراء هجمات النظام وروسيا المتفرقة.
نيسان/ أبريل
تركز القصف الروسي والسوري الجوي طوال شهر أبريل، على أرياف حماة وخان شيخون بريف إدلب الجنوبي، ما أدى إلى حركة نزوح واسعة من سكان هذه المناطق، وتحديدا من كفر نبودة بريف حماة، والهبيط بريف إدلب.
وعاود النظام السوري في 26 نيسان/ أبريل قصف مناطق المعارضة بالبراميل المتفجرة، لتكون حصيلة قتلى هذا الشهر 147 شخصا، وفق "الشبكة السورية لحقوق الإنسان".
أيار/ مايو
صعدت روسيا من وتيرة غاراتها الجوية مع بداية هذا الشهر، مستهدفة في 5 مايو ثلاثة مستشفيات (حاس، كفرنبل، كفرزيتا)، ما أعطى مؤشرا فعليا على بداية جولة جديدة من المعارك.
وبالفعل، بدأ النظام في 6 مايو بأولى محاولات التقدم في ريف حماة الشمالي الغربي، وسط قصف جوي كثيف أدى إلى نزوح الآلاف من سكان المناطق القريبة من الجبهات.
اقرأ أيضا: خبير أمني تركي: بسبب ليبيا.. موسكو تنتقم من أنقرة بإدلب
وصعّد النظام على أكثر من محور بريف حماة الشمالي، والشمالي الغربي، واللاذقية الشمالي (محور الكبينة).
ونتيجة القصف الكثيف، وسياسة الأرض المحروقة، سيطر النظام في 9 من الشهر، على بلدتي كفر نبودة وقلعة المضيق، بريف حماة، لتقوم فصائل المعارضة بالإعلان عن تشكيل غرفة عمليات مشتركة للتصدي لهجمات النظام السوري وحلفائه على منطقة خفض التصعيد.
فيما اكتفى "مجلس الأمن الدولي" بالتعبير عن الفزع والقلق إزاء ما يحصل من قتل للمدنين.
وفي 17 أيار/ مايو، أكمل النظام تقدمه نحو بلدة الحويز، البلدة التي تربط بريا بين سهل الغاب بحماة وغرب إدلب.
وأعقب ذلك، قيام المعارضة بشن هجمات مضادة أدت إلى استعادة السيطرة على بلدة "كفر نبودة"، وبدأت المعارك فيها تتخذ طابع الكر والفر.
حزيران/ يونيو
وفي الأيام الأولى من شهر يونيو، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى وقف المذبحة في إدلب.
وفي الأسبوع الأول من الشهر ذاته، أعلنت فصائل سورية معارضة الخميس حملة عسكرية ضد قوات نظام الأسد، ومليشيات حلفائه في شمال البلاد لاستعادة مناطق خسرتها في الحملة الأخيرة للنظام المدعوم بالطيران الروسي، تحت مسمى "دحر العدوان"، معلنة بعد أيام من إطلاقها عن استعادة بلدتي "تل ملح" و"كفرهود" من قبضة قوات الأسد.
لكن سرعان ما استدركت روسيا الأمر، وعززت الجبهات بقوات خاصة ومليشيات، وسط زيادة في وتيرة القصف الجوي.
ونعت المعارضة في هذا الشهر (يونيو)، عبد الباسط الساروت (حارس الثورة السورية) أحد أبرز المقاتلين والناشطين السوريين، بعد إصابته في معارك ريف حماة الشمالي الغربي.
تموز/ يوليو
مع بداية هذا الشهر، استهدف "التحالف الدولي" بصورايخ خارقة للتحصينات مقرا لتنظيم "حراس الدين"، في ريف حلب الجنوبي الغربي.
وعلى المقلب الآخر، استمرت المعارك بين النظام والمعارضة، فيما عطلت روسيا قرار أمميا يدعوها لوقف الهجمات على المنشآت الطبية في منطقة إدلب بسوريا، في 18 حزيران/ يونيو.
ولم ينته الشهر حتى التقطت قوات النظام أنفاسها، وأعادت سيطرتها على بلدة الجبين وتل ملح، بريف حماة الشمالي الغربي.
آب/ أغسطس
في 8 من هذا الشهر، بدأ النظام بهجوم واسع سيطر من خلاله على بلدة تل الصخر، البلدة التي مكنته من الوصول إلى مشارف ريف إدلب الجنوبي.
اقرأ أيضا: ما سبب الانهيار السريع لفصائل المعارضة السورية بريف إدلب؟
وبعد أيام قليلة، أعلنت قوات النظام عن سيطرتها على يلدة الهبيط وقرى عدة جنوبي إدلب، ما زاد من احتمال فرض النظام حصارا على مدينة كفر زيتا، وبلدة اللطامنة (تقعان إلى الشمال الغربي من مدينة حماة).
وفي منتصف هذا الشهر، أعلنت المعارضة السورية، عن إسقاط طائرة حربية تابعة لنظام بشار الأسد، في الريف الجنوبي لمحافظة إدلب.
وفي 21 حزيران/ يونيو، أعلنت قوات النظام عن دخول قواتها إلى مدينة خان شيخون، فارضة بذلك سيطرتها على كامل ريف حماة (كفرزيتا، مورك، اللطامنة، كفرنبودة)، فيما بقيت نقطة المراقبة التركية في مورك على حالها.
أيلول/ سبتمبر
في مطلع هذا الشهر، أعلنت روسيا عن وقف إطلاق نار أحادي، وسط تشكيك من جانب المعارضة بمدى التزامها ونظام الأسد بالعمل فيه.
وتوقفت المعارك لنحو أسبوعبن، إلى منتصف سبتمبر، حيث بدأت قوات النظام بمعاودة القصف المدفعي لمناطق في جنوب إدلب، وبقي الوضع على ما هو عليه حتى نهاية الشهر.
تشرين الأول/ أكتوبر
في 4 من هذا الشهر، أعلنت فصائل الجيش الحر في إدلب عن اندماجها مع فصائل في ريف حلب، تحت مظلة "وزارة الدفاع" في الحكومة المؤقتة السورية.
وبعدها بأيام عاودت الطائرات الروسية قصفها لمناطق في إدلب، بعد توقف دام 22 يوما.
وفي 22 من تشرين الأول/ أكتوبر، زار رئيس النظام السوري، بشار الأسد، جبهات إدلب، للمرة الأولى، وذلك في إشارة على بدء التصعيد مجددا.
ولم تمض أيام قليلة، حتى تم الإعلان من قبل الولايات المتحدة، عن مقتل زعيم تنظيم الدولة "أبو بكر البغدادي"، في أرياف إدلب (قرية باريشا).
تشرين الثاني/ نوفمبر
مع اقتراب هذا الشهر من نهايته، بدأت قوات النظام بالتقدم مجددا، في ريف إدلب الجنوبي والشرقي، وبنهايته أعلنت فصائل المعارضة في إدلب، إطلاق عملية جديدة ضد النظام السوري في ريف إدلب الجنوبي الشرقي (ولاتهنوا).
وأعلنت عن استعادتها السيطرة على بلدة إعجاز بريف إدلب الشرقي.
كانون الأول/ ديسمبر
ومع بداية الشهر الجاري، بدأ النظام بحملة عسكرية جديدة، سيطر من خلالها على ما يقارب الـ30 قرية وبلدة، من أهمها بلدة جرجناز التي تعد الخط الدفاعي الأول عن مدينة معرة النعمان.
ونجم عن كل ذلك، تدفق موجات هائلة من النازحين، وسط عجز شديد من فرق الإغاثة والإسعاف عن استقبال واستيعاب كل هذه الأعداد.
اقرأ أيضا: مطالب أممية بوقف "فوري" للتصعيد العسكري بإدلب السورية
عام التخلي الدولي
وبهذا، تكون المعارضة قد خسرت مساحات كبيرة من مناطق سيطرتها على مدار العام، في حين لا زالت مهددة بخسارة المزيد.
وفي تقيمه لذلك، وصف الخبير العسكري والاستراتيجي، العقيد أديب عليوي، العام 2019، بالأسوأ لجهة تخلي الدول عن مسؤولياتها نحو حماية المدنيين من آلة الحرب الروسية.
وقال لـ"عربي21": إن روسيا بقوتها العظمى تقوم ولا زالت، بتدمير المناطق على رؤوس ساكنيها، وحرقها بالكامل تمهيدا لتقدم ما يسمى بـ"جيش الأسد"، وسط صمت دولي مطبق.
وتابع عليوي أن الاستخفاف الروسي بالمعاناة الإنسانية السورية، وصل إلى استخدام حق النقض (الفيتو) ضد إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا.
عسكريا أشار الخبير العسكري إلى ما جرى من جولات اقتتال في بلدة كفرنبودة، بقوله "عند حصول الفصائل على شيء من الدعم، أعادت توازنها واستعادت كفرنبودة، وتقدمت نحو عمق مناطق النظام في حماة، وذلك على الرغم من قصف روسيا".
وأنهى بقوله: "قلة الدعم العسكري للفصائل بالأسلحة النوعية، الناجمة عن تخلي المجتمع عنها، فعلت فعلها وأدت إلى كل هذه الخسائر".
بدوره، أكد القيادي في الجيش السوري الحر، النقيب عبد السلام عبد الرزاق، أن العام 2019، شهد قيام روسيا بوضع كامل قوتها العسكرية، واستخدامها لميليشيات كثيرة، لإنهاء الثورة السورية وسحق الأحرار وإعادة تعويم نظام الأسد.
وأضاف لـ"عربي21"، أنها لم تستطع بالرغم من تقدمها العسكري في ريفي حماه وإدلب، أن تجهض الثورة، بل العكس فقد شهدت درعا مهد الثورة، رغم زعم النظام بالسيطرة عليها عودة للحراك الثوري.
ووفق عبد الرزاق فإن هناك خيبة أمل كبيرة لدى السوريين، وحالة فقدان أمل بأصدقاء الثورة السورية بدون استثناء، ومنهم تركيا التي مارست دورا خجولا حيال التغول والتوحش الروسي في إدلب، رغم أنها طرفا ضامنا لاتفاق أستانا.
نقاط المراقبة التركية بقلب معارك إدلب.. ما مصيرها؟ (خريطة)
هكذا يحاول نظام الأسد الوصول لـ"معرة النعمان".. ما أهميتها؟
"فرقة الحمزة".. من أبرز تشكيلات المعارضة شمال سوريا (ملف)