واصل النظام السوري بدعم المقاتلات الروسية لليوم الخامس على التوالي، انتهاكاته في مناطق خفض التصعيد بمحافظة إدلب، ما ساعده في التقدم والسيطرة على 30 قرية بينها "جرجناز"، التي تبعد كيلومترات عن مدينة معرة النعمان الاستراتيجية.
وأمام هذا التقدم السريع، يقول الخبير العسكري
والاستراتيجي العقيد أحمد حمادة إن ذلك يعود لأسباب عدة، منها "ضعف التنسيق
بين الفصائل، وعدم التحصين الزائد كون المنطقة منبسطة وسهلية، وتسمح بتحرك الآليات
والدبابات التي يستخدمها بشكل مكثف النظام".
ويشير حمادة في حديث لـ"عربي21" إلى أن
روسيا زودت النظام بدبابات متطورة وأجهزة رؤية ليلية ساعدت على التقدم ليلا، في
المقابل لا تمتلك قوات المعارضة تقنيات تمكنها من التعامل مع هذه الدبابات، إضافة
لعدم وجود مضادات للدروع كافية.
ويتابع حمادة قائلا: "من الأسباب الأساسية أيضا
الطائرات والبراميل المكثفة، والتي يبلغ متوسطها اليومي 100 غارة جوية على كل
المنطقة"، لافتا إلى أن "النظام عمل على عدم تمكين قوات المعارضة من
الدفاع عن نفسها، لأنها تمتلك أدوات بسيطة ولا تستطيع مواجهة هذه النيران القوية
جدا من قبل الروس والنظام".
اقرأ أيضا: النظام يسيطر على "جرجناز" ويقترب من معرة النعمان بإدلب
وفي الإطار ذاته، يوضح مركز "جسور" للدراسات
أن أسباب الانهيار المتسارع لمساحة واسعة، يعود لأمرين؛ "الأول استخدام
أساليب الحرب التقليدية والعنيفة التي توفرها روسيا للنظام السوري، والثاني يعود
لإخفاق المعارضة عسكريا وسياسيا في احتواء وفهم طبيعة دورها وتحركاتها، حتى في
إطار تفاهم ستوشي 2018".
ويوضح المركز في ورقة بحثية اطلعت عليها
"عربي21" أنه "من غير المجدي التعويل على موقف حاسم من تركيا، التي
لن تدخل في مواجهة عسكرية مع روسيا والنظام السوري في الوقت الحالي على أقل تقدير،
وهذا لا يعني أن فصائل المعارضة مطالبة بتقويض اتفاق سوتشي، بل التحلي بمزيد من
الجرأة والبحث عن أساليب غير تقليدية في الحرب".
تطويق المدن
ويشير إلى أن "المعارضة السورية تدرك أن النظام
وروسيا يتجنبان تحويل المعارك إلى عمليات استنزاف طويلة الأمد"، موضحا أن
"سياسة تطويق المدن بدل التقدم المباشر نحوها والقضم البطيء، تشير إلى فقدان
العنصر البشري لتغطية كافة المحاور والجبهات".
ويستدرك المركز قائلا: "المعارضة غير قادرة على
تحويل هذا الواقع الذي تدركه إلى ثغرة استراتيجية لصالحها عسكريا وسياسيا"،
مشيرا في الوقت ذاته إلى أن فصائل المعارضة تمتلك كافة الإمكانيات والقدرات التي
تتيح لها الدخول في حرب استنزاف طويلة الأمد ضد النظام وروسيا.
وبيّن أن "ذلك يؤدي إلى تقويض قدراتهما العسكرية على المستوى البشري والاقتصادي واللوجستي، بعد تشتيت جهودهما ورفع التكلفة عليهما،
وبما يخلق انطباعا لدى قوات النظام باستحالة تحقيق أهداف المعركة".
اقرأ أيضا: المعارضة السورية تنفي نيتها الانسحاب من معرة النعمان
وبشأن الأهمية الاستراتيجية لمدينة معرة النعمان،
يبيّن الخبير العسكري حمادة، أنها "المدينة الثانية حجما في محافظة إدلب،
وتقع على الطريق الدولي M5،
الذي يسعى النظام والروس للسيطرة عليه، من أجل انتشال نظام الأسد أولا من الضائقة
المالية لتسيير خط درعا إلى أوروبا من خلال هذا الطريق".
ويردف حمادة قائلا: "كذلك جزء من السيادة، حينما يسيطر
النظام على هذه الطرق يقول إنه سيطر على معظم الأراضي السورية، وهذا الأمر الذي
يسعى إليه الروس"، منوها إلى أن قوات النظام تتقدم من محاور
عديدة، واستطاعت السيطرة على قرى عدة".
الخطة الدفاعية
ويستدرك: "لا
يمكننا القول إن النظام يستطيع الوصول إلى الطريق الدولي، خصوصا إذا تم تغيير
جوهري في الخطة الدفاعية لقوات المعارضة السورية في هذه المنطقة، أو طرأ تدخل دولي
وهذا مستبعد"، بحسب حمادة.
وعن كيفية وصول النظام السوري إلى معرة النعمان، يرى مركز
"الجسور" للدراسات في ورقة أخرى اطلعت عليها "عربي21"، أن
النظام يحاول السيطرة على المدينة، بما يؤدي لتطويق نقطة المراقبة التركية في تل
صرمان أو معر حطاط أو كليهما، لافتا إلى أنه "سيستفيد من غياب أي رد فعل من
جانب تركيا حين محاطرة نقطة مورك".
ويعتقد المركز أن "النظام وروسيا يتبعان
استراتيجية عسكرية تقليدية من أجل تحقيق هدفهما في الوصول إلى معرة النعمان، في
إطار الحملة العسكرية الرابعة".
وبحسب مركز "الجسور" للدراسات، فإن الاستراتيجية تتمثل في التكتيكات التقليدية الستة الآتية:
1. سياسة الأرض المحروقة التي تهدف لقطع خطوط الإمداد العسكرية، وبثّ الذعر بين السكان المحليين للضغط على فصائل المعارضة وتركيا.
2. القضم البطيء، في ظل صعوبة سيطرة قوات النظام
السوري على المنطقة العازلة دفعة واحدة، وهذا ما يُفسر إعلان روسيا لهدنة أحادية
الجانب في نهاية آب/ أغسطس 2019، فمن العسير تحمّل التكاليف البشرية والعسكرية
والاقتصادية للمعركة دون إعادة ترتيب الأوراق مجددا.
3. السيطرة على
التلال الحاكمة لتسهيل انهيار دفاعات فصائل المعارضة، وفي حال تعذّر الوصول إلى
تلك المرتفعات تبادر قوات النظام السوري لفتح محور و/ أو محاور مشاغلة في مناطق
سهليّة.
4. الاعتماد على
أسلوب (التطويق) أو فكي الكماشة في السيطرة على مساحات واسعة لتقليل التكلفة
المفترضة، فمن المتوقّع أن تصل قوات النظام السوري إلى معرّة النعمان عبر محورين
الأوّل يمتد إمّا شمال أو جنوب نقطة المراقبة في تل الصرمان والثاني إما غرب أو
شرق نقطة المراقبة في معر حطاط.
5. الاعتماد على
الهجمات الليليّة من أجل تحقيق خرق في دفاعات فصائل المعارضة، حيث أثبتت الحملة
العسكرية الثالثة صعوبة ذلك خلال العمليات القتالية في وضح النهار.
6. تفتيت واستنزاف
القوّة الدفاعية لفصائل المعارضة، عبر تنفيذ ضربات متكررة وعنيفة ينفّذها النسق
الهجومي الأول المكوّن غالباً من مجموعات المصالحات والميليشيات غير الاحترافية،
لحين تنفيذ الهجوم الثاني عبر الأنساق الأخرى والتي قد تكون القوات الخاصة الروسية
إحداها إلى جانب الميليشيات الإيرانية غير المحلية مثل حزب الله و"فاطميون" وغيرهم.
"فرقة الحمزة".. من أبرز تشكيلات المعارضة شمال سوريا (ملف)
لماذا يصر النظام السوري على نقل جلسات الدستور لدمشق؟
ماذا وراء فقدان المعارضة لمناطق سيطرتها بريف إدلب؟