نشر موقع "بوليتيكو" مقالا للكاتب ناحال توسي، يقول فيه إن الهجوم على السفارة الأمريكية في العراق يثير أسئلة حول ما إذا كانت الجهود الأمريكية لاحتواء إيران تأتي بنتائج عكسية.
ويشير توسي في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن حملة "أقصى ضغط" ضد إيران تقع تحت ضغوط قصوى، بعدما حاول المحتجون اقتحام السفارة الأمريكية في بغداد يوم الثلاثاء، في وقت جرت فيه ملاسنة بين المسؤولين الأمريكيين والعراقيين حول ضرورة الهجمات الأخيرة، فيما حمل النقاد الرئيس دونالد ترامب مسؤولية الفوضى لتركيزه على تدمير النظام الإسلامي في إيران.
وينقل الكاتب عن مسؤولين أمريكيين سابقين ومراقبين للشأن الإيراني، قولهم إن سياسة العقوبات القاسية على إيران ترتد سلبا، وأضافوا أنها كانت قاسية من ناحية العقوبات الاقتصادية والردع العسكري دون وجود رديف دبلوماسي، ولم تركز على الدول الأخرى التي وجدت نفسها وسط النزاع الأمريكي الإيراني، مشيرين إلى أن ترامب ومساعديه أرسلوا رسائل متناقضة حول ما يريدون تحقيقه من السياسة تجاه إيران، التي تراوحت من تغيير النظام إلى محادثات نووية ضيقة في منظورها.
ويورد توسي نقلا عن المسؤول السابق في البنتاغون ووزارة الخارجية أثناء إدارة باراك أوباما، إيلان غولدنبرغ، قوله إن السياسة "غير فاعلة لأن الإدارة ليست لديها فكرة حول كيفية تطبيقها وماذا تريد منها.. هي ليست حتى استراتيجية ضغط أقصى، بل هي سياسة أقصى ضغط".
ويلفت الكاتب إلى أن بعض داعمي السياسة يرون أن المشكلة هي في طريقة التطبيق، وقال النقاد إن الإدارة لم تفعل أكثر من مجرد إصدار التصريحات لدعم المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع في العراق ولبنان ضد التأثير الإيراني في بلديهما، ما أدى إلى تضييع فرصة ذهبية، لافتا إلى قول نائب رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي إيلان برينان: "كانت هناك ثغرة كبيرة ولم نستغلها".
وينوه توسي إلى أنه مع خروج التقارير عن اقتحام السفارة في بغداد، كانت الإدارة تخطط لفرض عقوبات جديدة على إيران، لكنها لم توضح ماهيتها، وقال مسؤول أمريكي: "تجمعت القيادة للبحث في الخطوة المقبلة"، وأعلنت الإدارة عن إرسال تعزيزات لتأمين السفارة، التي تم تخفيض عدد العاملين فيها على مدى السنوات السابقة، فيما أغلقت القنصلية الأمريكية في البصرة عام 2018، ولم يعلن بعد عن خطط لإجلاء الدبلوماسيين المتبقين في العراق كلهم.
ويرى الكاتب أن أمن الدبلوماسيين موضوع حساس لوزير الخارجية مايك بومبيو، الذي صنع اسمه بصفته نائبا جمهوريا من خلال نقده للوزيرة السابقة هيلاري كلينتون وفشلها في تأمين القنصلية الأمريكية في بنغازي عام 2012، حيث قتل عدد من الأمريكيين، بينهم السفير، مشيرا إلى قول مسؤول بارز عمل سابقا مع إدارة ترامب: "لطالما كان بومبيو يخشى من وقوع حادث يشبه ما حدث في بنغازي في عهده".
ويفيد توسي بأن بومبيو قام بالاتصال مع قادة السعودية والإمارات وإسرائيل المعروفين بعدائهم لإيران، ليظهر الدعم الأمريكي الكبير للسياسات الأمريكية المعادية لإيران، مشيرا إلى أنه من غير المعلوم إن كان بومبيو سيزور العراق، مع أن هناك رحلة مخططة له لزيارة أوكرانيا والدول الجارة لها.
ويذكر الكاتب أن بومبيو تحدث مع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي والرئيس برهم صالح، اللذين أكدا له أهمية حماية الدبلوماسيين الأمريكيين، مستدركا بأن التقارير تكشف عن غض طرف المسؤولين العراقيين عن المحتجين الذين توجهوا نحو السفارة الأمريكية.
ويجد توسي أن "الأحداث الأخيرة تعد مثيرة، خاصة أن الولايات المتحدة لا تزال تنشر 5 آلاف جندي بعد 17 عاما من غزوها للبلد والإطاحة بنظام صدام حسين، ويأتي الهجوم بعد شعور الإدارة أن سياستها نحو إيران بدأت تثمر؛ ليس لأنها أفرغت خزينة الدولة الإيرانية، بل للتظاهرات في العراق ولبنان وكذلك في إيران، التي كشفت عن تعب شعبي من التدخل الإيراني في شؤون المنطقة".
ويورد الكاتب نقلا عن مسؤول في الخارجية، قوله للصحافيين يوم الاثنين: "ما نراه على المستوى الإقليمي، التظاهرات في إيران والتظاهرات في العراق ولبنان، هو رفض منظم للنموذج الإيراني القائم على إضعاف السيادة، والفساد المستشري، وعسكرة المظالم الطائفية، وزعزعة استقرار المنطقة".
ويستدرك توسي بأن "المليشيات الموالية لإيران كانت على ما يبدو راغبة بالاستفادة من اللحظة، ومع أن معظمها مرتبط بالقوات العراقية، إلا أنها كانت تقف وراء سلسلة من الهجمات التي استهدفت القوات الأمريكية في العراق، وقال المسؤولون الأمريكيون إنهم ناشدوا المسؤولين العراقيين لمنع هذه الهجمات وحماية القوات الأمريكية، لكن لم يتم عمل ما يكفي".
ويشير الكاتب إلى أن الولايات المتحدة ردت على مقتل متعهد أمريكي بضرب مواقع كتائب حزب الله في العراق وسوريا، لافتا إلى أن الهجوم أقلق العراقيين الذين وصفوه بأنه هجوم على قواتهم، وبهذه الحالة "الكتيبة 45 و46"، وشجب مستشار الأمن القومي الهجوم، واصفا إياه بأنه خرق للسيادة الوطنية، وقال إن بلاده ستراجع علاقتها مع أمريكا.
ويلفت توسي إلى أنه بحلول الثلاثاء هاجم المتظاهرون مجمع السفارة، وليس المبنى الرئيسي، وأضرموا الحريق في بعض الأجزاء، ما كان تذكيرا بالهجوم على السفارة في بنغازي وطهران، الذي أدى إلى اندلاع أزمة الرهائن.
ويبين الكاتب أنه مع تمترس الدبلوماسيين داخل السفارة، فإن النواب الجمهوريين والديمقراطيين سارعوا لتحميل إدارة ترامب مسؤولية السياسة القاسية ضد إيران، مشيرا إلى أن بومبيو وضع في العام الماضي قائمة من 12 مطلبا لتغيير سلوك إيران، رأى فيها النقاد دعوة لتغيير النظام.
ويذكر توسي أن نقاد ترامب رأوا أن النظام يسيطر على الأراضي وقمع المتظاهرين، مشيرا إلى أن السيناتور روبرت ميننديز، الديمقراطي عن نيوجرسي، علق قائلا إن نتائج سياسة أقصى ضغط هي التهديد على الملاحة البحرية، وجرأة وعنف من الجماعات الوكيلة لطهران في الشرق الأوسط، وقتل مواطن أمريكي في العراق.
وينوه الكاتب إلى أن إدارة ترامب ترد قائلة إن السبب ليس السياسة، وبأنها لو لم ترد على نشاطات كتائب حزب الله فإن إيران ستقوم بمواصلة نشاطاتها، مشيرا إلى قول مسؤول في الخارجية: "أمر الرئيس ترامب قواتنا للرد بطريقة تفهمها إيران، وهي اللغة التي يتحدثون بها، ونحن واثقون بهذا".
ويستدرك توسي بأنه رغم الاستفزازات التي ربطتها المخابرات الأمريكية بإيران، إلا أن ترامب قال إنه يريد تجنب النزاع، وأرسل مزيدا من التعزيزات العسكرية إلى الشرق الأوسط، وقال إنه يريد اتفاقا مع طهران.
ويختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن ترامب اقترب من تحقيق لقاء في شهر أيلول/ سبتمبر 2019، لكن لم تحدث تحركات دبلوماسية، ويرى البعض أن السبب يعود للمتشددين في إدارته.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
إنترسيبت: كيف دفعت عقوبات أمريكا إيران للضغط على العراق؟
نيويوركر: هذه قصة تبادل السجناء بين أمريكا وإيران
نيوزويك: إيران تعتمد على الدرون لمراقبة القوات الأمريكية