نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا، يتحدث فيه عن الأوضاع التي تعيشها الفصائل الشيعية العراقية، بعد الاغتيالات التي استهدفت قادتها يوم الجمعة.
ويكشف الموقع عن أن الفصائل الشيعية العراقية تعيش حالة من الفوضى بعد الاغتيالات لقادتها، رغم تعهد القادة العسكريين للحشد الشعبي بالرد على عملية اغتيال نائب رئيسها أبي مهدي المهندس وقائد فيلق القدس، الجنرال قاسم سليماني.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن قادة شيعيين، قولهم إن هذه الفصائل لم تكن قادرة على ضرب القوات الأمريكية في العراق بعد عملية الاغتيال التي تمت يوم الجمعة خارج مطار بغداد الدولي، مشيرا إلى قول قيادي شيعي: "فاجأت العملية الفصائل العراقية المسلحة، التي عدتها خرقا لقواعد الاشتباك الدولي وتهديدا لها على أراضيها".
ويورد الموقع نقلا عن مسؤول بارز في الحشد الشعبي، قوله بعد الرد الانتقامي الذي قامت به إيران يوم الأربعاء ضد قواعد عسكرية في العراق، إن الوقت قد حان لـ"رد عراقي"، وقال زعيم "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، في تغريدة: "لن يكون هذا الرد أقل حجما من الرد الإيراني".
ويشير التقرير إلى أن الموقع علم أنه في الوقت الذي كانت تشن فيه إيران الهجمات على القواعد العسكرية، فإن الحرس الثوري عقد اجتماعا مع الجماعات العربية المسلحة المرتبطة به، استمر لمدة 4 ساعات، للبحث في الخطوات المرتبطة بالرد الأمريكي، مستدركا بأن قادة الجماعات المسلحة التي تدعمها إيران أخبروا "ميدل إيست آي" أن خسارة قائدين يعني أنهم باتوا في حالة شلل وغير قادرين على الانتقام وتحمل ردود الأفعال الأمريكية.
وينقل الموقع عن قيادي كان مقربا من سليماني والمهندس، قوله: "ما حدث كان مفاجئا وكابوسا، وفقدان رجلين في وقت واحد كان صدمة لنا جميعا"، وأضاف أن "طريقة القتل والمكان والتوقيت كانت جميعها أمورا رهيبة ومؤلمة ومخيفة".
ويفيد التقرير بأنه في الوقت الذي ينظر فيه إلى سليماني على أنه بطل قاد بصفته مسؤولا عن فيلق القدس في الحرس الثوري، الفصائل المسلحة التي تقاتل نيابة عن طهران في الشرق الأوسط جميعها، إلا أن المهندس كان بمثابة العراب للمقاتلين العراقيين، الذي أنشأ معظم الفصائل المسلحة، مشيرا إلى أن القائدين عملا بمثابة البوصلة التي تحدد إرشادات وتوجيهات المهام والاستراتيجيات للجماعات التي تدعمها إيران في العراق، وأدى اغتيالهما إلى فقدان الثقة والقدرة على العمل معا، بحسب مصادر تحدث إليها الموقع.
ويورد الموقع نقلا عن سياسي شيعي بارز، قوله: "تعد الجماعات التي تدعمها إيران مجرد منفذة للأوامر، ولا رأي لها، وليس لديها مشروع خاص بها"، وأضاف أن "المشروع العقائدي الذي تزعم الجماعات أنها تتبناه هو مجرد خيال وغير واقعي، ويفتقد للأبعاد الجيوسياسية والجداول الزمنية، وظل يحدد أبعاد هذا المشروع سليماني والمهندس".
ويقول السياسي الشيعي: "تتمحور هذه الفصائل حول محورين: أبي مهدي المهندس وسليماني، بصفتهما ممثلين عن ولي الفقيه، وكان الرجلان هما من يعطي الأوامر والثقة ويحددان الأهداف.. المشكلة الآن هي أن العلاقات بين الرجلين كانت شخصية ومباشرة.. وفي ظل غياب سليماني والمهندس فقدت هذه الجماعات توازنها وبوصلتها التي تحدد اتجاهها".
ويلفت التقرير إلى أن المهندس كان من أكثر الرجال المطلوبين لأمريكا؛ لاتهامه بتفجير السفارة الأمريكية والفرنسية في الكويت، ونظر إليه على أنه أكثر رجال إيران تأثيرا في العراق، وعرف بنائب الحشد الشعبي، لكنه في الواقع لم يتول أي منصب في الحكومة منذ أيلول/ سبتمبر، عندما قام رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، بإعادة هيكلة الحشد الشعبي، وقلل من دور نائبه، وبعدها عرض عبد المهدي على المهندس قيادة أركان الحشد الشعبي، وهو ما رفضه ورفض تطبيق أوامره، وواصل التصرف وكأن أمرا لم يحدث.
ويستدرك الموقع بأنه رغم خسارته الدعم المالي والإداري من الحكومة، إلا أن تأثير المهندس استمر داخل صفوف الحشد بطريقة لم تكن فيها الحكومة قادرة فيها على السيطرة أو دفعه لتطبيق أوامرها، مشيرا إلى أنه خلال الأشهر الأربعة الماضية فإن قائد الحشد فالح الفياض مثل الحكومة، وظل يصدر بيانات من فترة لأخرى، وينكر فيها مواقف المهندس التي أحرجت الحكومة.
ويجد التقرير أنه رغم إحباط الحكومة، إلا أن المهندس وشخصيته القوية وتحديه لمعارضيه، هو ما جذب إليه المقاتلين واتباع أوامره، مشيرة إلى أنه من أجل الحفاظ على السلطة، فإن المهندس رفض المشاركة في السلطة، وأرغم أي شخص حاول تحديه أو منافسته على الخروج.
وينقل الموقع عن ضابط بارز في الحشد، قوله إن "المهندس كان بمثابة ضابط إيقاع للفصائل المسلحة، وكان يعرف كيفية التعامل معها، ويوجهها إلى الاتجاه الذي يريده أو إجبارها على عمل ما يريده".. أبقى الشؤون المالية والإدارية والعسكرية في يديه للسيطرة على كل شيء حوله".
ويبين التقرير أنه لهذا السبب فإن القادة يقولون بأن من الصعب استبدال القائدين، مشيرا إلى أن الحشد الشعبي، الذي أنشئ لمواجهة قوات تنظيم الدولة بعد انهيار الجيش العراقي عام 2014، يعد مظلة تجمع جماعات مثل منظمة بدر وكتائب حزب الله وعصائب الحق، وقوامه 140 ألف مقاتل، وبميزانية ملياري دولار في العام.
وينوه الموقع إلى أن المهندس استخدم الحشد الشعبي وسيلة للحفاظ على السيطرة، وقال قياديون إن المهندس حصل على ولاء بعض الفصائل من خلال منحها العقود، أو حرف النظر عن سرقتها لرواتب المقاتلين، فيما حرم الفصائل الأخرى من الأموال والمعدات والسلاح عندما تجرأت على مواجهة أوامره.
ويستدرك التقرير بأن سياسة العصا والجزرة التي استخدمها المهندس تركت آثارا سلبية، وبدأت
بالظهور حتى قبل مقتله، ما يجعل من الصعوبة على هذه الفصائل التعاون معا بعد رحيله، لافتا إلى أن هذا هو الحال لأن معظم الفصائل التي تملك أكبر عدد من المقاتلين والإنجازات ولديها الثقل تم استبعادها من المناصب القيادية في الحشد، التي تم منحها للقيادات الموالية له.
ويورد الموقع نقلا عن القيادي البارز، قوله إن التنافس على المناصب سيبقي الجماعات في حالة خصام، ما سيعقد من مهمة اختيار خليفة للمهندس، وأضاف القيادي البارز: "مثلا، قام المهندس بوضع خمس إدارات في الحشد تحت سيطرة صهره، فيما تم تسليم مناصب قيادية بارزة أخرى لشخصيات مقربة منه، وهذه كلها المناصب التي سيتم التنافس عليها".
وقال القيادي البارز للموقع إن التنافس على السيطرة بين الجماعات التي تدعمها إيران وتلك الموالية للمرجعية العراقية آية الله السيستاني قوي جدا، ولم يستبعد اندلاع نزاعات حقيقية بين هذه الفصائل، وقال: "لو لم يكن هناك قتال فسيكون هناك نزاع بين قادة الفصائل، وبالطبع فإن هذا سيضعف هذا الجميع".
ويشير التقرير إلى أن محاولات الحفاظ على التأثير الإيراني في الحشد الشعبي بدأت مبكرا، فبعد أقل من 24 ساعة من مقتل المهندس، عقد عدد من قادة الفصائل العسكرية والسياسية اجتماعا في بغداد، واتفقوا على ترشيح زعيم منظمة بدر، هادي العامري، ليحل محل المهندس، بصفة قائد للحشد لا نائبا له.
وينقل الموقع عن زعيم حضر اللقاء، قوله: "تحتاج الفصائل لرجل تجتمع حوله، وفي الوقت الحالي ليس هناك سوى العامري"، لكن "شخصية العامري ليست قوية مثل المهندس، لكن ليس لدينا بديل في الوقت الحالي، ولهذا وافقنا على ترشيحه ليتولى منصب رئيس الحشد؛ لأنه ليس من المعقول أن يعمل العامري تحت إشراف الفياض"، وأضاف أن الفياض يعد ضعيفا، "وعليه الرحيل، ويمكن لعبد المهدي التوقيع على مرسوم في أيام".
ويلفت التقرير إلى أن وضع الحشد الشعبي لا يتعلق فقط بالبحث عن بديل للمهندس، لكن دقة الاستهداف والظروف التي رافقت القتل التي جعلت قادة الجماعات الشيعية المدعومة من إيران يخشون على الأمن داخل فصائلهم، ومن أن أمريكا اخترقت صفوفهم بعمق وستقوم بتجميدهم واحدا تلو الآخر.
ويقول الموقع إنه في محاولة لشراء الوقت، وتهدئة أفرادهم، والحفاظ على ماء الوجه، فإنهم قاموا يوم الأحد بالضغط على البرلمان من أجل إصدار قرار يدعو لطرد القوات الأمريكية من العراق، مستدركا بأنه رغم تحذيرات عبد المهدي من تداعيات إخراج القوات الأجنبية من العراق، خاصة أمريكا، إلا أن البرلمان مضى وصوت يوم الأحد، ما منح القادة فرصة لتهدئة مشاعر مقاتليهم وإعادة تجميعها.
ويورد التقرير نقلا عن قائد جماعة تدعمها إيران، قولها: "كان هدف هذا القرار هو نزع فتيل الأزمة قبل أن تتورط جماعة في أمر لا يمكن التعامل معه لاحقا"، وأضاف: "كان الغضب عظيما والصدمة قاسية ومؤلمة على الجميع، وهو ما شتتنا وأفقدنا التركيز، بالإضافة إلى أن الوضع الحالي والتهديدات المستمرة من أمريكا شلت القادة".
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى قول قائد الجماعة: "نحن بحاجة لوقت للحداد، ولنجمع أنفسنا ونوحد قوانا، وبعدها نقرر خطوتنا المقبلة، فالمبادرة هي في أيدينا حاليا، ولا نريد فقدانها من خلال عمليات عاطفية غير مهمة وعلى قاعدة محدودة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
MEE: هذه دوافع ترامب الحقيقية لاغتيال قاسم سليماني
الغارديان: هل كان قتل سليماني جزءا من خطة مدروسة؟
NYT: قاسم سليماني ألقى بظل طويل على الشرق الأوسط