ما هي "العصائب الحمراء" لـ"تحرير الشام".. ودلالة ظهور الجولاني؟

برزت "العصائب الحمراء" مؤخرا بعد ظهور زعيم هيئة تحرير الشام، أبو محمد الجولاني معها، وهو يعصب على رأسه عصبة حمراء، في حين ظهرت بشكل أكبر خلال المعارك مع النظام السوري في أرياف إدلب وحلب.

ويعد تشكيل "العصائب الحمراء" القوة الهجومية الضاربة والأقوى في "هيئة تحرير الشام"، ورأس الهرم من بين التقسيمات الإدارية العسكرية في الهيئة، وفق ما رصده خبراء تحدثت معهم "عربي21".

وتسند إليها المهمات القتالية الأشد صعوبة والأكثر خطورة، حيث ظهرت هذه القوات في إصدارات إعلامية كثيرة تتكلم فيها عن مهامها وتدريبها العسكري من خلال تخريج معسكرات تابعة لها.

اقرأ أيضا: بـ"عصبة حمراء".. الجولاني يظهر لأول مرة منذ بدء حملة النظام

وحرصت الآلة الإعلامية لـ"تحرير الشام" على إظهار قوة "العصائب الحمراء" وجهوزيتها، وقد ظهر فيديو لعناصر من الأخيرة تبايع على "الموت" بحضور قائد "تحرير الشام" أبو محمد الجولاني، الذي ظهر معها واضعا على رأسه شارتها الحمراء، كدلالة على القتال حتى الموت.

والعصبة الحمراء في القتال مأخوذة من فعل أحد صحابة النبي يلقب بـ"أبي دجانة".

وعن أهمية "العصائب الحمراء" في "تحرير الشام"، يقول الصحفي المختص بالجماعات الجهادية عمر قيس: "تحرير الشام تقسم عسكريا إلى مجموعات مثل القواطع، التي تعد أقل تلك التقسيمات تدريبا وتجهيزا، فيما تعد الجيوش، كجيش علي وعمر وعثمان وأبي بكر ذات تدريب أعلى وتجهيز أفضل، أما العصائب الحمراء فتعد نخبة النخبة من بين عناصر الجيوش في الهيئة".

وأوضح أنه "يتم تدريب عناصر العصائب بشكل مكثف كما يتم تزويدهم بأسلحة نوعية بعض الأحيان، وتعمل هذه المجموعات على القيام بالعمليات الأكثر دقة في الهجوم، وعادة ما يرتبط اسم العصائب مع إحراز تقدم ميداني على الأرض".

وأكد أن ما قام به الجولاني من خلال الظهور مع "العصائب"، من باب التحريض لعناصره بشكل أساسي، ومن جهة أخرى فهو يريد أن يخبر الجميع أن أوراقا عسكرية عدة لا زالت بيده، ولم يحركها في معارك إدلب ومنها ورقة العصائب الحمراء.

ويضيف الصحفي في حديث لـ"عربي21"، أن "ما قام به الجولاني هو رد واضح على الاتهامات التي وجهها البعض للهيئة، إذ اتهمت بأنها مقصرة في عمليات الصد ضد قوات النظام، والأخير يريد من هذه البيعة استنفار عناصره، وإيصال رسالة بأن جنود الهيئة يبذلون ما بوسعهم، وهم مستعدون للموت في سبيل كسر حملة النظام وروسيا".

أماكن نشاطها

ويبين قيس أن "تحرير الشام" موجودة على أغلب المحاور في ريف حلب الجنوبي والغربي، وريفي إدلب الشرقي و الجنوبي، لكن ثقلها حسب ما يبدو متركز في منطقة ريف حلب الجنوبي أكثر من غيره.

وحول هذا الموضوع، يؤكد بدوره القيادي الميداني في "العصائب الحمراء"، الملقب بـ"أبو سليمان الشامي"، أن "مهمة العصائب الحمراء هي مهمة أي عنصر بتحرير الشام، الدفاع عن ثورة أهل الشام ومدنهم، وقد تم الإنفاق عليها ماليا من أجل إعدادها، لكي تقوم بمهمة الانغماس ووقف زحف العدو"، وفق قوله.

اقرأ أيضا: تحرير الشام تبدأ معركة بجمعية الزهراء بحلب بعد ظهور الجولاني

وقال القيادي في الهيئة لـ"عربي21": "العصائب الحمراء مهمتها في الأساس الهجوم على النظام، لذا هي تملك إمكانيات الهجوم، وعندها خبرة في ذلك، لاسيما قتال الشوارع وحرب العصابات، ولكن بسبب زحف النظام تقوم الآن بالدفاع والهجوم معا".

ولفت إلى أن العصائب "لم تدخل في قتال داخلي، وليس لها علاقة بالأمور الإدارية، فهي مدربة لقتال النظام فقط، وستدخل كل كتائبها المعركة في الأيام المقبلة".

العصائب الحمراء بالأرقام

من جهته، رأى الإعلامي محمد الأحمد، أن "العصائب الحمراء" هي إحدى أهم قوات النخبة لدى "تحرير الشام"، حيث أنها ومنذ تشكيلها في شهر آب/ أغسطس 2018، اعتمدت عليها الهيئة في أصعب العمليات والمهام، وتعد رأس الحربة لديها في عمليات الانغماس والاقتحام وعمليات خلف خطوط العدو، يخضع عناصرها لإعداد بدني وشرعي قاسي جدا، وتقدر أعداد عناصرها ب2000 مقاتل.

وقال الإعلامي في حديث لـ"عربي21": "بالنسبة لظهور الجولاني وسط عناصر العصائب الحمراء، بات الجميع يعلم أن شعبيته في الشمال المحرر باتت ضعيفة جدا، وذلك بعد الخسارات لمناطق كثيرة لاسيما بعد طرده لبقية الفصائل وسلبها سلاحها من المنطقة اللتي عجز عن الدفاع عنها مؤخرا، لذلك يأتي ظهوره في هذه الفترة الحرجة وقبيل معركة حلب، في محاولة منه لتعزيز شعبيته لدى الحاضنة في المناطق المحررة شمال سوريا"، وفق تقديره.

واعتبر أن "البيعة على الموت هو عرف سائد لدى الجماعات الجهادية قبيل انطلاق عناصرها للاقتحام في أي معركة تود خوضها، ويأتي ذلك في إطار رفع المعنويات، وتقديم كل عنصر كل ما يستطيع فعله، ويدل ذلك على أهمية المعركة وشدتها".

وضمن هذا السياق، قال القيادي المقرب من الجماعات الجهادية الملقب بـ"أبو همام الحمصي"، في حديثه لـ"عربي21" إن تحرير الشام تتهم بأنها لم تبذل كل جهدها أمام حملة النظام السوري، ولكنه أضاف: "تنشط تحرير الشام فعليا في ريف إدلب الشرقي، وفي ريف حلب الجنوبي وفي الكبينة، وهي تدعم الفصائل الأخرى مثل أنصار التوحيد والتركستان وغيرهم".