أبدت كتل سياسية عراقية "امتعاضها" من لقاءات يومية يجريها رئيس الحكومة المكلف محمد توفيق علاوي مع وفود من المتظاهرين، في محاولة منه للاستماع إلى شروطهم قبل إعلان كابينته الوزارية.
وأفادت وسائل إعلام محلية بأن كتلة تحالف "الفتح" بزعامة هادي العامري تقف على رأس تلك القوى الممتعضة من لقاءات علاوي مع المتظاهرين، مشيرة إلى أن سحب هذه الكتلة دعمها للأخير يهدد بعدم حصول حكومته على ثقة البرلمان.
"رسالة غير مطمئنة"
وفي حديث لـ"عربي21" كشفت مصادر سياسية طلبت عدم كشف هويتها، أن "الكتل السياسية تفاجأت من خطاب محمد توفيق علاوي الأول، الذي أعلن فيه عن رفضه تدخل الأحزاب في تشكيل حكومته".
وأوضحت المصادر أن "كتلا سياسية في تحالف البناء اعتبرت رسالة علاوي التي خاطب فيها المتظاهرين أثناء إعلان تكليفه برئاسة الحكومة، غير مطمئنة، وبالتالي فإن امتعاض الكتل ليس بالأمر الجديد، إلا أنه قد يتطور، لأن حكومة علاوي يجب أن تمر على البرلمان لنيل ثقة الكتل السياسية".
ويضم تحالف "البناء" كتلة "الفتح" بزعامة هادي العامري، وائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي، إضافة إلى "اتحاد القوى" (أكبر ممثل للسنة بالبرلمان) الذي يرأسه رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، فضلا عن كتل أخرى صغيرة.
وجاء تكليف علاوي برئاسة الحكومة الانتقالية، بعد اتفاق تحالفي "الفتح" بزعامة العامري، و"سائرون" المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، فيما أعرب ائتلاف "دولة القانون" عن تحفظه على تعيين وزير الاتصالات السابق خلفا للمستقيل عادل عبد المهدي.
"عودة للمربع الأول"
اعتبر المحلل السياسي كريم النوري، في حديث لـ"عربي21"، أن "المظاهرات الحالية جزء مهم في التغيير الجديد، سواء في إقالة الحكومة أو تغيير المفوضية العليا للانتخابات، وكذلك الدعوة لانتخابات مبكرة، وأن كل هذا لم يكن بفعل الأحزاب، وإنما بفعل ودماء وتضحيات الجماهير".
وشدد النوري على ضرورة "إصغاء علاوي للمحتجين، لأنه لا يمكن التعويل على السياسيين فقط، كونه يتنافى من الأساس مع تغيير الحكومة"، لافتا إلى أن "الكتل السياسية التي تعترض على رئيس الحكومة المكلف، تجانب الحقيقة".
وأضاف: "حتى وزراء الحكومة الجديدة، لابد أن تكون لهم المقبولية من المتظاهرين الذين يمثلون الشعب العراقي"، مؤكدا أن "من يرفض جلوس علاوي مع المتظاهرين، فهو يريد إبعاده والعودة بالبلد إلى المربع الأول".
اقرأ أيضا: بدأ مشاوراته.. شكل وأولويات حكومة علاوي المتوقعة بالعراق
ورأى النوري أن "امتعاض الكتل السياسية من جلوس علاوي مع المحتجين، يؤكد أنها فاسدة ومنزعجة من الدعوات لمحاربة الفساد، وهي نفسها الكتل من تتآمر على المتظاهرين، وتطلق عليهم ألقابا سيئة، ومنها: جماعة الجوكر".
وقال: "على الفاشلين والفاسدين من القوى السياسية، الاستماع للجماهير، أما المكابرة والغطرسة والعناد فلا تزيدهم إلا بعدا عن الشعب العراقي".
وبخصوص اعتزام بعض الكتل عدم تمرير حكومة علاوي بالبرلمان، أكد النوري: "من المفترض أن يصوت البرلمان لصالح محمد توفيق علاوي، استجابة للشارع، وإلا لا يمكن أن يكونوا هم في واد، والشعب العراقي في واد آخر، فهذا انتحار سياسي للقوى السياسية".
"استقالة علاوي واردة"
وفي السياق ذاته، لم يستبعد الأكاديمي وأستاذ الإعلام وحيد عباس، أن يقدم علاوي اعتذاره من رئاسة الحكومة إذا استمرت حالة القمع التي تطال المتظاهرين.
وأضاف عباس في حديث لـ"عربي21" أن علاوي لا يمكن أن ينطلق بحكومة وسط نفس الظروف التي أطاحت بسلفه عادل عبد المهدي، لافتا إلى أن من يقمع الاحتجاجات اليوم يساهم بشكل كبير في وأد حكومة علاوي قبل ولادتها.
وحذر الأكاديمي العراقي من "دخول البلد في حالة الفوضى إذا استمرت المليشيات في استهداف وفض الاحتجاجات الشعبية، التي خرجت بمطالب حقة، رئيس الحكومة المكلف أقرها وطالبهم بعدم التراجع عنها والاستمرار في مظاهراتهم".
والأوضح أن "الإطاحة بحكومة علاوي، تعني ذهاب البلد نحو المجهول، لأنه جاء بعد شهرين من المفاوضات بين الكتل السياسية، وأمامه اليوم فرصة لتشكيل حكومة ترضي الشارع العراقي، فمن الصحيح جلوسه مع المتظاهرين لتهدئة الغضب المتنامي".
ويجري رئيس الحكومة المكلف محمد توفيق علاوي، مشاورات مع الكتل السياسية لاختيار كابينته الوزارية، والتي تعهد بأن تكون من المستقلين والكتنوقراط، بعيدا عن المحاصصة الحزبية، مهددا بتقديم استقالته في حال تعرض لضغوط وإملاءات القوى داخلية وخارجية.
وكلف الرئيس العراقي، برهم صالح، في الأول من شباط/ فبراير الجاري، وزير الاتصالات السابق محمد توفيق علاوي، بتشكيل حكومة جديدة، وذلك بعد شهور من الاحتجاجات والاضطرابات السياسية.
بدأ مشاوراته.. شكل وأولويات حكومة علاوي المتوقعة بالعراق
متظاهرو العراق والتيار الصدري.. توتر متصاعد ينذر بالصدام
رفض واسع لتكليف علاوي على مواقع التواصل بالعراق