وسط مواجهات وانقسام سياسي حاد، ورفض من شرائح شعبية عريضة، تتقدم حكومة حسان دياب اليوم الثلاثاء لامتحان نيل الثقة من مجلس النواب.
ومنذ الصباح الباكر تجمع مئات المتظاهرين، وسط العاصمة بيروت، لمنع وعرقلة وصول النواب للبرلمان في مسعى شعبي لتعطيل التصويت على الحكومة التي تنتظرها الكثير من الملفات الصعبة والشائكة على مختلف الصعد.
وأطلقت قوات الأمن اللبنانية الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين في محيط البرلمان اللبناني، وفقا لما نقلته الوكالة الوطنية للإعلام، الثلاثاء، وأوضحت الوكالة أن المتظاهرين ردوا على قوات الأمن اللبنانية بإلقاء الحجارة، فيما تحاول قوات الأمن إزالة الحواجز، التي وضعها المتظاهرون، من الطرق المؤدية إلى سرايا الحكومة في وسط بيروت.
وحاولت قوات من الأمن اللبناني اقتحام مسجد "محمد الأمين" بساحة الشهداء في بيروت، بدعوى احتشاد عدد من المحتجين المطلوبين فيه، في ما قال محتجون إنهم هرعوا للمسجد هربا من القنابل الدخانية والغازية المسيلة للدموع.
وأعلن الصليب الأحمر اللبناني، الثلاثاء، إصابة 373 شخصا في مواجهات بين محتجين وقوات الأمن، بمحيط مقر البرلمان في العاصمة بيروت.
وقال الصليب الأحمر اللبناني، عبر حسابه بتويتر، إنه "تم نقل 45 جريحًا إلى مستشفيات المنطقة، في حين جرى إسعاف 328 مصابًا في المكان".
كما حاول عدد من المحتجين إغلاق الطريق البحرية المؤدية إلى وسط بيروت، بعد إغلاق القوى الأمنية كافة الشوارع المؤدية للبرلمان.
كذلك أقدم محتجون بمحيط مجلس النواب وسط بيروت، على إحراق أحد فروع البنوك بمنطقة رياض الصلح وسط العاصمة، ما أدى لاندلاع كبير لألسنة النيران فيه.
ودفعت تحركات المحتجين الأمن اللبناني إلى إطلاق خراطيم المياه وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، وسط تزايد مضطرد لأعداد المحتجين القادمين من محافظات أخرى بعيدة.
اقرأأيضا : اللبنانيون يواصلون الاحتجاج مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية
وبدأت حشود المتظاهرين بالتجمع بالقرب من المجلس النيابي منذ مساء الاثنين، رافعين شعار "لا ثقة"، بعد دعوات متعددة دعا إليها متظاهرون للتجمع تزامنا مع وقت انعقاد الجلسة البرلمانية اليوم.
وأعلنت القوى الأمنية والجيش اللبناني القيام بإجراءات استثنائية لمنع وصول وتقدم المتظاهرين، أو إعاقتهم لقدوم أعضاء مجلس النواب يومي الثلاثاء والأربعاء، وفق ما ذكت وسائل إعلام محلية.
ودعا الجيش المواطنين إلى "التجاوب مع التدابير المتخذة وعدم قطع الطرقات إنفاذا للقانون والنظام العام، وحفاظا على الأمن والاستقرار".
بدء الجلسة
ورغم الصعوبة الكبيرة التي اعترت قدوم ومشاركة النواب في ظل الطرق المقطوعة والحواجز، إلا أن عددا كبيرا من النواب المؤيدين للحكومة تمكنوا من الحضور، في ما أشار رئيس مجلس النواب نبيه بري في مطلع افتتاحه للجلسة، إلى رفضه الكبير لما قام به بعض المحتجين.
مؤكدا "نحن أبدينا جميعا بدون استثناء الحرص على الحراك الحقيقي وتنفيذ مطالبهم، واليوم مطلوب من هذا الحراك التبرير لنا وللقضاء هل يرضى بالاعتداءات التي حلصت على قوى الجيش وقوى الأمن بالأمس القريب والبعيد".
وأضاف بري:"اليوم تحديدا، طال الاعتداء تكسير 5 سيارات تابعة للنواب والوزراء، والأدهى من هذا الاعتداء على حياة الزميل الكريم سليم سعادة الذي يخضع لتطبيب بالوجه والرأس إثر الحجارة التي انهارت عليه، والان اطمئنيت أن عينه سلمت، بانتظار موقفكم أيها الحراك الحقيقي".
ولفت إلى أن الجلسة "ستبقى منعقد قانونيا نظرا لتوفر النصاب حتى الساعة الرابعة عصرا تليها فترة استراحة حتى السادسة، وبعدها الاستمرار بجلسة مفتوحة حتى نيل الثقة".
وأكد على أن الجلسة افتتحت بحضور "67 نائبا والآن العدد 68 وليس كما قيل من بعض النواب من خارج الجلسة"، في رد على ما يبدو على تصريح للنائب سامي الجميل الذي قال إن الجلسة افتتحت دون نصاب.
من جانبه قال رئيس الوزراء اللبناني المكلف،
حسان دياب، اليوم الثلاثاء، إنه لا مفر من خطوات "مؤلمة"، لإخراج لبنان
من أزماته المتعددة، ضمن خطة طوارئ شاملة لإنقاذ البلاد أعدتها حكومته.
وفي كلمة ألقاها بمستهل جلسة للبرلمان
اللبناني، للتصويت على منح الثقة للحكومة الجديدة، قال دياب: "مخطئ من يعتقد
أنه سينجو من أي انهيار للاقتصاد ومن غضب الناس، ولنعترف بأن استعادة الثقة تكون
بالأفعال وليس بالوعود".
وتابع دياب: "نواجه أزمات اقتصادية ومالية
واجتماعية ومعيشية وبيئية، بطالة وفقر وانهيار وتهديد للبنى التحية وللخدمات،
وتهديد للناس في صحتهم ورواتبهم وسكنهم ولقمة عيشهم".
ولفت دياب إلى أن تراكم الأزمات في البلاد
"يستدعي مراجعة للأسباب، ويستوجب اتخاذ خطوات بعضها مؤلم ضمن خطة إنقاذ
شاملة، ولأننا في مرحلة استثنائية مصيرية ورثناها كحكومة تماما كما ورثها الشعب،
وانطلاقا من الحس الوطني، وافقنا على تسلم المهمة في ظروف ندرك حجم مخاطرها".
وتابع دياب: "برنامجنا يتضمن خطة طوارئ
وإصلاحات قضائية تشريعية ومعالجة في الآلية العامة تواكبها إجراءات اقتصادية
للانتقال من الاقتصادي الريعي إلى الإنتاجي".
وأردف: "ملتزمون بسرعة التنفيذ لأن التأخر
يكلف المزيد من الخسائر، وقد نصل إلى انهيار كامل يكون الخروج منه صعبا أو شبه مستحيل".
واستطرد دياب: "ملتزمون بالعمل كحكومة
تعتبر أن الكثير من مطالب الحراك محقة وملحة، حكومة نزيهة وشفافة تتواصل مباشرة مع
جميع المواطنين وخاصة مع الحراك".
وكان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، قال في تصريح له في صفحته الرسمية في موقع "تويتر" إن افتتاح جلسة الثقة دون نصاب "هو أمر غير دستوري ومخالف للنظام الداخلي، وهو ضرب للديمقراطية في لبنان وتحد لشباب لبنان المنتفض"، معتبرا أن "على النواب الذين لم يدخلوا القاعة بعد ألاّ يشاركوا في هذه الجريمة".
إلى ذلك أكد عضو "اللقاء الديمقراطي" المحسوب على الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، النائب مروان حمادة في تصريح له أن "لا حضور ولا ثقة للحكومة، لأن القضية ليست قضية حكومة بل عهد كساد وفساد وإنحراف، عهد موبوء يجب أن يرحل".
وتواجه حكومة دياب مقاطعة عريضة من تيار الحريري ووليد جنبلاط وسمير جعجع، إضافة لعدد من المستقلين، ما يضعها أمام اتهامات كونها حكومة تابعة لقوى 8 آذار بقيادة حزب الله والتيار الوطني الحر بزعامة وزير الخارجية السابق جبران باسيل صهر الرئيس اللبناني ميشال عون.
وعلى هامش الاجتماع البرلماني قالت صحيفة النهار ومصدر حكومي ،الثلاثاء، إن نبيه بري رئيس البرلمان يرى أن لبنان بحاجة إلى مساعدة فنية من صندوق النقد الدولي لصياغة خطة إنقاذ اقتصادي وأن البت في سداد سندات دولية تستحق في آذار/ مارس المقبل ينبغي أن يستند لمشورة الصندوق.
اقرأأيضا : وزير مال لبنان الجديد: مليار دولار مستحقة الدفع آذار المقبل
ونقلت النهار عن شخصيات زارت بري إنه يرى أيضا أن لبنان لا يستطيع أن "يسلم أمره" لصندوق النقد نظرا "لعجزه عن تحمل شروطه"، وهو ما أكده المصدر الحكومي الذي تحدث لرويترز مشترطا عدم نشر اسمه.
وينوء لبنان بأحد أكبر أعباء الدين في العالم ويعاني من أزمة مالية واقتصادية غير مسبوقة قادت البنوك لفرض قيود غير رسمية على حركة رؤوس الأموال لمنع نزوحها في حين فقدت العملة نحو ثلث قيمتها.
وبري من أكثر الشخصيات نفوذا في البلاد واختارت حركة أمل التي ينتمي إليها عددا من الوزراء في حكومة رئيس الوزراء حسان دياب الذي تولي منصبه الشهر الماضي، ومن بينهم وزير المالية.
وقال بري إن لبنان ينبغي أن يستغل الفترة المتبقية قبل استحقاق الدين في التاسع من مارس آذار لتوجيه رسالة للخارج "لعلها إلى الأمريكيين تحديدا" مفادها أن لبنان يحتاج إلى الاستعانة بالصندوق من أجل تقديم مساعدة فنية من خلال خطة إنقاذ.
وقال "لا يزال متاحا أمام لبنان خلال الأسبوعين المقبلين وقبل نهاية الشهر الجاري للاستفادة من هذا الإجراء على قاعدة أن يتمكن لبنان من صياغة موقفه من استحقاق (السندات الدولية) - بدفع التزاماته أو عدم دفعها - بناء على ما ينصحه به صندوق النقد".
ولكنه أضاف أن الشعب اللبناني لن يطيق شروط الصندوق، مضيفا أن لبنان ليس اليونان أو الأرجنتين - وهما دولتان عانتا من أزمات مالية أيضا.
تعرف على السيرة الذاتية لوزراء حكومة لبنان الجديدة
البنوك تدفع فاتورة غضب اللبنانيين.. وجمود بتشكيل الحكومة
تعزيزات أمام مصرف لبنان.. ومتظاهرون يرشقون "مولوتوف"