تثير الملاحقة
والاستهداف المتواصل من قبل الاحتلال
الإسرائيلي؛ لرئيس الحركة الإسلامية في
الداخل الفلسطيني المحتل عام 1984، الشيخ
رائد صلاح، التساؤل عن الأسباب الحقيقية
التي تقلق الحكومة الإسرائيلية التي يتزعمها بنيامين نتنياهو، من القيادي الفلسطيني
الذي انشغل بملف
القدس المحتلة والمسجد
الأقصى لعقود.
شيطنة القيادات
وتحدثت نخب فلسطينية
من الداخل المحتل لـ"عربي21"، عن الأسباب الحقيقية التي تقف خلف استمرار
استهداف الحكومة الإسرائيلية للشيخ رائد، والذي توج الاثنين الماضي بإصدار محكمة
إسرائيلية حكما بسجن الشيخ 28 شهرا.
وحول الاستهداف
المستمر من قبل الاحتلال للشيخ صلاح، أوضح النائب العربي بالكنيست الإسرائيلي عن
"القائمة المشتركة"، سعيد الخرومي، أن "حكومة نتنياهو اليمينية
المتطرفة، تعمل على تجريم ومحاصرة العمل السياسي العربي، وشيطنة القيادات العربية
في الداخل".
ونوه في حديث خاص
لـ"عربي21"، أن "الحكومات الإسرائيلية منذ سنوات عديدة وهي تلاحق
الشيخ رائد، وخاصة لارتباط اسمه بالمسجد الأقصى المبارك"، مشيرا إلى أن
"هذه الملاحقة الإسرائيلية للشيخ توجت بإخراج الحركة الإسلامية (الشق
الشمالي) خارج القانون الإسرائيلي".
ولفت الخرومي، إلى أن هناك
"ملاحقة إسرائيلية شخصية متواصلة للشيخ، وتأويل أيضا لأقواله كيفما شاؤوا،
بشكل غير طبيعي وغير منطقي"، مؤكدا أن "هدف هذه الملاحقة؛ مضايقة الشيخ
ووضعه بعد إخراج الحركة الإسلامية خارج القانون في السجن، وهذا ما حدث بالفعل؛ عبر
الحكم عليه بالسجن 28 شهرا".
وأكد أن
"الملاحقة الإسرائيلية ستستمر لباقي الأحزاب الوطنية العربية عل مختلفة
توجهاتها الفكرية أو السياسية"، منوها إلى أنه "في هذه الأيام هناك ضغط
وملاحقة إسرائيلية لحزب التجمع وقيادته، وهذا الضغط سيستمر تجاه باقي الأحزاب
العربية في الداخل".
شخصية كاريزماتية
وبين النائب العربي،
أن "حكومة نتنياهو واليمين في إسرائيل، لا يريد أحزابا وتنظيمات سياسية عربية
تتحدث بصوت المواطن العربي، بل يريد قيادات سياسية خانعة تلعب حسب المفاهيم
الإسرائيلية للمواطنة، وتتماشي مع مشروعهم العنصري و تصمت على جرائم الاحتلال، وبطبيعة
الحال هذا لن يحدث".
ونبه أنه "كانت
هناك شخصيات دخلت الأحزاب الصهيونية وأخرى تماهت مع المشروع الصهيوني ولكنها
اندثرت، لأن الناس تعطي ثقتها في الشخصيات التي تمثل المشروع الوطني لفلسطينيي الداخل وتقف على الثوابت الفلسطينية، ولذلك حكومة نتنياهو تمادت كثيرا في قضية
الشيخ رائد".
وأضاف: "نحن
نواجه يمينا إسرائيليا متطرفا، وسياسة أقل ما يقال فيها أنها عنصرية، ومع ذلك فإن الإرادة قوية"، مؤكدا أن الاحتلال الإسرائيلي "لن ينجح في كسر إرادة
الشيخ رائد صلاح أو إرادة كل من يؤمن بفكر مقاومة الاحتلال ورفض ممارسته".
من جانبه، أوضح الباحث
والمحلل السياسي المختص في الشأن الإسرائيلي صالح لطفي، أن "هناك 4 أسبابا مركزية تدفع المؤسسة الإسرائيلية لملاحقة الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا وفي
مقدمتها الشيخ رائد؛ كرئيس لهذه الحركة".
ويتعلق السبب الأول،
بحسب الباحث في حديثه لـ"عربي21"، بـ"شخصية الشيخ نفسه؛ فهو شخصية كاريزماتية،
ذات نفوذ وتأثير هائل في الداخل الفلسطيني على مختلف قطاعاته الدينية
والسياسية"، لافتا إلى أن "الشيخ رائد كشخص، تشكل أخلاقيته أنموذجا، يكاد
يكون مثالا للقائد الوطني والإنساني في المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني
وللفلسطينيين عموما".
وأضاف لطفي: "هذا
الأنموذج يشكل تحديا أخلاقيا من جهة، وتحديا مصيريا سياسيا من الجهة الأخرى، يدفع
المؤسسة الإسرائيلية لإبعاده، لأنه يمكن أن يشكل حالة اقتفاء واتباع"، لافتا إلى أن "السبب الثاني؛ أن الشيخ رائد رفع قضية كادت تندثر، وهي اليوم في سياق
مؤامرة دولية وعربية للأسف الشديد؛ وهي قضية القدس وفي مقدمتها والقلب منها المسجد
الأقصى المبارك".
تمرير
"الصفقة"
وبين أن "الشيخ
رائد منذ عام 1992 وحتى هذه اللحظات، ورغم اعتقاله لسنوات في سجون الاحتلال، رفع
قضية الأقصى، لتشكل رابطا عقديا عند المسلمين في العالم، ورابطا وجدانيا ووطنيا عند
الفلسطينيين؛ فكانت هناك حالة إجماع فلسطيني على مختلف أطره السياسية والدينية، في
الذود والدفاع عن الأقصى، والحيلولة دون تمرير المخططات الصهيونية تجاه
المسجد".
وتابع: "لذلك كان
لا بد من إبعاد الشيخ وحظر الحركة الإسلامية؛ كي يتم تمرير هذه المخططات التي
فضحها الشيخ رائد منذ عام 1996 إلى حين اعتقاله عام 2017".
وأما السبب الثالث،
فهو بحسب الباحث يتعلق بـ"طروحات الشيخ ومن خلفه الحركة الإسلامية، في ما
يتعلق بحاضر ومستقل الداخل الفلسطيني"، مبينا أن "الشيخ رائد طرح مشروع
أطلق عليه "مشروع المجتمع العصامي"، وهو مشروع يتجاوز سقف الدولة إلى
حالة من "الاستقلال الذاتي" على المستوى الفلسطيني في الداخل؛ بحيث يكون
التعاون ما بين المجتمع الفلسطيني بكل مركباته ومكوناته والمجتمع الإسرائيلي
باعتباره مجتمع متغلب، يتم من خلال منطق تفرضه هذه "الأقلية" وليس
الأغلبية".
ونوه أن "المكون
الداخلي؛ الرأسمالي والاخلاقي والسياسي، هو الذي سيكون الدافع والمثير لهذا
الأنموذج، وهذا شكل بالنسبة للإسرائيليين حالة تحد غير مسبوقة على وجود الدولة
ذاتها، من حيث العلاقة البينية بين هذا الداخل؛ الذي تحول إلى أقلية وبين الدولة
المتغلبة التي تحولت إلى أغلبية سكانية على مدار السنين".
وبشأن السبب الرابع،
ذكر لطفي أنه "تكشف اليوم، بعد الإعلان عن مخططات "صفقة القرن"، أن
حظر الحركة الإسلامية واعتقال الشيخ رائد صلاح، يأتي ضمن سيرورة تطبيق وتنفيذ هذا
المخطط المسمى "صفقة القرن"، على اعتبار أن تحييد جسم كبير فاعل ونشط
يتمثل بالحركة الإسلامية، وشخصية سياسية كاريزماتية كالشيخ، يمكن أن يمرر هذه
الصفقة، في ظل أن الطيف السياسي في الداخل الفلسطيني، سقفه الكنيست الإسرائيلي
وليس أكثر".
وقدر الباحث، أن
"من كان سقفه الكنيست، مهما احتج على هذه الصفقة، سيبقى ضمن اللعبة السياسية
التي تتعاطاها إسرائيل على مستواها الداخلي والخارجي، وذلك على خلاف الحركة التي
لم يكن سقفها سقف الدولة".