سيطرت قوات النطام السوري مدعومة بغطاء جوي روسي على مدينة كفرنبل، ذات الرمزية الكبيرة، بسبب التحاقها منذ البداية بالثورة السورية، ثم الحراك المسلح، كما أنها اشتهرت بلوحاتها الفكاهية والساخرة، التي رسمت على جدرانها في حراكها السلمي.
وحول أهمية هذه المدينة بالنسبة للثورة السورية، يقول القيادي في المعارضة السورية محمد قحطان: "عمل عدد من نشطاء مدينة كفرنبل إلى إيصالها للعالمية، أمثال رائد الفارس، وحمود جنيد، وخالد العيسى، كما احتضنت الناشط هادي العبدالله، والكثير من المؤسسات الإعلامية والثورية ومنظمات العمل المدني".
اقرأ أيضا: نيويوركر: من هو رائد فارس الذي ماتت باغتياله الثورة السورية؟
وأضاف أن كل ذلك أهلها لتتصدر مكانة مرموقة في ذاكرة ووجدان السوريين، كما أنها تعد من معاقل الثورة عسكريا، لما تحتويه من مركزيات لكبرى الفصائل على اختلاف أيدولوجياتها وتبعياتها، أهمها "جيش إدلب الحر"، و"هيئة تحرير الشام" و"أحرار الشام".
عقدة طرق هامة
وأكد القيادي في حديثه لـ"عربي21" أن "كفرنبل تتمتع بموقع مميز، حيث تعد عقدة طرق تصل بين جبل الزاوية وجبل شحشبو ومعرة النعمان في منطقة صعبة جغرافيا، ما جعلها هدفا ثمينا للنظام ومليشياته".
وأضاف قحطان أن "النظام حقق بالسيطرة عليها الكثير من الأهداف المرحلية، منها تقطيع أوصال المدن والقرى المنتشرة، وبالتالي تسهيل عملية السيطرة عليها بأقل التكاليف، حيث تبدو وجهة النظام مؤقتا بعد السيطرة عليها باتجاه جبل شحشبو، من أجل تأمين سهل الغاب من رمايات الفصائل، ومن ثم باقي أجزاء جبل الزاوية، التي تشهد جبهاته انكسار غير مسبوق وسط سقوط بالجملة للقرى المحيطة به، رغم عامل التضاريس المساعد على القتال والصمود".
جبل الزاوية
ويعزو القيادي سبب تقدم النظام سريعا في جبل الزاوية إلى أسباب عدة، منها سوء التخطيط وإدارة المعركة من الفصائل التي ركزت جهودها وقواها بشكل أساس على جبهة النيرب وسراقب، وأهملت محور جبل الزاوية، وكذلك بسبب التواجد الخجول لـ"تحرير الشام" في المنطقة هذه.
من جانبه، يرى القيادي في "الجيش الحر" النقيب عبد السلام عبد الرزاق، أن كفرنبل من كبرى المدن في أطراف جبل الزاوية، والسيطرة عليها من النظام يعني بداية دخوله في جبل الزاوية، المنطقة الأصعب التي يتقدم إليها حتى الآن طبيعيا وبشريا، وهو إنجاز كبير بالنسبة له.
اقرأ أيضا: كفرنبل.. بلدة سورية غالبية قاطنيها من القطط بسبب الحرب
"سفيرة الثورة"
وقال القيادي في تصريح لـ"عربي21": "إن كفرنبل هي رمز للثورة السورية السلمية، وسفيرة الثورة، وكلمتها التي أوصلت هموم ومطالب السوريين المحقة بالحرية والكرامة لكافة أرجاء العالم"، مبينا أن "النظام سيحاول إغلاق ومحاصرة المناطق جنوب كفرنبل وقسطون والخط الموازي من جبل شحشبو وريف حماه الغربي، وهو يسعى في هذه المرحلة للسيطرة على جنوب الطريق حلب اللاذقية".
واعتبر أن القصف الكثيف والتمهيد الروسي بكافة إمكانياته يضعف من قدرة الثوار على الدفاع، لذلك انتقل التكتيك للدفاع بمهاجمة محاور أخرى، وتركز هجوم الفصائل على محور سراقب، فإن استطاع الثوار السيطرة على سراقب والتثبيت فيها، فلا معنى لكل تحركات النظام وتقدمه، لأنها تقطع أوتوتستراد حلب دمشق، وحلب اللاذقية.
في سياق متصل، يعتقد الصحفي السوري أحمد قيس، أن النظام سيتجه بعد كفرنبل إلى عدة محاور شمالا، كنصفرة والبارة، وشمال غرب باتجاه حزارين وكفرعويد، التي يستطيع من خلالها حصار جبل شحشبو وسهل الغاب بريف حماة.
وقال الصحفي في حديث لـ"عربي21": "الفصائل فشلت عسكريا في محاور جنوب إدلب، منذ حملة النظام على كفرنبودة والهبيط، واستمر هذا الفشل إلى أن سيطر النظام على كفرسجنة وتل النار المحصنتين بشكل كبير، ومن ثم انطلاقه شمالا إلى معرزيتا وبسقلا وكفرنبل، وهي مناطق ذات وعورة كبيرة تحيطها كروم الزيتون من كافة الجهات، ما ساعد على الصمود فيها لفترات طويلة".
وأكد أن "سوء التنسيق بين الفصائل حتى الآن، سببه الهوة التي صنعتها الهيئة بينها وبين بقية الفصائل، ما أدى إلى فوضى وانسحابات سريعة من عدة محاور يمكن الصمود فيها لشهور".
من جهة أخرى، يذهب الناشط الإعلامي إيهاب البكور، إلى أنه لا يمكن حتى اللحظة القول إن قرى جبل الزاوية المركزية سقطت، فالتعويل على بلدات جوزف والبارة واحسم، التي تتمتع بتضاريس وعرة وصعبة، لكن يمكن التعويل على تواجد القوات التركية في عمق جبل الزاوية.
وقال الناشط في حديث لـ"عربي21": "مشاركة تحرير الشام في المعركة بحسب المعلومات المتوفرة مقتصرة على بعض المجموعات وبعض المقاتلين بشكل فردي"، مبينا أن "الأخيرة لا تلقي بثقلها العسكري في المعركة حتى الآن، بالرغم من تقدم النظام إلى معسكرات تابعة لها، كانت تعد ركائز عسكرية لها، مثل جبل حاس وحرش كفروما وحرش كفرنبل".
مخيمات الحدود تدخل دائرة الخطر مع تقدم النظام شمالي إدلب
جدل حول إمكانية حل "تحرير الشام" بإدلب رغم نفي الأخيرة
ماذا بعد سيطرة النظام على "الفوج 46" واستهداف "سرمدا"؟