تم توقيع
اتفاق بين روسيا وتركيا، الخميس، عقب التصعيد العسكري الكبير بينهما على الأراضي السورية،
وتم الاتفاق على إيقاف إطلاق النار، وإنشاء ممرات إنسانية، وتسيير دوريات مشتركة بينهما
على طريق m4.
وأكد
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن النقاط التركية لن تغير مواقعها، وأن الجيش التركي
سيتعامل مع أي اعتداء عليه من قبل النظام.
وحول
هذا الاتفاق، يرى القيادي في المعارضة السورية عمر سالم، أن روسيا تمكنت من امتصاص
غضب الأتراك بعد حادثة مقتل جنودهم في إدلب.
وقال
القيادي في حديث لـ"عربي21": "توعدت تركيا النظام بطرده من منطقة خفص
التصعيد حتى حدود سوتشي 2018، وقامت باستهدافه بشكل مباشر، الأمر الذي جعل روسيا تطلب
من تركيا الاتفاق على وقف إطلاق النار، مع بقاء الوضع الميداني على حاله، ومن ثم فرض الروس رؤيتهم وتسوية الأمر لصالحهم بطريقة هدنة مؤقتة، يحتاجها النظام والروس لترتيب
صفوفهم عقب الخسائر الكبيرة التي تلقوها بالعتاد والعناصر، جراء المعركة المستمرة منذ
قرابة 4 أشهر، ليتموا بعدها هدفهم الأساسي بالسيطرة على كامل إدلب".
وأكد
أن التصعيد والتحشيد العسكري مستمر بين جميع الأطراف، في ظل تهديد الأتراك باحتفاظهم
بحق الرد المناسب، في حال تعرض جنودهم للاستهداف من قبل النظام السوري أو المليشيات
المقاتلة معه، واستمرار الاستهداف الروسي للمناطق المحررة في الشمال السوري.
من جانبه،
اعتبر القيادي في "الجيش السوري الحر" محمد رياض، أنه ما يزال هناك الكثير
من النقاط الغامضة أو التي لم يتم الاتفاق عليها، حيث كان هناك حديث عن عودة المدنيين
النازحين إلى مدنهم وبلداتهم، لكن ما هي آلية التطبيق، وكيف ستكون العودة، إذا لم ينسحب
النظام؟
مبينا
أنه لم يتم التطرق إلى وضع النقاط التركية ولا حماية قاعدة حميميم من الهجمات، لذلك يبدو الاتفاق هشا وغير قابل للتطبيق.
ويقول
رياض في حديث لـ"عربي21": "هناك نقطة مهمة، هي أنه من حق تركيا الرد
عسكريا على أي خرق لوقف إطلاق النار من قبل النظام، وهذا يعني أن المعارك ستستمر قريبا،
ولكن هذه المرة بتفويض روسي حسب الاتفاق، ويبدو أن الأهم كان تمتين العلاقات، وعدم
السماح لملف إدلب بالتأثير على علاقة البلدين، وأيضا عدم التصادم المباشر في إدلب
مهما كانت الأسباب".
ويعتقد
رياض، أن الخاسر الأكبر سيكون النظام الذي ربما يقاتل قريبا هو ومليشيات إيران الطائفية
دون غطاء جوي روسي، فالاتفاق هو عبارة عن وقف إطلاق نار مؤقت.
موضحا
أن التصعيد والحشد من قبل تركيا، يؤكد أن ما تم الاتفاق عليه أمر مؤقت ومحدود بزمان.
اقرأ أيضا: بعد 24 ساعة من إعلانه.. بوتين يبحث مع الأسد اتفاق إدلب
في هذا
الموضوع، يرى الصحفي السوري إيهاب البكور، أن الاتفاق الحالي لم يختلف عن سابقاته،
وخصوصا الاتفاق الأخير قبل تقدم النظام على معرة النعمان وسراقب، حيث ظهر من خلال
تصريحات الفاعلين أن الأطراف اتفقت اتفاقا لا رجعة فيه، ولكن ما لبث أن انهار وقف
إطلاق النار وعادت العمليات العسكرية، وهذا ما سيحدث عقب هذا الاتفاق.
ويقول
البكور في حديث لـ"عربي21": "في الظاهر أن روسيا حسمت الأمر لصالحها
وخرجت هي الأقوى، لكن لا يمكن القول بذلك حتى نرى ترجمة فعلية على الأرض، وكل ما دون
ذلك حبر على ورق، والأمر ليس كما ما يصوره البعض من أن روسيا هي التي فرضت رؤيتها"،
مضيفا: "الذي جرى هو ترميم للعلاقات التركية الروسية حتى لا تصل إلى حافة الهاوية،
فكان لا بد من هذه الزيارة بعد أن وصلت التطورات بين تركيا وروسيا إلى حد التصادم العسكري
في سوريا، وهو الأمر الذي لا تريده تركيا ولا روسيا، فما نزال نسمع أصوات القصف بشكل
مكثف، والأرتال العسكرية التركية تتابع دخولها، وفي بعض المناطق اشتباكات على خطوط
التماس، الوضع
على الأرض لن يكون مرضيا لتركيا".
وحول
مستقبل "تحرير الشام" بعد هذا الاتفاق، يقول البكور: "تركيا ما لم تجد
من روسيا أفعالا لا أقوالا، فإنها لن تزيل هيئة تحرير الشام، خاصة أنها تعرف حتى لو
أزالت "تحرير الشام"، فإن روسيا ستطالب بحل باقي الفصائل، لأنها تعدّها
كلها مجموعات إرهابية، ومن ثم ستبقى "تحرير الشام" ولن تحل".
اقرأ أيضا: هدنة ثالثة بإدلب في أقل من عام.. ماذا جرى لسابقاتها؟
ووصف
الناشط الإعلامي موسى قيس الاتفاق بـ"الهزيل".
وقال
الناشط في حديث لـ"عربي21": "حسم ملف "تحرير الشام" بعد اتفاق
سوتشي بشكل جدي، صار شماعة الروس للتقدم إلى المناطق المحررة، ولذا ستحاول تركيا
حلها لكي تسحب البساط من روسيا، فالفصائل لم تستغل التدافع الذي حصل بين الأتراك والروس،
وتم تحرير مناطق كان تقدم إليها النظام في الأيام الأخيرة، ولم تستفد من التمهيد المدفعي
والجوي التركي".
في هذا
السياق، يرى الصحفي المختص بالشأن التركي أحمد حسن، أن الاتفاق هو على "تأجيل
المواجهة الروسية التركية"، على أمل حل الخلافات حسب عامل الوقت، وحسب عامل تخفيف
النقاط الخلافية، وهدفها دعم العملية السياسية، ومنع استهداف المدنيين، وإعادة فتح
الطرق الدولية، لكنه دون أي حامل واقعي يمكن أن يحقق هذه النتائج، خاصة أن الروس دائما
يغرقون تركيا في التفاصيل.
وقال
حسن في حديث لـ"عربي21": "الاتفاق يشكل مصلحة الدولتين لأنه يستهدف
إنضاج توافقات روسية تركية تحفظ مصالح الدولتين في سوريا، لكن تم إظهار روسيا مستفيدة
لأغراض في تركيا نفسها، فيمكن أن نرى هدنة مؤقتة لأن الطرفين بحاجة لإعادة التموضع، وتحمل
أيضا بذور التصعيد بسبب سرية الاجتماعات، حتى على النظام والمعارضة وإيران".
معتبرا
أن هذا الاتفاق عام يراعي أهداف كل طرف، فروسيا تريد الطرق التجارية وتركيا تريد منع
موجة نزوح جديدة تهدد الحدود التركية، لكن هذا الاتفاق مرتبط باجتماعات تكتيكية تحمل
سيلا من التفسيرات والغموض وصعوبة في التنفيذ.
وأوضح حسن أن تركيا لا يمكنها عمل حظر جوي دون
دعم أمريكي أو الناتو، وروسيا لا يمكنها الاستفادة من الطرق وإعادة اللاجئين دون دعم
الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، فالاتفاقية تستهدف إعطاء فرصة لتركيا للضغط على
الاتحاد الأوروبي في ملف اللاجئين، لتحقيق تنازلات تدعم استفادة روسيا وتركيا من مخرجات
الاتفاقية بشكل ما.
وحول
مسألة وضع "تحرير الشام" بعد هذا الاتفاق، يقول حسن: "موضوع هيئة "تحرير
الشام" ليس مشكلة لتركيا ولا روسيا، فهو لروسيا مسمار جحا المطلوب حتى نهاية اللعبة
الروسية، وبالنسبة لتركيا لا تشكل الهيئة أي مشكلة لها، بل تضبط الهيئة الكثير من المجموعات
الجهادية من تهديد المصالح الأمريكية والتركية".
ويعتقد
الصحفي المختص بالشأن التركي، أن النقاط التركية سيتم تعزيزها بعناصر متخصصة بالتدخل
العسكري، كما سيتم تعزيز الوجود العسكري التركي ضمن التنسيق الروسي التركي تحت أهداف
مختلفة.
ويضيف:
"حسب تجارب سابقة وحسب ما يحشد له عسكريا من تركيا وروسيا، فالمنطقة مقبلة على
تصعيد عسكري في حال ضمن الطرفان مصالحهما في التصعيد واتفقا على قواعد الاشتباك".
اقرأ أيضا: هذه أبرز نقاط اتفاق روسيا وتركيا بالشمال السوري (خريطة)
هدنة ثالثة بإدلب في أقل من عام.. ماذا جرى لسابقاتها؟
ما الرسائل وراء زيارة وفد أمريكي لإدلب لأول مرة منذ 2011؟
ما موقف روسيا حال اندلاع مواجهة بين تركيا والنظام بإدلب؟