صدرت عن كثير من أنصار السيناتور الأمريكي المخضرم، بيرني ساندرز، في الآونة الأخيرة، اتهامات لمؤسسة الحزب الديمقراطي بـ"التآمر" ضد مساعيه الترشح عن الحزب لخوض الانتخابات الرئاسية، المقررة مطلع تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
يأتي ذلك وسط اشتداد
المنافسة على الترشح عن الحزب، في ما يعرف بـ"الانتخابات التمهيدية"،
بين ساندرز وجو بايدن، لا سيما بعد تمكن الأخير من تحقيق اختراق في "الثلاثاء
الكبير"، أحد أهم محطات هذا المسار الانتخابي، مطيحا بتفرد السيناتور اليساري
بصدارة المشهد الديمقراطي، ومهددا فرصه بالوصول إلى الرئاسيات "مجددا".
واستدعت العديد من
التعليقات، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما جرى خلال محاولة ساندرز السابقة
للترشح للرئاسة، عام 2016، عندما أظهرت رسائل مسربة من أروقة الحزب "التآمر"
لإفشاله وترجيح كفة منافسته آنذاك، هيلاري كلينتون، التي نالت بالفعل ترشيح الحزب
الديمقراطي، لكنها خسرت أمام الجمهوري دونالد ترامب في نهاية المطاف.
"مؤامرة" جديدة؟
وفي حديث
لـ"عربي21"، أكد الباحث والخبير بالشأن الأمريكي، أسامة أبو ارشيد، أن
ساندرز مرفوض من قبل المؤسسة التقليدية للحزب الديمقراطي، وبشكل معلن، موضحا أن
أسبابا كثيرة تقف وراء ذلك.
وشدد على أن
المؤامرة ضده عام 2016 كانت واضحة، إذ أكدت تسريبات نشرتها "ويكيليكس"
أن كلينتون حصلت مسبقا على الأسئلة التي طرحت عليها في مناظرة انتخابية، لتتمكن من
الاستعداد والتفوق على ساندرز أمام الناخبين.
لكن أبو ارشيد أشار إلى
غياب أدلة واضحة، حتى الآن، على وجود مثل ذلك التآمر في هذه الدورة، لا سيما بعد
إدخال تعديل على لوائح الانتخابات التمهيدية، يصوت بموجبه قادة الحزب ومسؤولوه،
الذين يعرفون بـ"المندوبين الكبار"، بعد تصويت القواعد في مختلف
الولايات، وليس بالتزامن كما كان معمولا به سابقا، وذلك بهدف التقليل من تأثير
أصواتهم على ميول الناخبين.
وأضاف:
"الموجود حاليا هو تلك اللعبة السياسية التي دخل في إطارها الكثير من السياسيين
للسباق، ثم انسحبوا لصالح بايدن، ما أظهره كمرشح توافقي، فضلا عن مواقف قادة الحزب ولا سيما الرئيس السابق باراك أوباما، فيما لا يزال موقف
التقدمية إليزابيث وارن محل شك، لأنها لم تدعم ساندرز رغم تقارب أفكارهما"،
مؤكدا أنه "قد يكون هنالك شيء ما يطبخ".
اقرأ أيضا: "أوباما" كلمة سر تفوق بايدن بالثلاثاء الكبير.. هذه أحدث النتائج
لماذا؟
وتابع "أبو
ارشيد" بأن من أهم أسباب رفض المؤسسة الديمقراطية لساندرز أنه "عضو موسمي"
في الحزب، بما يخدم ترشحه لمجلس الشيوخ أو للرئاسة، وعدم انتمائه لمبادئ
الديمقراطيين، كما يراها قادتهم التقليديون.
وأضاف أن السيناتور
اليساري يعبر عن القواعد الشابة الأكثر اندفاعا نحو مبادئ العدالة الاجتماعية
وإصلاح المنظومة السياسية في البلاد، ما يهدد المستويات العليا الحالية.
وفي الإطار ذاته،
فإن تلك "المؤسسة" تتذرع أيضا بأن ساندرز لا يتمتع بـ"قابلية
للانتخاب"، لا سيما جراء النظرة السلبية العامة لدى الأمريكيين تجاه
اليسارية، وسهولة اتهامه بـ"الشيوعية"، ما يهدد بهزيمة مدوية في تشرين
الثاني/ نوفمبر المقبل، قد تنعكس أيضا على أداء الحزب في انتخابات الكونغرس، بحسب أبو
ارشيد.
ولدى سؤاله عن
واقعية الحديث عن "عدم القابلية للانتخاب"، أشار أبو ارشيد إلى قراءتين
بهذا الخصوص، تحذر الأولى من مصير "جورج ماكغوفرن" عام 1972، الذي كان يتبنى
أفكارا تقدمية، وخسر بشكل غير مسبوق أمام الجمهوري "ريتشارد نيكسون"، حيث
حصد الأخير 49 من الولايات الـ50.
في المقابل، فإن
القراءة الثانية تقول إن عام 2020 ليس 1972، وإن الدليل هو فوز ترامب، الذي يقف
على يمين الخط المحافظ للحزب الجمهوري، والذي تمكن بالفوز رغم محاولات عرقلته
والتقارير التي أكدت ضعف حظوظه.
وأضاف أن الأمر لا
يتعلق بشخص ساندرز، فبايدن هو الآخر سيعاني أمام ترامب، إذ إن كلا من الرجلين يعبر
عن حالة وازنة في القاعدة الشعبية للديمقراطيين، ولن يتمكن أحدهما من تحقيق اختراق
ما لم يتمكن من تقديم خطاب يلم شمل الحزب.
اقرأ أيضا: ساندرز يهاجم السعودية و"حكومة إسرائيل العنصرية"
وبشأن المخاوف من أن يتسبب فوز ساندرز بتعميق الشرخ في المجتمع الأمريكي، من خلال إزاحته الحزب الديمقراطي يسارا، كما تمكن ترامب من إزاحة الحزب الجمهوري يمينا، قال أبو ارشيد إن تلك المخاوف واردة لدى المؤسسة التقليدية، لكن الخوف الأكبر هو على الحزب الديمقراطي نفسه.
وتابع بأن الحزب الديمقراطي يجمع طيفا عريضا من الأفكار والتيارات المختلفة، بما في ذلك الأقليات الدينية والعرقية والمثليون واليساريون والليبراليون والمعتدلون، ما يمنحه أغلبية الأصوات الشعبية لا سيما في الولايات الكبرى من حيث عدد السكان على الساحلين الشرقي والغربي، لكنه يجعل من توحيد صفوفهم وإقناعهم بالتصويت لهذا المرشح أو ذاك أمرا معقدا، وربما يهدد بانقسامه، على عكس الحزب الجمهوري الذي بات يعبر عن الحالة المحافظة وحسب.
يذكر أن تقريرا نشره
موقع صحيفة "نيويورك تايمز"، مطلع آذار/مارس الجاري، حذر من أن قادة
الحزب الديمقراطي "مستعدون للمغامرة بمستقبل الحزب لأجل كبح ساندرز".
وتجدر الإشارة إلى أن
ساندرز يواجه أيضا عداء من قبل اللوبيات التي تتمتع بدور مهم في السياسة الأمريكية،
ولا سيما اللوبي الإسرائيلي وشركات السلاح والدواء والتأمين الصحي والوقود
الأحفوري، جراء برنامجه الانتخابي الذي لا يتوافق مع مصالحها.
وأشارت
عدة تقارير إلى ضخ مؤسسات التأثير على الرأي العام ملايين الدولارات لنشر إعلانات ضد
ساندرز في الأيام القليلة الماضية، وقد اكتشف أن مسؤولين سابقين من دائرة الحزب
الديمقراطي يديرونها، فيما أعرب المرشح اليساري عن اعتقاده بأن لوبيات وشركات تقف
وراءها.
"الثلاثاء الكبير" في أمريكا.. من سيفوز فيه؟ (إنفوغراف)
فوز المحافظين بإيران قد يضعهم بواجهة التفاوض مع أمريكا
تقرير: حمزة بن لادن اغتيل فقط لأن ترامب يحفظ اسمه.. تفاصيل