استوعب الفنان التشكيلي، الأردني المولد، الفلسطيني الأصل، عدنان يحيى، بشكل استثنائي وذكي جميع المدارس الفنية التي سبقته والموروث العربي والعالمي مشكلا حالة فنية خاصة امتزجت بالأحداث التي تشهدها القضية الفلسطينية مع تغليف موقفه من القضية الفلسطينية بموقف إنساني أكثر شمولية بدعوته إلى احترام حقوق الإنسان العربي وحرياته.
عبر مسيرته الفنية الطويلة، وثق الفنان يحيى، تاريخ شعبه ونضاله ضد الاحتلال الإسرائيلي، من خلال لوحات رمزية سريالية نفذت بالألوان الإكريليكية والزيتية، وبمنحوتات خزفية من السيراميك، وبأعمال أخرى تجمع بين اللون والنحت.
تتضمن أعماله لوحات ومنحوتات تشير إلى الجنرالات الذين يمثلون القوى الكبرى، ويرمزون إلى فكرة الطغيان والظلم، ومعظم هذه الأعمال رسمت على لوحات كبيرة هي أقرب إلى النصب التذكارية أو التماثيل، ورغم ذلك لا يظهر الجنرالات في لوحات وتماثيل عدنان يحيى أقوياء وإنما كشخصيات مشوهة غير متناسقة، وبألوان معتمة وباهتة.
وبوضوح ومباشرة، يقدم الفنان المولود في مدينة إربد شمال الأردن عام 1960، والحاصل على شهادة الدبلوم من معهد الفنون الجميلة في عمان عام 1979، ودبلوم معهد المعلمين عام 1980، نقدا لاذعا ومباشرا للظلم والقمع والاستبداد.
يخصص يحيى مساحة كبيرة من أعماله للممارسات التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، ومثال ذلك لوحاته عن مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا، وجاءت معظم ألوان اللوحات بين الأسود والرمادي لتعبر عن أفعال القتل الجماعي.
كما اعتمد في ما نفذه من منحوتات من السيراميك، على أسلوب عامودي للتشكيل يبدأ من الأسفل وينتهي في الأعلى، وبخاصة في أعماله التي تظهر بشاعة المجازر بحق الفلسطينيين واللبنانيين.
في جميع الأعمال المقتناة في عدد من المتاحف والمؤسسات مثل، مؤسسة خالد شومان (دارة الفنون)، والمتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة، والمتحف الوطني القطري، ومعهد العالم العربي بباريس، يعبر عدنان يحيى عن فكرته بكل وضوح قالبا المحتوى واللون من الأسفل إلى الأعلى.
ورغم أن أعمال عدنان يحيى، الذي ولد لعائلة من بلدة العباسية قضاء يافا و هاجرت عقب نكبة 1948، تدين الظلم الذي يتعرض له شعب فلسطين، إلا أنها تترك نافذة للأمل والحلم بغد أفضل.
يقول الفنان عدنان يحيى في حديث لـ"عربي21"، إن تصوير أو نحت الأحداث المهمة هو بمثابة "وثيقة" من وثائق الفن المعاصر، فاللوحة السياسية "قوة من قوى الفكر الفعال للإنسانية"، وهي تحثنا على عدم نسيان "مساوئ الطغاة".
يضيف يحيى: "الموقف الإنساني في هذه الأعمال الفنية مرتبط بعلاقة أشكال، وليس بعلاقة شحنات لونية عاطفية، لأن الوظيفة الجمالية في هذه الأعمال، هي جزء مهم من البناء الثقافي الذي أسعى له".
وكانت باكورة المعارض الفنية الشخصية والجماعية للفنان يحيى قد بدأت مع عام 1980 لتستمر حتى اليوم وليصل عددها إلى ما يقارب الـ40 معرضا أقيمت في الأردن وعدد من الدول العربية.
وحول اهتمامه باللوحة السياسية يقول الفنان يحيى إنه نابع من اهتمامه بالأحداث الكبرى.
ويعتبر يحيى أن تصوير، أو نحت الأحداث المهمة هو بمثابة وثيقة من وثائق الفن في هذا العصر، لأنها مرتبطة بواقع الحياة اليومية، لآن الفن مرآة اجتماعية.
وأكد أن اللوحة السياسية "قوة من قوى الفكر الفعال للإنسانية"، وهي تؤكد على أننا يجب أن لا ننسى "مساوئ الطغاة"، مشيرا إلى أن الموقف الإنساني في هذه الأعمال مرتبط "بعلاقة أشكال، وليس بعلاقة شحنات لونية عاطفية"، لأن "الوظيفة الجمالية"، في هذه الأعمال، هي جزء مهم من "البناء الثقافي الذي سعيت له في رسوماتي".
لا يبدي الفنان يحيى رضاه عن الدعم والاهتمام الذي يعطى للفن التشكيلي، مطالبا المؤسسة الثقافية والفنية في الأردن وفلسطين والوطن العربي بمزيد من الاهتمام بالفن التشكيلي، مشيرا إلى ضعف الرعاية الرسمية.في هذا المجال.
وبحسب عدد من النقاد التشكيليين، فإنه يعتبر عدنان يحيى من القلة الباقية من مثلث الفن الفلسطيني بعد رحيل الفنان إسماعيل شموط وناجي العلي، ووفقا للناقد التشكيلي إبراهيم أبو الرب فإن يحيى "يستحق أن يقدم للعالمية في فنه الذي أخرج القضية الفلسطينية من إطارها الضيق إلى العالمية".
وكان الكاتب والصحافي الأردني تيسير النجار قد طالب بإنشاء جائزة تحمل اسم الفنان يحيى، قائلا إن "ما تفعله أعمال عدنان يحيى أنها تجدد خصوصية وانتماءات الفكر وحقوله وأدواته وأنظمته، وتذهب، بحرفية متقنة، إلى فتح وكشف الاستبداد، وقول المأساة بوضوح يفهمه الجميع بلا استثناء".
ويتفق الناقد والفنان غسان مفاضلة مع ما يقوله النقاد حول تجربة يحيى، أن يحيى استطاع أن "يستشرف الواقع السياسي عبر فنه وأن يصهر عدة مدارس واتجاهات فنية في لوحته من خلال موقف جمالي تم التعبير عنه بصريا".
وجاءت أعمال الفنان يحيى نتيجة جهد سنوات متواصلة، تجسدت كلها ضمن رؤية واحدة، هي إدانة الطغاة، وهي في نفس اللحظة، تؤكد على حقوق الإنسان، بإيقاعات مختلفة، وكأنها "أغانٍ حزينة".
يقول: "كأنني أسكن بداخلها، بل أركض إلى تفاصيلها، لزرع جذر ينمو داخل مكونات هذا الخراب البشري، فالعمل الفني يبني الإنسان، ويحفر في الروح، ويظل وثيقة إنسانية على هذه الأرض، لاكتشاف الأعداء الحقيقيين للبشر".
إن من يدقق النظر في أعمال عدنان يحيى، يدرك كم هو متعب العمل البصري، بهذه "المشهدية"، بأشكاله وأنواعه المختزلة، في معادلات إنسانية كونية تعتمد على تحليل بنية الكتلة والفراغ، لبلوغ الهدف، فالعمل الفني يجب أن "يشبهنا مهما كان شكلنا" كما قال.
1 ـ "عوفر.. من أسوأ السجون الإسرائيلية"، أنشئ زمن الانتداب البريطاني في فلسطين عام 1934. لوحة زيتية للفنان عدنان يحيى متر*متر.
2 ـ لوحة زيتية على خشب: "ليدين من حجر وزعتر.. هذا النشيد لأحمد المنسي بين فراشتين"- محمود درويش.
3 ـ لوحة زيتية على خشب: "تل الزعتر.. وجاء الموت ضاحكا".
4 ـ لوحة زيتية على خشب: "عندما تضع الحرب أوزارها".
5 ـ "من ضحايا الحروب".. مقتنيات دارة الفنون بعمان.
6 ـ لوحة زيتية: "عين أخيك عينك"، ميخائيل نعيمة.
7 ـ من أعماله في الفن الإسلامي: لوحة زيتية "إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ".
8 ـ من صبرا إلى غزه، ما زال قتل المدنيين الأبرياء مستمرا !
9 ـ "صبرا.. ثلاثة أيام سوداء في تاريخ البشرية".
الحجار.. فنان ينعش الذاكرة الفلسطينية بمنحوتات وطنية (شاهد)
يافا الفلسطينية.. كانت مهدا للصحافة والثقافة قبل النكبة
مساجد فلسطينية تحولت إلى حظائر ومتاحف بقرار إسرائيلي (شاهد)