كشف مصدران يمنيان عن تفاصيل المساعي الإماراتية لإغراق محافظة سقطرى، الجزيرة اليمنية الواقعة في المحيط الهندي قبالة خليج عدن، بالفوضى والعنف والهيمنة عليها.
وقال مصدران، أحدهما مسؤول حكومي، إن أبو ظبي لم تتوان أبدا في مساعيها الهادفة في إغراق سقطرى بالفوضى، وخلق صدامات بين أبنائها، وصراعات بين مكونات المجتمع السقطري.
وأضاف أحد المصدرين لـ"عربي21"، مفضلا عدم ذكر اسمه، أن أبوظبي تتحرك حاليا عبر أذرعها المحلية التي أغدقت عليهم بالأموال والهبات الأخرى، بينهم مسؤولون أمنيون وعسكريون وقيادات قبلية.
وأشار إلى أن السلطات الإماراتية شكلت لجنة تحت مسمى" لجنة التنمية"، وهي إطار وواجهة لكل القيادات والمسؤولين الذين تم إقالتهم وعزلهم من السلطة والمتمردين عليها بسقطرى.
وأكد أن المهمة التي أسندت إلى هذه اللجنة هي تحريض الشارع السقطري، وتوزيع المساعدات بناء على فرز مناطقي وجهوي على القرى والبلدات والمراكز في الجزيرة.
ومن مهام هذه اللجنة -التي وضع لها الإماراتيون ميزانية ضخمة- "اعتماد مرتبات ومكافآت مالية للوجاهات الاجتماعية والقبلية، مقابل مواقف داعمة للتمرد على السلطة المحلية والقيادة الشرعية باليمن.
اقرأ أيضا: رفض دولي لإعلان "الانتقالي" الحكم الذاتي في جنوب اليمن
وبحسب المصدر وهو قريب من قيادات السلطة المحلية، فإن حكومة أبوظبي اشترت ولاء عدد من القيادات لتنفيذ أجندتها في سقطرى.
وذكر أن هناك دعما ماليا إماراتيا للوحدات العسكرية المتمردة ومليشيات الحزام الأمني التابع لما يسمى "المجلس الانتقالي"، حيث تم اعتماد مرتبات مالية، ويتم صرفها عبر صرافة العمقي، الذي تم إغلاقها من قبل محافظ سقطرى في الأسبوعين الماضيين، قبل أن تفتح أبوابها ولكن بشروط، على حد قوله.
وأكد أن كل عسكري أو قطاع عسكري يتمرد على السلطة الشرعية تقوم "لجنة التنمية"، التي شكلتها الإمارات، بتوفير لهم مرتبات ومخصصات أخرى، سواء أكانوا ضباطا أم أفرادا.
ووفقا للمصدر، فإن كل فرد يتقاضى 1500 ريال سعودي شهريا (ما يزيد على مئتين و60 ألف ريال يمني) يتم تحويلها بالدرهم الإماراتي، بينما تستبدل صرافة العمقي بها الريال السعودي.
أما الضباط المتمردون، فيتقاضى كل واحد ما يصل 10 آلاف ريال سعودي (ما يعادل مليون و750 ألف ريال يمني)، بالإضافة إلى توفير الدعم اللوجستي، وتشييد مبان لهم.
وقال المصدر اليمني إن الدعم المالي الذي يقدمه الإماراتيون اسال لعاب العسكريين في اللواء الأول مشاه بحري، ودفعهم للتمرد على السلطة الشرعية، ورفع علم الانفصال (دولة الجنوب سابقا)،
ولفت إلى أن هناك قيادات عسكرية تتحدر من شمال اليمن أيضا التحقت بطابور التمرد، حيث أعلن قائد كتيبة قلنسية، العقيد صالح الهميمي، في اليومين الماضيين، ولاءه للمجلس الانتقالي، ووجه برفع علم الانفصال على مقر الكتيبة.
كما أفصح المصدر عن قيام الإماراتيين بتدريب نحو 40 عنصرا من أبناء سقطرى على قيادة المروحيات، خلال فترة المحافظ السابق، أحمد بن حمدون، الذي توفي بشكل مفاجئ، في آذار/ مارس 2018، مؤكدا أنه عقب تعيين رمزي محروس محافظا لسقطرى، لم يتمكنوا من توظيفهم فيها، بل تم نقلهم إلى الأراضي الإماراتية للعمل.
وأوضح المصدر أن المغزى من التدريب على قيادة المروحيات "تنفيذ عمليات إنزال في سقطرى، حين الحاجة لذلك، ودعم المتمردين العسكريين جوا".
"تفاصيل تمرد الجيش"
وفي السياق ذاته، سرد التفاصيل الأولى للتمرد داخل اللواء الأول مشاه بحري التابع للشرعية، وقال إن أركان حرب اللواء، العميد ناصر قيس، المكلف كقائم بأعمال قائد اللواء، بدأ في للعب بهذه الورقة، بهدف تعيينه قائدا للواء.
وتابع: تمرد كتيبة الشواطئ والقطاع التابعتين للواء، في شباط/ فبراير الماضي، كان بأوامر مباشرة من العميد ناصر قيس؛ للضغط على الحكومة لتعيينه قائدا للواء، وهو من وفر الغطاء لتمرد الكتائب الأخرى في قطاع "نوجذ" و"الدبابات" و"الدفاع الجوي" في وقت سابق من نيسان/ أبريل الجاري.
واستطرد: "فور تعيين الرئيس هادي قائدا جديدا للواء، الأسبوع الماضي، أعلن العميد ناصر قيس، أركان حرب اللواء، تمرده علنا، ووجه الموالين له برفع علم الانفصال في بوابة المعسكر، حيث مقر قيادة اللواء.
وحول خيارات السلطة المحلية في أرخبيل سقطرى، أفاد المصدر الحكومي بأنه تم إبلاغ التحالف الذي تقوده السعودية، رسميا، بتحمل مسؤوليته إزاء هذا التمرد، والوقوف إلى جوار السلطة الشرعية في مواجهتها للمتمردين.
وأضاف لـ"عربي21"، متحفظا عن كشف اسمه، أن البلاغ الحكومي تضمن الإشارة إلى أن التمرد العسكري الجاري يتم بأسلحة وعتاد حربي من مدرعات ومصفحات وأطقم، تسلمها الأول من التحالف، والآن يتمرد على الشرعية بكل عتاده.
وفي 11 من الشهر الجاري، بسطت القوات الحكومية سيطرتها على معسكر القوات الخاصة، الذي يتمركز فيه عسكريون أعلنوا تمردهم على السلطة المحلية بقيادة قائد المعسكر المقال، عميد، حسين شايف، مسنودين بمجاميع من مليشيات الحزام، التي تتبع ما يسمى المجلس الانتقالي، المدعوم من أبوظبي، منذ فبراير الماضي.
وسقطرى، هي كبرى جزر أرخبيل يحمل الاسم ذاته، مكون من 6 جزر، وتحتل موقعا استراتيجيا في المحيط الهندي، قبالة سواحل القرن الأفريقي، قرب خليج عدن.
وتشهد سقطرى بين الحين والآخر محاولات سيطرة على مرافق حيوية ينفذها مسلحون مدعومون من الإمارات، إضافة إلى عمليات تمرد لكتائب في القوات الحكومية، والانضمام إلى "الانتقالي الجنوبي"، الذي يطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2019، أعلن المكتب التنفيذي بمحافظة أرخبيل سقطرى رفضه ما سماها "استغلال بعض الجهات العاملة في سقطرى للعمل الإنساني، لخرق النظام والقانون المعمول به والمتعارف عليه دوليا"، (في إشارة إلى مؤسسة خليفة بن زايد الإنسانية والهلال الأحمر الإماراتي).
دعم سعودي إماراتي مصري جديد لحفتر.. هل ينقذه؟
محللون: حرب مفتوحة بين الرياض وأبوظبي جنوب اليمن
مصدر لـ عربي21: تحضير بسقطرى لاقتحام معسكرين لحلفاء أبوظبي