* موجة التطبيع الجديدة تعتمد على الاختراق الثقافي والإعلامي والفني والرياضي ومن خلال شراء بعض المثقفين العرب
* فرص نجاح مقاومة التطبيع أكبر بكثير من فرص نجاح التطبيع.. ولا مستقبل للتطبيع مع الشعوب
* أدعو لمواجهة ومقاطعة العدو ومَن يقف وراءه ونبذ كل مَن يحاول الاقتراب منه
* السلاح الأنجع لمواجهة التطبيع وإجهاضه هو المقاومة ثم المقاومة التي تستند لوحدة وطنية في فلسطين وعلى مستوى الأمة
* نتنياهو لجأ إلى إعلان علاقاتهم السرية مع عدد من الحكومات العربية حتى يوحي بالثقة والقوة لمواطنيه ولحلفائه
* إسرائيل تواجه مأزقا متصاعدا على كل المستويات سواء داخل فلسطين أو على المستوى الشعبي العربي أو الدولي
* العدو سيكتشف أن "الدراما المتصهينة" قد أثارت حفيظة أبناء الأمة أكثر بكثير مما حققت له من اختراقات
* اليأس والاستسلام هما أسهل ثغرة ينفذ منها التطبيع في علاقتنا مع الكيان الغاصب
* موجات التطبيع السابقة لم تُحقق نتائج باهرة خصوصا على مستوى الشعوب رغم أنهم نجحوا في جذب بعض الحكومات
* أدعو لعقد مصالحة وطنية شاملة في مصر تُنهي حالة التأزم الذي تدفع ثمنه غاليا
* ندعو لمناخ جديد بمصر لا إقصاء أو استضعاف أو استبعاد فيه إلا لمَن سلك نهج العنف والإرهاب
* لنا في السجون المصرية العديد من الأصدقاء والأحباء من مختلف التيارات ونتمنى أن يخرجوا في أقرب وقت
* في الوقت المناسب سنعلن عن تفاصيل جهودنا لحل الأزمة المصرية.. والإعلان عن تلك الأدوار ليس مفيدا الآن
* الظروف الراهنة ستؤدي لمراجعة من قِبل الجميع.. ولابد من مصارحة ومصالحة ومشاركة على قاعدة مقاومة كل إرهاب أو إذعان
* إذا سارت الأنظمة العربية على نهج الإقصاء والاجتثاث سيكون بينها وبين الشعوب صراع طويل ومرير
قال الأمين العام السابق
للمؤتمر القومي العربي، معن بشور، إن "موجة التطبيع
الجديدة تعتمد على الاختراق الثقافي والإعلامي والفني والرياضي، ومن خلال شراء بعض
المثقفين العرب، وإقامة مراكز دراسات وأبحاث لها ارتباط مباشر أو غير مباشر
بإسرائيل"، لافتا إلى أن "فرص
نجاح مقاومة التطبيع أكبر بكثير من فرص نجاح التطبيع".
وأوضح، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أنه يمكن "مواجهة التطبيع وإجهاضه عبر المقاومة، والوحدة، والحرية، والعدالة،
والتنمية، ومن خلال مواجهة ومقاطعة العدو ومَن يقف وراءه، ونبذ كل مَن يحاول الاقتراب
منه"، مستدركا: "لكن يبقى السلاح الأنجع هو المقاومة ثم المقاومة ثم المقاومة
التي تستند إلى وحدة وطنية في فلسطين وإلى وحدة على مستوى الأمة في كل مكان؛ فالوحدة
تصون المقاومة، والمقاومة تعزز الوحدة".
ورأى رئيس المركز العربي الدولي للتواصل
والتضامن أن "النظام الصهيوني يواجه اهتزازات عميقة في كل ركائزه، وبدأ الحديث،
حتى من داخله، عن مخاوف مصيرية على وجوده ومستقبله"، مؤكدا أنه "يواجه مأزقا
متصاعدا قد يكون مأزقا مصيريا، وهذا يعتمد على تصاعد المقاومة ضده، وإغلاق الثغرات
بين الحكام والشعوب، بل بين تيارات الأمة المختلفة، من شأنه أن يُعجل بنهاية هذا الكيان".
وفي
سياق آخر، دعا المفكر اللبناني العروبي إلى "عقد مصالحة وطنية شاملة في
مصر تُنهي حالة التأزم الذي تدفع ثمنه غاليا"، مشدّدا على ضرورة "عدم
إقصاء أو استضعاف أو استبعاد أي أحد في تلك المصالحة، إلا مَن سلك نهج العنف والإرهاب؛
فمصر بكل أبنائها ولكل أبنائها، ولا تنهض إلا بهم جميعا".
وحول
تلك المصالحة، كشف بشور عن قيامهم في المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر القومي الإسلامي،
والمؤتمر العام للأحزاب العربية، ومن خلال العديد من الهيئات المماثلة، بخطوات
وإجراءات رفض حاليا الإفصاح عن طبيعتها أو تفاصيلها، مُكتفيا بالقول: "نحن نمارس
دورنا بهدوء وبصمت من باب الحرص على مصر وأمنها واستقرارها، ورغم الصعوبات التي تعترض
وتحول دون ما ندعو ونسعى إليه، إلا أننا نناشد الحكم والمعارضة، ضرورة تجاوز حالة الصراع
والانقسام الحاد".
وبسؤاله
عن موعد إعلان تفاصيل تحركاتهم، أجاب: "حين نشعر أنه قد حان الوقت المناسب سنعلن
ذلك في حينه، لكننا الآن لا نعتقد أن هذا الوقت قد حان، ولا نعتقد أن الإعلان عن هذه
الأدوار مفيد في هذه اللحظات، لأن المشكلة ليست في جهة واحدة، بل في كل الجهات، وهناك
آراء مختلفة في التعامل مع هذا الموضوع الذي أطرحه"، لافتا إلى أن الظروف الراهنة
ستؤدي إلى مراجعة مِن قِبل الجميع لما وقعوا فيه.
وتاليا نص المقابلة كاملة:
كيف ترون موجة التطبيع الجديدة في العالم العربي؟
أراها
كما يراها أي مواطن عربي يُدرك أن المشروع الصهيو- استعماري، والمتمثل حاليا فيما يسمى
بـ "صفقة القرن" لا يستطيع أن يتقدم في بلادنا، إلا عبر إشاعة أجواء التطبيع
الذي هو أحد المداخل الفاعلة بالنسبة لمشروعه التطبيعي العام، لأن المخزون الأساسي
الذي يصطدم به أعداؤنا يبقى في المخزون الثقافي والحضاري والروحي لهذه الأمة، وهم يسعون
عبر الثقافة والإعلام والدراما التلفزيونية أن يخترقوا هذا الجدار الثقافي الحضاري
الروحي المُستند إلى عمقه الإيماني والروحي الكبير من أجل تحقيق أغراضهم في تصفية القضية
الفلسطينية، بل في تصفية الوجود العربي بأسره من خلال "صفقة القرن".
هل هناك اختلاف بين موجة التطبيع الجديدة وموجات التطبيع السابقة؟
موجات
التطبيع السابقة كانت تعتمد أكثر على الشأن السياسي والأمني والدبلوماسي وحتى الاقتصادي؛
فقد بدأ التطبيع مع "مؤتمرات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" في أوائل التسعينيات
التي انعقدت في عدة أقطار عربية بهدف الاختراق الاقتصادي، ولكن شعر العدو أن هذه المجالات
لم تُحقق نتائج باهرة خصوصا على مستوى الشعوب، رغم أنهم نجحوا في جذب بعض الحكومات،
لكنهم لازالوا يعانون من المواقف الشعبية الرافضة لهم أو للتطبيع معهم، وظهر ذلك جليا
في مواقف الكثير من الشعوب العربية الرافضة للتطبيع.
لذلك،
اعتقدوا أن الاختراق الثقافي والإعلامي والفني والرياضي قد يساعدهم على اختراق هذا
السد الشعبي المُواجه للاحتلال الصهيوني وللمشروع الاستعماري في المنطقة. ولذا نجد
حاليا محاولات للتطبيع عبر اختراق الأنشطة الرياضية والثقافية والفنية التي تقيمها
دول عربية وإسلامية، ومن خلال شراء بعض المثقفين العرب، وإقامة مراكز دراسات وأبحاث
لها ارتباط مباشر أو غير مباشر بإسرائيل.
رئيس
الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كشف الشهر الماضي أن إسرائيل تقيم علاقات سرية
مع العديد من الدول العربية والإسلامية باستثناء دولتين أو ثلاث دول فقط هي التي لا
تقيم علاقات معهم.. فهل يمكن القول إن سياسة ومخطط تل أبيب التطبيعي نجح إلى حد كبير؟
أنا
لا اعتقد أن العلاقات القائمة بين الكيان الصهيوني وبين عدد من الحكومات العربية -
ولا أقول الدول العربية وبالتأكيد لا أقول الشعوب- أمر جديد، علينا أن نتذكر أن سفارات
ومكاتب اتصال إسرائيلية قد قامت في العديد من العواصم العربية في التسعينيات، وخاصة
بعد اتفاقيتي أوسلو ثم وادي عربة، كما نذكر أيضا الزيارات التي قام بها مسؤولون صهاينة
للعديد من الدول العربية من المحيط إلى الخليج.
وبالتالي،
ليس هناك إنجازا جديدا، كل ما في الأمر أن هذا الكيان الصهيوني لم يكن يحتاج إلى إعلان
هذه العلاقات، لأنه كان يعتبر نفسه متفوقا، لكنه بعد أن واجه مأزقا متصاعدا على كل
المستويات سواء داخل فلسطين من خلال المقاومة أو على المستوى الشعبي العربي من خلال
مقاومة التطبيع أو على المستوى الدولي من خلال تغير المزاج العالمي تجاه هذا الكيان،
ولذلك شعر هذا العدو أنه يريد أن يُقدّم شيئا لمواطنيه كي يوهمهم أنه مازال قويا، وأن
زمام الأمور ما زال بيده، فلجأ إلى إخراج هذه العلاقات السرية من سريتها إلى العلن
حتى يوحي بالثقة والقوة لمواطنيه ولحلفائه وأمام العرب أجمع.
هل يُفهم من كلامكم أن هذا النظام الصهيوني ليس قويا بالفعل؟
أرى
أن هذا النظام الصهيوني يواجه اهتزازات عميقة في كل ركائزه؛ فقد قام على ركيزة الأمن
بينما أمنه اليوم مُهتز سواء في الجنوب أو الشمال أو حتى داخل الأرض المحتلة. وقام
على ركيزة الهجرة التي هي مهتزة اليوم أيضا، لأن الهجرة المُعاكسة تكاد تفوق الهجرة
إلى داخل الكيان.
وقام
على ركيزة التأييد العالمي له وهو يتراجع يوما بعد يوم حتى داخل القلاع التي اعتبرها
مؤيدة له، سواء في الولايات المتحدة أو بريطانيا حيث هناك حركة واسعة على المستوى الأكاديمي
والشعبي من أجل عزل هذا الكيان العنصري الذي كان يفاخر بأنه واحة حضارية ديمقراطية
في الشرق الأوسط.
كما
أن تصوره الأيديولوجي بدأ يهتز، وأن مشروع إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل بدأ
ينحسر، حيث بدأ يضطر إلى التنازل عن أراض عربية احتلها في سيناء وبعض الجولان وجنوب
لبنان، بما فيها أراضِ داخل فلسطين التاريخية، وأقصد غزة، وهذا أيضا يُشكل ضربةً لهذا
الكيان وللعقيدة التي قام عليها.
لهذا،
أتصور أنه بدأ يهتز، وبدأ الحديث، حتى من داخله، عن مخاوف مصيرية على وجوده ومستقبله،
ولذلك هذا الكيان يحتاج أن يُطمئن مواطنيه وأصدقائه "العرب" بزعم أنه مازال
قادرا على الصمود وتأدية الخدمات التي وُجد من أجلها، وفي القلب منه خدمة المشروع الاستعماري
في العالم كله.
وبالتالي، كيف ترى مستقبل هذا الكيان الصهيوني؟
هذا
الكيان يواجه مأزقا متصاعدا قد يكون مأزقا مصيريا، ومصير هذا الكيان يعتمد على تصاعد
المقاومة ضده، لأنه لا يفهم إلا لغة المقاومة، وأيضا بمواجهته عبر تنقية العلاقات بين
أبناء الأمة العربية والإسلامية، وتجاوز الكثير من الصراعات، وتوحيد الصفوف لمجابهته،
وعبر قيام مشروع نهضوي عربي ينهض به كل الحالمين بنهضة الأمة.
هذا
الكيان ما كان ليُوجد من الأساس لولا أن هناك ضعف عميق في أوضاعنا وأنظمتنا، وأن هناك
خللا في العلاقات بين حكامنا وشعوبنا، بل بين تيارات الأمة المختلفة، لذلك فان إغلاق
هذه الثغرات من شأنه أن يُعجل بنهاية هذا الكيان.
هل "الدراما المتصهينة" التي تروج للتطبيع ستنجح فيما عجزت الدبابة الإسرائيلية عن إنجازه؟
اعتقد
أن هذه الدراما المتصهينة قد أطلقت ردود فعل لم تكن في حسبان الكيان الصهيوني، ونحن
في بيروت دعونا في المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن، وبالتشاور مع المؤتمرات
والاتحادات العربية وأحزاب وحركات وهيئات المقاومة ومناهضة التطبيع، إلى ملتقى عربي
"افتراضي" لمناهضة التطبيع بعد هذه الموجة التطبيعية المتجددة، والتي رأينا
بوادرها في تصريحات رئيس المجلس الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، وبعض المسلسلات
الرمضانية ، ووسم "فلسطين ليست قضيتنا".
ونتوقع
مشاركة المئات من الشخصيات الفاعلة والناشطة في الحياة الثقافية والإعلامية والسياسية
العربية في هذا الملتقى عبر مداخلات مكتوبة، وهذا تعبير بسيط عما يجيش في صدور أبناء
امتنا العربية والإسلامية، مما يُفقد هذه المسلسلات التلفزيونية قيمتها ويُجهض المخططات
الكامنة ورائها، وأتصور أن العدو سيكتشف أن هذه المسلسلات قد أثارت حفيظة أبناء الأمة
أكثر بكثير مما حققت له من اختراقات.
كيف نجحت إسرائيل في اختراق الدراما الخليجية لتروج من خلالها لمخطط التطبيع؟
أنت
تعلم أن الكيان الصهيوني بمساعدة الولايات المتحدة قد نجح في اختراق هذه الكيانات على
أعلى المستويات، وبالتالي يعتقد العدو وحلفاؤه أن اختراق الجانب الفني أسهل بكثير من
الجوانب العسكرية والسياسية والأمنية والاقتصادية، ومَن يعقد ورشة للتطبيع في البحرين
بزعم أنها ورشة من أجل السلام والازدهار والاقتصاد لن يصعب عليه أن يشترى ممثلا من
هنا أو مخرجا من هناك.
برأيك: كيف يمكن مقاومة موجة التطبيع الجديدة؟
هذا
التطبيع جاء نتيجة مجموعة عوامل أهمها حالة الاحتراب والانقسام والتشرذم التي تسود
أمتنا العربية، ليس على مستوى الأنظمة فقط، وإنما على مستوى أحزابنا وتياراتنا وحركاتنا
المختلفة، وهذا التطبيع ما كان له أن ينفذ لولا أنه نجح في فرض حصار سياسي وعسكري واقتصادي
حول المقاومة بكل أقطارها وأشكالها، كما نرى الآن في غزة أو حتى في لبنان، أو على الدول
الداعمة لها.
كذلك،
ما كان يمكن له أن ينجح لولا أنه استطاع عبر سنوات طويلة أن يزرع ثقافة الهزيمة بين
بعض نخبنا ومثقفينا، وأن يجذب إليه مثقفين وصحافيين وإعلاميين يشجعون روح الاستسلام،
وإشاعة اليأس في صفوف أبناء أمتنا، لأن اليأس والاستسلام هما أسهل ثغرة ينفذ منها التطبيع
في علاقتنا مع الكيان الغاصب.
ويمكننا
مواجهة التطبيع وإجهاضه عبر المقاومة، والوحدة، والحرية، والعدالة، والتنمية. ومواجهة
التطبيع تعني مواجهة العدو ومن يقف ورائه، وبمقدار ما نقاطع هذا العدو ومن يدعمه ويقف
خلفه، وننبذ كل مَن يحاول الاقتراب من العدو، وبمقدار ما نحاصر مخططات التطبيع ونواجهها.
لكن
يبقى السلاح الأنجع هو المقاومة ثم المقاومة ثم المقاومة التي تستند إلى وحدة وطنية
في فلسطين وإلى وحدة على مستوى الأمة في كل مكان؛ فالوحدة تصون المقاومة، والمقاومة
تعزز الوحدة.
لكن وفقا للمعطيات الراهنة على أرض الواقع، ما هي فرص نجاح مقاومة التطبيع؟
هي
أكبر بكثير من فرص نجاح التطبيع. منذ أكثر من 40 عاما جرت محاولات كثيرة بين مصر والكيان
الصهيوني لإحداث تطبيع مع الشعب المصري، وفشل هذا التطبيع على المستوى الشعبي المصري،
وهذا على سبيل المثال لا الحصر. وقولا واحد لا مستقبل للتطبيع مع الشعوب، وإذا كان
التطبيع خيار بعض الحكومات فهو بالتأكيد ضد إرادة الشعوب التي هي ستنتصر في نهاية المطاف.
وما تداعيات أزمة كورونا على صفقة القرن؟
الإدارة
الأمريكية أصبحت أضعف بكثير مما كانت عليه قبل أزمة كورونا، وقد فشلت فشلا ذريعا حتى
الآن في مواجهة تلك الجائحة، التي أدت لانعكاسات خطيرة على الاقتصاد الأمريكي، وهذا
سيؤدي إلى إضعاف نفوذ الولايات المتحدة، وبالتالي إلى إضعاف قدرتها على فرض "صفقة
القرن"، وكذلك الأمر بالنسبة للكيان الصهيوني الذي يواجه مأزقا بنيويا في مواجهة
كورونا، وأيضا في مواجهة العلاقات الداخلية بين أركانه، وهناك أيضا حليفهم العربي أيضا
يواجه أزمة كبيرة بسبب انهيار أسعار النفط، وحرب اليمن، وكورونا، لكن في النهاية لن
يُسقط صفقة القرن إلا إرادة شعبية فلسطينية وعربية وإسلامية، وهذه الإرادة هي التي
تُعبّر عن نفسها بالمقاومة على صُعد مختلفة.
كيف ترى واقع الوحدة العربية اليوم؟ وهل العرب يتجهون إلى مزيد من الانقسام والتشرذم أم الوحدة؟
لا
نستطيع أن نتحدث عن صنف واحد من العرب، هناك بعض الحكام العرب لا يهمهم إلا البقاء
في عروشهم وتأمين مصالحهم، وهؤلاء يعتقدون أن بقاءهم في سدة الحكم مرهون برضا أمريكا
عليهم، وهذا لا يتم الا من خلال البوابة الإسرائيلية، لذلك هم يلجأون إلى التطبيع والصلح
وعقد المعاهدات مع العدو الذي له مطلب واحد وهو منع الوحدة العربية التي قام بالأساس
لمنعها، ولفصل المشرق عن المغرب، وضرب أي فرص للتقدم على المستوى العربي، وهذا النوع
من "العرب" لا أمل منه.
أما
على مستوى الشعوب، فاعتقد أن شعوبنا باتت تُدرك أكثر من أي وقت مضى أن الحل الوحيد
لكل مشاكلها الداخلية والخارجية هو أن تتجمع وتتكتل في إطار تضامني تعاوني تكاملي تنسيقي
فيدرالي ثم وحدوي على المدى البعيد، وخلاص أمتنا من حال الفقر والظلم والاستبداد والاستباحة
لسيادتها وسيادة أقطارها لا يمكن أن يتم إلا من خلال الوحدة التي يضعف الاهتمام بها
عند الحكام لكن يقوى عند الشعوب رغم كل محاولات تمزيق الشعوب على أسس طائفية ومذهبية
وحزبية وسياسية.
وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش قال إن التحالف المصري السعودي الإماراتي يواجه هجمة شرسة لتعرضه لما وصفه بالأخبار الكاذبة من منصات معروفة، داعيا لبناء تكتل عربي ينظر إلى الاستقرار والتقدم كأساس للمنطقة ومستقبلها.. ما تعقيبكم؟
أنا
لا أعلق على كلام المسؤولين في هذه الدولة أو تلك، والخطر الحقيقي على أي دولة عربية
أو تحالف يكمن في تصرفات قيادة هذه الدولة أو التحالف، وبلا شك نحن نحتاج إلى تكتل
عربي يُخرجنا من الصراعات بين الحكام والشعوب، بل بين الحكام أنفسهم، ولا طريق لذلك
إلا من خلال التفاهم والتضامن والتعاون والتنسيق والحرية للشعوب، ولذلك ينبغي أن تكون
هناك مراجعة عميقة لكل السياسات التي أغرقت بلادنا في حروب وصراعات وممارسات استبدادية
وارتهانات لقوى استعمارية كنّا جميعا في غنى عنها.
هل يُفهم من حديثكم أنكم تدعون لصيغة للتعايش بين الأنظمة الحاكمة - التي بعضها استبدادية- وبين الشعوب؟
أنا
أدعو إلى قيام أوضاع ديمقراطية تضمن مشاركة واسعة لكل فئات الشعب، وإلى أوضاع لا إقصاء
فيها أو اجتثاث أو استبعاد لأي مكون من مكونات مجتمعاتنا، وإذا ما سارت الأنظمة على
هذا النهج فأهلا وسهلا، وإلا فسيكون بينها وبين الشعوب صراع طويل ومرير.
على صعيد آخر، كيف تنظر لأبعاد الاحتجاجات التي تشهدها لبنان على خلفية التدهور الاقتصادي بسبب إجراءات الإغلاق العام؟
الاحتجاجات
بدأت في لبنان قبل كورونا، نتيجة لسنوات طويلة أدت إلى فساد وإهدار للمال العام وتبديد
للإمكانيات الوطنية، ولذلك انتفض الشعب في 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، وأعلن رفضه
للطريقة التي كانت تُدار بها البلاد، إلى أن وصلنا لوضع جديد. وفرص نجاح هذا الوضع
الجديد مرهونة بالقدرة على التخلص من الأسباب التي أوصلت لبنان إلى هذا الواقع السيئ للغاية، وخاصة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
ما تقييمكم لأداء رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب في التعاطي مع أزمة كورونا وغيرها من الأزمات؟
تعاطي
الحكومة مع أزمة كورونا كان تعاطيا ناجحا إلى حد كبير، بشهادة الكثيرين، وبدليل أن
هذا الأزمة شبه مُحاصرة في لبنان حتى الآن. أما في الأمور الأخرى ما زلنا ننتظر ونتابع
أداء الحكومة في باقي الملفات؛ فعمر الحكومة لم يتجاوز 100 يوما، ولذلك من الصعب أن
نحكم عليها، وإن كانت هناك مؤشرات إيجابية تصدر عن رئيس الحكومة، لكن علينا أن نعترف
أن هناك صعوبات عديدة تواجه الحكومة، خصوصا بسبب مخلفات المراحل السابقة والقوى المستفيدة
من الفساد في لبنان.
دعوتم مؤخرا إلى تبييض السجون المصرية من المعتقلين السياسيين في ظل انتشار وباء كورونا.. فكيف ترى تجاهل السيسي كل الدعوات والمناشدات التي طالبت بالإفراج عن المعتقلين السياسيين؟
نحن
دعونا إلى تبييض السجون في كل الأقطار العربية إلا من الذين تلوثت أيديهم بالدماء أو
سلكوا سلوكا إرهابيا وعنفيا، كما دعونا خاصة إلى الإفراج عن المعتقلين السياسيين منهم،
ليس فقط لأن كورونا لو دخلت السجون ستُحدث كارثة فيها، ولكن لأن تبييض السجون من سجناء
الرأي والمعتقلين السياسيين في كل بلادنا العربية هو أمر ضروري أيضا من أجل البدء بتنقية
العلاقات داخل أقطارنا كلها، وهي علاقات متأزمة، ولابد من معالجة حكيمة لها عبر انفراجات
ومصالحات وعبر إدراك الجميع، حاكمين ومعارضين، أن أمور بلادهم لن تستقيم إذا بقي كلٍ
منّا متشبثا برأيه، حريصا على إلغاء وإقصاء واجتثاث الآخر، ومرض الاجتثاث جاء به الاحتلال
الأمريكي للعراق ويبدو أنه قد أعجب بعضنا من كل التيارات فأعتمد هذا الأسلوب في علاقاتنا
مع بعضنا البعض.
قبل نحو عامين أطلق القيادي الإخواني السابق وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان السابق كمال الهلباوي مبادرة للمصالحة في مصر عبر تشكيل لجنة حكماء من بينها شخصكم لكن تلك المبادرة فشلت كغيرها.. فكيف يمكن حل الأزمة المصرية برأيك؟
حل
الأزمة يحتاج أن يُدرك الجميع خطورة الأوضاع في مصر، وأن يتجاوزوا الكثير من الصراعات
باتجاه مصالحة وطنية شاملة لا إقصاء أو استضعاف أو استبعاد فيها إلا لمن سلك نهج العنف
والإرهاب وتهديد أمن الدولة؛ فمصر بكل أبنائها ولكل أبنائها ولا تنهض إلا بهم
جميعا، وهذا ما نسعى إليه سواء مع الأخ العزيز كمال الهلباوي، الذي وضع اسمي في مبادرته
ولكن لا اعتقد أننا قمنا بشيء لخدمة هذه المبادرة، أو مع أي جهد خير.
ولكننا
ندعو من خلال المنظمات التي نعمل من خلالها،
من خلال المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر القومي الإسلامي، والمؤتمر العام للأحزاب
العربية، ومن خلال العديد من الهيئات المماثلة، إلى مناخ جديد في مصر، وإلى عقد مصالحة
تُنهي هذا التأزم الذي تعيشه، والذي تدفع ثمنه غاليا، وأنت تعلم أن لنا في السجون العديد
من الأصدقاء والأحباء من مختلف التيارات، ونتمنى أن يخرجوا في أقرب وقت لأن مكانهم
ليس السجون، بل بين أبناء شعبهم وأمتهم.
لكن لماذا لا تتخذون إجراءات عملية لتفعيل دعوتكم لإنهاء الأزمة المصرية؟
نحن
ليس لدينا إلا المناشدة، ولا نملك قنوات أو وسائل للضغط، ولا نملك حتى وسائل إعلام
نضغط من خلالها، لكننا نمارس دورنا بهدوء وبصمت من باب الحرص على مصر وأمنها واستقرارها،
ورغم أننا نعلم أن هناك صعوبات تعترض وتحول دون ما ندعو ونسعى إليه، إلا أننا نناشد
الحكم، كما نناشد المعارضة، إلى ضرورة تجاوز حالة الصراع والانقسام الحاد.
تقول إنكم تمارسون دوركم بهدوء وبصمت.. فهل قمتم ببعض الإجراءات والتحركات الخاصة بالمصالحة في مصر بعيدا عن الإعلام؟
إذا
كان دورنا صامتا بعيدا عن الإعلام، فلماذا تريدنا الآن أن نفصح عن تفاصيله؟
قد يكون حان الوقت للإعلان عن تلك التفاصيل.
حين
نشعر أنه قد حان الوقت المناسب سنعلن ذلك في حينه، لكننا الآن لا نعتقد أن هذا الوقت
قد حان، ولا نعتقد أن الإعلان عن هذه الأدوار مفيد في هذه اللحظات، لأن المشكلة ليست
في جهة واحدة، بل في كل الجهات، وأنت تعلم جيدا أبعاد ما أقوله لك؛ فهناك آراء مختلفة
في التعامل مع هذا الموضوع الذي أطرحه.
أخيرا.. هل أنت متفائل بإحداث حلحلة ما في المشهد المصري المتأزم خلال الفترة المقبلة؟
لا
أستطيع أن أتحدث حاليا عن تفاؤل أو تشاؤم، لكنني أثق بمصر وفي قدرتها على تجاوز كل
الأزمات والمصاعب التي تعيشها، واعتقد أن الظروف الراهنة ستؤدي إلى مراجعة من قبل الجميع
لما وقعنا به؛ فقد عشنا أفضل وأجمل أيام حياتنا السياسية والقومية مع ثورة 25 يناير،
حيث شهدنا تلاحما رائعا بين كل التيارات، وبين الشعب والجيش، وهي إنجازات سرعان ما
بددناها، وهو أمر يحتاج إلى مصارحة ومصالحة ومشاركة على قاعدة مقاومة كل إرهاب أو إذعان
لكل التدخلات والمخططات الأجنبية الهادفة إلى تدمير أمتنا.
هشام عبد الحميد: الفن لعب دورا توعويا مهما في مواجهة كورونا
"عربي21" تحاور المتحدث باسم حملة "الإخوان" لمواجهة كورونا
نور: شكوك حول حادث "الأميرية".. وأدعو لعقد اجتماعي جديد بمصر