قالت
منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن "السلطات المصرية احتجزت المئات، وعلى
الأرجح الآلاف، في الحبس الاحتياطي دون أن تتظاهر حتى بإجراء مراجعة قضائية
لاحتجازهم، فيما يُعَدّ انحطاطا جديدا للنظام القضائي في البلاد"، مؤكدة أن
"إغلاق المحاكم بسبب فيروس كورونا يفاقم الإجحاف في النظام الظالم أصلا".
وأضافت،
في بيان لها، الاثنين، وصل "عربي21" نسخة منه: "استخدمت السلطات الأمنية
والقضائية تفشّي وباء كورونا كذريعة لتعليق الجلسات المخصصة لنظر تجديد الحبس،
بينما لجأت المحاكم والنيابات إلى تمديد الحبس الاحتياطي بشكل شبه تلقائي منذ
منتصف آذار/ مارس 2020".
وتابعت:
"على القضاة أن يراجعوا فورا قانونية احتجاز جميع المحتجزين في الحبس
الاحتياطي المطوّل، وأن يأمروا فورا بإخلاء سبيلهم في انتظار محاكماتهم، إلا إذا
كانت هناك أدلة واضحة على وجود ضرورة قانونية لحبسهم احتياطيا على ذمة القضية، مثل
وجود تهديد واضح للشهود أو خطر الهرب"، منوهة إلى أن "جميع المحتجزين في
الحبس الاحتياطي لديهم الحق في محاكمة ضمن إطار زمني معقول، أو الإفراج عنهم".
من
جهته، قال نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، جو
ستورك: "نزع فيروس كورونا آخر ورقة تغطي عورات نظام الحبس الاحتياطي المجحف
للغاية في مصر، إذ توقف معه حتى التظاهر الشكلي بإجراء مراجعة مستقلة"،
مطالبا السلطات المصرية بإنهاء "الاستخدام المُفرِط للحبس الاحتياطي بدلا من
جعله القاعدة".
وأشار
جو ستورك إلى أن "الكثير من القضاة ووكلاء النيابة المصريين قَبِلوا بفكرة
عدم حضور المحتجزين لجلساتهم بدلا من التحقيق في العزلة التي فرضتها وزارة
الداخلية عليهم".
اقرأ أيضا: "السادات" لـ "عربي21": نتوقع انفراجة قريبة بمصر (شاهد)
وأوضحت
هيومن رايتس ووتش أنها تحدثت إلى خمسة محامين حقوقيين وناشط في القاهرة، فضلا عن
محام في الإسكندرية وآخر خارج البلاد. وقالوا إن نيابة أمن الدولة العليا وقضاة
المحاكم الجنائية جددوا أوامر الحبس الاحتياطي، بما يشمل تلك الخاصة بموكليهم، دون
نقل المحتجزين إلى الجلسات أو إتاحة فرصة للمحامين لتقديم دفوعهم.
وقال
المحامون إن "السلطات لم تعقد جلسات تجديد للحبس منذ منتصف آذار/ مارس وحتى
بداية أيار/ مايو، وهي الفترة التي شهدت الإغلاق الجزئي للمحاكم ضمن التدابير
المتصلة بفيروس كورونا. وبين 2 و9 أيار/ مايو، مددت نيابات أمن الدولة العليا
والمحاكم الجنائية – وهي مسؤولة عن مراجعة الحبس الاحتياطي عندما يتخطى خمسة أشهر–
الحبس الاحتياطي بشكل شبه تلقائي لجميع المحتجزين الذين كان من المقرر النظر في
تجديد حبسهم.
ونقلت
رايتس ووتش عن محام بارز بمنظمة حقوقية محلية (لم تسمه) قوله إنه "في 4 و5 و6
أيار/ مايو، جددت دوائر الإرهاب في القاهرة والجيزة (جزء من المحاكم الجنائية)
احتجاز نحو 485 و745 و414 مدعى عليهم في أكثر من مئة قضية. ولم يحضر أي من
المتهمين".
وأردفت:
"ذكر هذا المحامي ومحامون آخرون ما وصفوه بالبيئة الفوضوية التي شابت تلك
العملية، إذ وصل القضاة بعد الظهيرة، ولم يعقدوا جلسات أو يقابلوا المحامين،
وغادروا دون إخطار المحامين بقراراتهم. علِم المحامون القرارات بشكل غير رسمي من
موظفين في المحاكم أو في اليوم التالي من خلال موظفين في النيابات".
ولفتت
هيومن رايتس ووتش إلى أن "نظام الحبس الاحتياطي في مصر لطالما استُخدِم
تعسفا، لا سيما في نيابة أمن الدولة العليا. وتُراجع محاكم الجنايات قرارات
الاحتجاز هذه بعد 150 يوما. حتى قبل إغلاق المحاكم والنيابات بسبب كورونا، كانت
هذه المراجعات القضائية عادة غير كافية".
وأشار
محام يمثل عدة نشطاء سياسيين محتجزين إلى أنه توقّف عن حضور جلسات تجديد حبس
موكليه، قائلا إن "الأمر أصبح غير مُجد ومهين للمحامين". وذكر ذلك
المحامي ومحامون آخرون أن القضاة، عندما يكون عليهم مراجعة احتجاز مئات المحتجزين
في غضون ساعات قليلة، يختارون محاميا واحدا ليتكلم نيابة عن جميع المحتجزين في كل
قضية يُراجعونها في ذلك اليوم، بحسب بيان هيومن رايتس ووتش.
وأكمل
البيان: "نادرا ما تُفرج نيابات أمن الدولة العليا والمحاكم الجنائية عن
المحتجزين رهن الحبس الاحتياطي أو تعرض أدلة تبرر استمرار احتجازهم. كما يحتجزون
الكثير من المتهمين دون محاكمة لأكثر من عامين، وهي أقصى مدة يسمح بها القانون
المصري للحبس الاحتياطي".
وقال:
"في بعض القضايا عندما تأمر السلطات بإخلاء سبيل الشخص، تسارع النيابة إلى
إضافته إلى قضية جديدة، وهي عملية وصفتها جماعات حقوقية مصرية بـ (التدوير)، مثلما
حدث مع الصحفيين مصطفى الأعصر ومعتز ودنان"، منوها إلى أن "النيابة
تستخدم هذه الطريقة بشكل متزايد لتجنب الإفراج عمن تجاوزت مدة حبسهم العامين دون
محاكمة، أو من قضوا مدة عقوبتهم".
منظمات تدين استغلال كورونا في التعدي على القضاء بمصر
"رايتس ووتش": مصر تستغل كورونا للقيام بقمع جديد
"أمنستي": الصحافة بعهد السيسي أصبحت جريمة فعلية