أدى تجدد الاشتباكات بين أذربيجان وأرمينيا التي بدأت في 12 تموز/ يوليو الجاري، على الحدود بينهما، إلى نشوء تخوفات، من أن تصبح منطقة جنوب القوقاز ساحة صراع جديدة بين الأطراف الدولية الفاعلة.
وأمام ذلك، تثار التساؤلات، حول الموقف الروسي والتركي، من الأزمة المتصاعدة في جنوب القوقاز، وهل سيقود التوتر لفتح جبهة جديدة بين أنقرة وموسكو هناك على غرار سوريا وشرق المتوسط وليبيا.
تركيا: أرمينيا ستدفع الثمن
وخلال استقباله لقائد القوات الجوية الأذري رامز طاهروف، شدد وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، على أن "أرمينيا ستدفع ثمن اعتداءاتها على أراضي أذربيجان، وستغرق في مكائدها".
وقال، إن "أنقرة لا تقبل استمرار احتلال إقليم قرة باغ من قِبل أرمينيا، مبينا أن هذا الاحتلال لا يستند إلى أي مشروعية أو قوانين دولية".
بدوره قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن "الاعتداء على حدود أذربيجان بالأسلحة الثقيلة هو مؤشر على أنها تتعرض لهجوم متعمد".
فيما أعلن، رئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية، إسماعيل ديمير، أن "الصناعات الدفاعية التركية، بكل خبراتها وتقنياتها وقدراتها، بما فيها الطائرات المسيرة، وأنظمة الحرب الإلكترونية تحت تصرف أذربيجان".
اقرأ أيضا: تسلسل زمني للصراع "المتجدد" بين أذربيجان وأرمينيا
وقالت صحيفة "خبر ترك" في تقرير ترجمته "عربي21"، إن الأزمة بين أذربيجان وأرمينيا، ترتبط بشكل مباشر بالمصالح القومية التركية كما كانت بالماضي.
وحذرت من أن خطر الحرب في جنوب القوقاز، يشارك فيه اللاعبون الدوليون، لافتا إلى أن وزير الدفاع التركي، أكد أن بلاده لن تسمح لأي اعتداءات مستقبلية ضد أذربيجان.
وأشارت، إلى مشاركة طائرات مسيرة تركية، في الهجوم الذي شنته القوات الأذرية على قاعدة أرمينية، ردا على اعتداءات الأخيرة، مضيفا أن تركيا ستواصل دعمها لأذربيجان.
روسيا والعودة لجنوب القوقاز
وأضافت، أن روسيا تختلق أي ذريعة من أجل العودة من جديد إلى تلك المنطقة، وحاولت مرات عدة سابقا، إيجاد صيغة مشتركة بين البلدين السابقين في الاتحاد السوفييتي، لكنها لم تتمكن من تحقيق نتائج.
وتابعت، بأن إدارة يريفان، سلمت سيادتها لفرنسا، وهي اليوم ليس لديها الرغبة للتوصل إلى حل وسط، بسبب خشيتها من أن تعطي جزءا من الأراضي الواقعة بين كاراباغ لأذربيجان، وتصبح مصدر هجوم عليها في المستقبل.
ولفتت إلى أن أذربيجان، ترى أن الوقت يقف في صالحها، مشيرة إلى أن عدد سكانها بلغ أربعة أضعاف عدد سكان أرمينيا، بالإضافة لامتلاكها ميزانية عسكرية كبيرة فضلا عن الدعم العالمي لها، ولذلك لا يمكن لأرمينيا أن تسيطر على الأراضي التي تملكها حاليا إلى الأبد.
أرمينيا لا تمتلك ميزان القوى.. ولكن
واستدركت، بأنه على الرغم من أن أرمينيا لا تمتلك ميزان القوى، فإن لديها ورقتين رابحتين بالنسبة لها وهما الموقف الفرنسي والروسي.
ورأت، أن روسيا تدرك جيدا أنها بحاجة لعلاقات وثيقة مع الجانبين، في وقت تحاول في الولايات المتحدة محاصرتها في شمال أفريقيا والشرق الأوسط وجورجيا، لذلك فإن من غير الممكن لإدارة موسكو الانحياز بشكل كامل للتصرفات الأرمينية، لأنها بحاجة لعلاقات جيدة مع أذربيجان.
اقرأ أيضا: أنقرة: صناعاتنا الدفاعية بتقنياتها تحت تصرف أذربيجان
وأضافت أن باكو ويريفان، يعلمان أن أي حرب بغض النظر عن القوقاز، ليست لصالح تركيا، أو لصالح المصالح الوطنية للاعب الآخر روسيا.
روسيا ضامن لوجود أرمينيا
وأشارت إلى أنه بالنسبة لأرمينيا، فإن روسيا ليست الحليف والشريك الرئيس فحسب، بل هي أيضا الضامن لوجودها كدولة، وإذا رفعت موسكو يدها عنها فذلك يعني زوالها، في ظل واقع اقتصادي متدهور، ونشاط غير فاعل سياسيا، وبيئة غير مستقرة، وهجرة الشباب منها.
ما المخرج؟
وبشأن المخرج لحل الأزمة، أوضحت أن أرمينيا وأذربيجان، وضعتا تدريجيا خريطة طريق جديدة ليس مع روسيا فحسب، بل أيضا فيما بينهما، بدعم إقليمي من تركيا، لكن المطلوب هو أن تعيد يريفان منطقة ناغورنو كاراباغ إلى أصحابها.
وأضافت، أنه يمكن لباكو ويريفان، الانتظار أكثر لاغتنام الفرصة المناسبة لبدء الحرب بينهما، ولكن نهاية الطريق في هذا الأمر مسدود.
وأشارت إلى أنه من ناحية أخرى، فإن روسيا تتطلع لأن تكون وسيطا في هذه الأزمة، لكن محاولتها أن تكون طرفا فاعلا وحدها، سيشكل خطرا في المعادلة الإقليمية.
لماذا توفوز.. ما علاقة روسيا؟
ولفتت إلى أنه إذا أجبرت روسيا وفرنسا أرمينيا، على الهجوم في منطقة توفوز، بدلا من ناغورنو كاراباغ، فإن الأمر يحتاج لتفكير عميق، لأن توفوز قريبة جدا من الطريق الرئيسي لخطوط السكك الحديدية وخطوط الكهرباء التي تمتد إلى تركيا.
اقرأ أيضا: تركيا ترد على "حملة نفاق" أرمينية ضدها.. وتعليق روسي
ورأت أن روسيا تسعى لبناء قاعدة عسكرية في تلك المنطقة بذريعة القيام بوساطة، وإذا تمكنت من ذلك فإنها ستؤثر على سياسات حماية البيئة التي تعتزم الولايات المتحدة القيام بها عبر أذربيجان وجورجيا.
توفوز.. أهمية استراتيجية
بدورها قالت صحيفة "حرييت"، إن منطقة توفوز، تقع على بعد حوالي 200 كيلومتر شمالي خط كاراباغ الأمامي بين البلدين، وتعود الأهمية الاستراتيجية للمنطقة إلى كونها نقطة اتصال أذربيجان عبر جورجيا بتركيا وأوروبا، بالإضافة يقع فيها خط السكك الحديدية، وخط أنابيب "تاناب" للغاز الواصل لتركيا، وخط أنانبيب النفط (باكو- تبليسي- جيهان).
وأشارت في تقرير ترجمته "عربي21"، إلى أن توفوز تعد شريان حياة بالنسبة لأذربيجان.
وأضافت، أن التصعيد إذا استمر، فإنه يمكن لأرمينيا دعوة موسكو للمساعدة، وفقا لاتفاق منظمة معاهدة الأمن الجماعي بينهما وبين روسيا.
ولفتت إلى أن روسيا حريصة على أن تقول في كل منعطف، إنها ليست طرفا في الاشتباكات التي اندلعت، موضحة أنها استغلت ذلك للإعلان عن إمكانية القيام بوساطة بين البلدين.
ونقلت عن الخبير التركي، توغرل إسماعيل، أن الهجوم الذي نفذ على منطقة توفوز لم يكن من محض الصدفة، أن يتم في المنطقة التي تشهد تزايدا في تجارة الغاز الطبيعي بين تركيا وأذربيجان، ما ساهم بتراجع نسبة واردات تركيا من الغاز الطبيعي من روسيا.
أرمينيا مقاطعة روسية
ونقلت عن الأكاديمي في جامعة بايبورت، رامين ساديغوف، أن بعد العلاقة بين روسيا وأرمينيا يختلف كثيرا من حيث النطاق والبعد، عن العلاقة بين أذربيجان وروسيا.
وأوضح، أن أرمينيا بلد فقير، ليس لديه موارد ولا إنتاج، وهي في وضع يعتمد اعتمادا كبيرا على روسيا اقتصاديا وعسكريا وثقافيا، ويتم التعامل معها كأنها مقاطعة روسية.
صحيفة: عداء فرنسا لتركيا تاريخي بليبيا.. تقف ضدها دائما
خبير: هجوم "الوطية" رسالة لتركيا.. تم بالتنسيق مع هذه الدول
صحيفة: ماكرون الغاضب من أنقرة مسؤول عن تغول روسيا بليبيا