ملفات وتقارير

وباء كورونا ينتشر بالقدس المحتلة والاحتلال يتعمد الإهمال

يمنع الاحتلال الإسرائيلي وزارة الصحة الفلسطينية من العمل داخل مدينة القدس المحتلة- جيتي

تتزايد بصورة كبيرة معدلات الإصابة بفيروس كورونا المستجد في مدن الضفة المحتلة بشكل عام ومدينة القدس على وجه الخصوص، ويبدو أن الوضع الاستثنائي الذي تعيشه المدينة تحت سيطرة الاحتلال الكاملة، يجعلها تحت وضع خاص ساهم في انتشار الفيروس وتوسع الخريطة الوبائية بالمدينة.


وتسجل القدس عشرات الإصابات اليومية، ما بين الجزء الشرقي منها الواقع داخل جدار الفصل العنصري، وما بين ضواحيها التي تقع خارج الجدار، بمجمل عدد سكان كلي يصل إلى 435 ألف نسمة.


بدوره، يقول منسق وزارة الصحة الفلسطينية بالقدس علي الجبريني، إن "الجائحة تتقدم والأرقام تتضاعف، وبالتالي فإن هذا يلقي المسؤولية على الوزارة والطاقم الطبي لمنع انتشار المرض".


ويضيف الجبريني في حديث لـ"عربي21" أن "المعدل اليومي للإصابات وصل إلى 100 حالة، بعد أن كان يصل إلى حالتين فقط، خلال الموجة الأولى للفيروس، والتي اجتاحت المدينة في شهري آذار/ مارس ونيسان/ أبريل الماضيين، ما يعكس خطورة الوضع الحالي بالمدينة".

 

اقرأ أيضا: مدير الأقصى: لن نغلق "باب الرحمة" والاحتلال لن يخضعنا (شاهد)


وحول سبب هذا الارتفاع الكبير في عدد الإصابات، يؤكد الجبريني أن استمرار المناسبات الاجتماعية والتجمهر دون الالتزام بتعليمات وزارة الصحة، ودون اتباع خطوات التباعد الاجتماعي والتعقيم؛ أدت كلها إلى انتشار الفيروس بشكل كبير.


ويدعو الطبيب الفلسطيني المقدسيين إلى ضرورة الالتزام بكل تلك الإجراءات، حتى تتم السيطرة على الفيروس، وحتى تستقبل المدينة عيد الأضحى بمعدلات أقل من الإصابة، مطالبا كل مقدسي بضرورة الالتزام، لأن الفيروس لا يفرق بين شخص وآخر، ويؤثر على كل العالم، فيجب التكاتف من أجل إنهائه.


ويتابع قائلا: "الأشخاص الذين يقولون إن لدينا مناعة من الفيروس، أقول لهم إن لم تخافوا على أنفسكم خافوا على الآخرين فقد تقتلونهم باستهتاركم".


الاحتلال أهم سبب


ويشير الفلسطينيون بأصابع الاتهام بشكل رئيسي إلى بلدية الاحتلال في القدس، والتي لا تقوم بأي من واجباتها تجاه بلدات وقرى شرقي المدينة، بل تصبه على المستوطنين غربيها وعلى الأحياء اليهودية بشكل كبير.


ويقول عضو لجنة طوارئ بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى المبارك منير الغول لـ"عربي21" إن "المقدسيين قاموا على عاتقهم بإنشاء ما تسمى وحدة مكافحة كورونا؛ والتي تقوم بإحصاء عدد الإصابات وحصرها ومحاولة معرفة المخالطين لهم".


ويلفت إلى أن الذي دفعهم لإقامة هذه الوحدة، هو الفوضى التي كانت قائمة من اللجان والتنظيمات والمصادر الإعلامية حول عدد الإصابات ما تسبب بإرباك المواطنين؛ خاصة أن بعض الإحصائيات كانت مغلوطة.


ويوضح أن الوحدة تضم ستة أطباء وممرضين يقومون بدور تطوعي لاستكمال دورهم الأساسي في تقديم الخدمات الصحية، وإعطاء معلومات صحيحة؛ فأصبحت الوحدة موثوقة لدى المقدسيين.

 

اقرأ أيضا: هآرتس: نتنياهو يستغل "كورونا" لمواصلة التوسع الاستيطاني


ويؤكد الغول أن بلدية الاحتلال ووزارة الصحة الإسرائيلية تجاهلت تماما مطالب المقدسيين بإحصاء المصابين ومخالطيهم، رغم أنها تقوم بذلك على أكمل وجه في الجزء الغربي من المدينة الذي يحتله المستوطنون.


ويقول إن "المعطيات التي قدمت للفلسطينيين من بلدية الاحتلال جاءت بعد ضغوطات استمرت لشهرين متواصلين، من شخصيات فلسطينية وأعضاء عرب في الكنيست وأطباء وجهات صحية وهيئات محلية؛ حيث اعترف الاحتلال بعد ذلك بأن هذا العمل يقع عليه".


ولكن بلدية الاحتلال ووزارة الصحة الإسرائيلية بدأت بتزويدهم بأعداد الإصابات بشكل متأخر؛ بحيث أصبحت وحدة مكافحة كورونا تقوم بعمليات الإحصاء بشكل أسرع دون الاعتماد على معلومات الاحتلال في ذلك.


ويرى الغول أن الجانب الوحيد الذي يكترث له الاحتلال في ما يتعلق بشرق القدس المحتلة هو تحرير المخالفات العشوائية للمقدسيين، حيث يركز على هذا الأمر بشكل متعمد وظاهر ويقوم الجنود باقتحام الحافلات وإيقاف المركبات وتفتيشها والانتشار في المواقف ومحطات الحافلات، بحجة التأكد من ارتداء الكمامات، ويصل الأمر أحيانا إلى اعتقال الشبان والتنكيل بهم تحت هذه الحجة.

 

مسؤولية الاحتلال 


ويضيف: "هذا الأمر لا نراه غرب القدس وفي أحياء المستوطنين أن يقوم الجنود بالتفتيش على الكمامات وإعاقة السير واقتحام الحافلات؛ فنادرا ما يتم تحرير مخالفة لمستوطن؛ وهذا يجعلنا مقتنعين بأن دورهم فقط هو المخالفات دون متابعة حقيقية للمرضى".


ويشير إلى أن هناك حاليا أكثر من ستة آلاف مخالط في القدس، ولا توجد متابعة لهم أو طواقم كافية لحصرهم، حتى إن المصابين أحيانا يخرجون من منازلهم ويخالطون المواطنين.


ويؤكد الغول أن الرهان أصبح على وعي المواطن فقط؛ بحيث إنه بعد انتهاء شهر رمضان وعيد الفطر بدأت حفلات الزفاف والمناسبات الاجتماعية والتي تتضمن الاختلاط بشكل كبير؛ وهذا الأمر أدى إلى ارتفاع أعداد المصابين بسرعة، مبينا أن المواطنين ظنوا أن الفيروس انتهى بشكل نهائي بعد الموجة الأولى، وأن القيود على الحركة رُفعت ما يعني الاختلاط بشكل كبير.


ويقول إن حركة التسوق والمخالطة فُتحت بشكل غير تقليدي بعد انتهاء الموجة الأولى ولم يتم الالتزام خلالها بقوانين التباعد الاجتماعي والتعقيم وارتداء الكمامات، معتبرا أن الرهان على الوعي كان خاطئا وهذا ما تظهره الأرقام؛ حيث سجلت القدس ألفا و500 إصابة خلال خمسين يوما مقابل مئة و88 إصابة خلال شهرين بالموجة الأولى.


يذكر أن وزارة الصحة الفلسطينية ليست لديها أي صلاحيات للعمل داخل مدينة القدس المحتلة؛ وهو الأمر الذي يصبح متروكا لوزارة الصحة الإسرائيلية التي بحسب المقدسيين تتجاهل تسجيل الإصابات شرق المدينة.


وكان مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أكد خلال الموجة الأولى من فيروس كورونا في شهر نيسان/ أبريل الماضي، في تقرير له حول حالة انتشار الفيروس في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أنه لا يزال العدد الدقيق للحالات المصابة في الجزء الشرقي من القدس غير مؤكد، بالنظر إلى أن وزارة الصحة الفلسطينية، لا تغطيهم ولأنه لا يَرِد تصنيفهم في الأرقام العامة التي تصدُر عن السلطات الإسرائيلية، بحسب البيان.