أثار رئيس المجلس الانتقالي في السودان، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، التكهنات والتساؤلات بعد تصريح أطلقه الاثنين، حول سيادة بلاده على منطقة حلايب وشلاتين، الحدودية المتنازع عليها مع مصر.
وقال البرهان، مخاطبا أهالي حلايب وشلاتين: "نحن معكم.. قواتنا المسلحة لن تفرط في شبر من أرض السودان، وحقنا لن نتخلى عنه"، معلنا أن الجيش السوداني سيرفع علم السودان قريبا في حلايب وشلاتين.
وأسفر لقاء مدبولي وحمدوك عن بحث العديد من المشروعات الاستراتيجية المشتركة، في مجالات المواصلات والكهرباء والتجارة والزراعة والصناعة والرعي وإنتاج اللحوم.
ويقع مثلث حلايب المتنازع عليه بالركن الجنوبي الشرقي لمصر، ويبلغ 20,580 كم2، ويتكون من قرى حلايب وأبورماد وشلاتين، التي تتبع مصر سياسيا وإداريا، ويطالب بها السودان منذ عام 1958.
ووصل النزاع بين جارتي وادي النيل على المنطقة إلى الأمم المتحدة، حيث تتقدم الخرطوم بشكوى دورية لمجلس الأمن الدولي لنظر القضية، فيما ترد القاهرة بأنها أرض مصرية، ورفضت في 2016 اللجوء للتحكيم الدولي بشأنها.
"إرضاء أطراف سودانية"
وفي رؤيته، نفى "مدير مركز البحوث العربية والأفريقية"، الدكتور مصطفى الجمال، أن تكون تصريحات البرهان جاءت لتقر واقعا تم الاتفاق عليه بتنازل مصر عن حلايب وشلاتين.
وقال الأكاديمي المصري لـ"عربي21": "يمكن فهم الموقف السوداني في ضوء أن أي نظام بالسودان يحاول دائما إرضاء كل الاتجاهات الموجودة"، مشيرا إلى وجود "اتجاهات ترفض التقارب مع مصر، وتستخدم قضية حلايب تكئة بهذا الأمر".
وأوضح أن "النظام القائم بالخرطوم يسعى للتطبيع مع إسرائيل ليرضي الولايات المتحدة؛ كي تبارك السلطة السودانية الجديدة".
وأكد الجمال أن النظام في السودان "لا يريد مناكفة من أي نوع ومع أي اتجاهات"، لافتا إلى أن "السياسية السودانية مليئة بهذه التعقيدات؛ نتيجة لتنوع التوجهات بالساحة السودانية".
"نصر معنوي للبرهان"
وحول دلالات تصريحات البرهان برفع علم السودان على حلايب وشلاتين، قال الكاتب الصحفي السوداني حسن إبراهيم: "الوقت الآن بالخرطوم هو وقت الاتحاد داخل النظام السوداني ضد جناح اللوبي الإثيوبي".
إبراهيم أكد لـ"عربي21"، أن "البرهان يريد نصرا معنويا لتركيز موقعه، ووجود حجة لوبي إثيوبي داخل الحكومة السودانية يردد التساؤل: لماذا لا يتم فتح ملف حلايب؟ يدفعه لذلك"، مبينا أن "اللعب الآن على المكشوف".
وعلى الجانب المصري، يعتقد الكاتب والمحلل السوداني، أن "حكومة السيسي تتفهم ذلك الوضع"، لافتا إلى أن "مصر مشغولة بالجبهة الليبية، وصراع الغاز والحدود البحرية بشرق المتوسط، وملف مياه النيل".
وأشار أيضا إلى أن احتمالات تنازل السيسي عن حلايب للشقيقة والجارة الجنوبية، كما ترك تيران وصنافير للسعودية، أمر قائم، مؤكدا أن "مسلسل التنازلات في بداياته للأسف"، ومتوقعا أن "يشهد البحران الأحمر والمتوسط تنازلات مصرية كثيرة".
ولفت إبراهيم إلى أن "الخوف من ثمن تلك التنازلات، وأن تأتي على حساب الشعوب ولحساب التطبيع"، معتقدا أنها "للتطبيع مع إسرائيل، خاصة أن حكومة البرهان تعمل لمصلحة أبوظبي، وأبوظبي تعمل لمصلحة تل أبيب".
"جذور المشكلة"
من جانبه، قال الأكاديمي المصري الدكتور محمد شرف، لـ"عربي21"، إن "البرهان أعلن أكثر من مرة على مدار العامين الماضيين أن مثلث حلايب وشلاتين وأبورماد -موضوع النزاع مع مصر- سوداني".
ولفت شرف إلى أن "خط عرض 22 شمالا يشكّل قاعدة المثلث بؤرة النزاع الحدودي بين مصر والسودان بالستين عاما الأخيرة، والذي يقع على البحر الأحمر بمساحة 20 ألف كيلومتر".
وأوضح أن "الحكومات السودانية المتعاقبة دأبت على تكرار الشكوى لمجلس الأمن الدولي بشأن المثلث، مطالبة بالتحكيم الدولي، لكن مصر تكرر رفضها، مؤكدة سيادتها على المثلث، كما رفضت الخرطوم خطوة مصرية للتنقيب بسواحل المثلث هذا العام".
وأكد الأكاديمي المصري أن "جذور المشكلة تعود إلى أن مصر والسودان كان يُنظر إليهما كدولة واحدة منذ ضم محمد علي السودان عام 1820، وتستند مصر بإقرار سيادتها لاتفاقية السودان عام 1899 بين مصر وبريطانيا، التي أطلقت لفظ السودان على جميع الأراضي الواقعة جنوبي خط عرض 22 شمالا".
وأشار شرف إلى أن "السودان يدعي أحقيته بالمنطقة، مستندا لقرار إداري أصدره ناظر الداخلية المصري يشير لوجود بعض قبائل لها بعد سوداني هناك، فيما يأتي الرد المصري ليؤكد أن القرار استند حينها لأبعاد إنسانية لتسيير حياة قاطنين بمنطقة نائية، بما لا يترتب على تلك الإدارة العارضة أي سيادة".
وأوضح أنه "وطبقا لاتفاقية 1899، فإن الحجة السودانية ضعيفة، ولا تبرر أي سيادة لها على المثلث، كما أنه لا يوجد لهم أي جذور تاريخية أو وثائق دولية تثبت تبعية المنطقة لهم".
ولا يعتقد شرف أن "وراء إثارة الأمر الآن مناورة سودانية ليقدم الجانب المصري تنازلات بملف المثلث مقابل زيادة التعاون بملفات أخرى أهمها سد النهضة، ولكن ربما يكون محاولة لإشغال الرأي العام المحلي في مواجهة أزمات السودان الطاحنة".
هل تنفرج العلاقة بين مصر وتركيا بعد تصريح أردوغان؟
هل لعب السيسي دورا في تطبيع الإمارات مع الاحتلال؟
وفاة العريان توحد معارضة مصر في وجه النظام