ملفات وتقارير

ماذا وراء "بورصة" حكومة السيسي لتحرير أسعار السلع الأساسية؟

الخطوة تثير مخاوف من تأثر المنتجين والمستهلكين للسلع الأساسية بشكل سلبي- جيتي

أثار إعلان الحكومة المصرية تأسيس "شركة البورصة السلعية"، بالشراكة بين البورصة المصرية، والتموين، وهيئة السلع، وعدد من الشركات الحكومية والبنوك التجارية والاستثمارية، مخاوف حقيقية من تأثر المنتجين والمستهلكين سلبا.


وزعمت وزارة التموين المصرية في بيان، الأربعاء، أن البورصة السلعية تهدف إلى تقليل حلقات تداول السلع وتشجع صغار التجار والمنتجين لدخولهم ضمن منظومة التجارة المنظمة، وأنها ستساهم في زيادة معدلات تداول السلع القابلة للتخزين بناء على زيادة الشفافية وآليات العرض والطلب.

ووفق بيان الوزارة؛ من المقرر البدء بطرح عدد من السلع الأساسية بالبورصة السلعية، مثل "القمح والزيت والسكر والأرز" كمرحلة أولى في الربع الأول/ الثاني من العام المقبل 2021.

إلا أن خبراء أعربوا عن تخوفهم من حدوث تقلبات عنيفة في الأسعار في الأسواق المصرية؛ نظرا لأن البلاد تعتمد على الاستيراد لتحقيق الاكتفاء الذاتي، خاصة من السلع الأساسية مثل القمح، والزيوت، والذرة الصفراء، وغيرها من المنتجات الرئيسية.

في هذا السياق، اعتبر خبير الاقتصاد الزراعي، جمال صيام، أن "ضرر البورصة السلعية أكبر من فائدتها في حال عدم إدارتها بشكل سليم"، مضيفا في تصريحات صحفية، أن الخطر يتمثل في وجود مضاربين هدفهم تحقيق ربح مرتفع، خصوصا في ظل عدم وجود شفافية".

شعارات براقة


بدوره، وصف مستشار وزير التموين الأسبق، الدكتور عبد التواب بركات، "البورصة" بأنها "شعارات براقة تطلقها الحكومة المصرية من وقت لآخر"، مشيرا إلى أن "تحرير أسعار السلع يعطي أسعارا حقيقية للسلع، لكن من ناحية أخرى لا يمنح حماية لا للمنتجين ولا المستهلكين في ظل الاحتكار والإغراق، خاصة أن السوق المصري فقير في الإنتاج، ويستورد معظم احتياجاته من الخارج".


اقرأ أيضا: لماذا تراجعت حكومة السيسي عن هدم المنازل وخفضت الغرامات؟

وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن "ذلك سيؤدي إلى الإضرار بالمزارعين والمنتجين، لأنهم لا يتمتعون بأي صورة من صور الحماية التجارية، أو الدعم، على عكس من باقي دول العالم، من ناحية أخرى سوف يضر بالمستهلكين المصريين؛ لأن مصر تستورد الكثير من السلع في ظل محدودية عدد المستوردين، ووجود احتكار في استيراد تلك السلع كالذرة الصفراء والزيوت والقمح".

ودلل عبدالتواب على حديثه بالقول: "السلع الأساسية التي تتمتع بالدعم مثل السكر والأرز والزيت سعرها المدعم أعلى منه في السوق الحرة؛ ومن ثم إنشاء بورصة سلعية لن يحسن من أسعار المستهلكين، بالعكس ربما يزيد من عملية الاحتكار وأسعار السلع والمنتجات".

وتوقع الخبير الاقتصاد الزراعي أن "تزداد معاناة المنتجين المصريين والمزارعين لأنهم محرومون من كل أشكال التسويق التعاوني والزراعة التعاقدية، والحكومة منذ 2013 تعد بذلك وهو ما لم يحدث، وهي نفسها تبخس المنتجين في منتجاتهم عند شراء القطن والقمح وقصب السكر، وهي شكوى الفلاح في كل عام".

ذريعة لزيادة الأسعار


من جهته؛ قال الخبير الاقتصادي، حسام الشاذلي: "من المتعارف عليه اقتصاديا أن سياسة السوق الحرة هي دائما سلاح ذو حدين، وهي تتطلب دائما مقاييس خاصة فيما يتعلق بالدور الرقابي والشفافية وضمان نزاهة السوق، وتأسيس بورصة سلعية مصرية في مثل هذا الوقت هو استمرار منظومة اقتصاد السيطرة والتحكم الذي اتخذه النظام العسكري منهجا له منذ بداية حكمه".


اقرأ أيضا: أحداث ما قبل "ثورة يناير" بمصر حاضرة في 2020.. ما دلالاتها؟

وأضاف لـ"عربي21": "أرى أن هذه البورصة هي مجرد آلية سيتخذها النظام الحاكم ذريعة لزيادة أسعار السلع الأساسية بصورة غير مسبوقة، متخذا السوق الحرة غطاء لذلك بعيدا عن القرارات الحكومية، خاصة في ظل ارتباط أسعار السلع بالبورصة العالمية وفي ضوء الوضع المأساوي للعملة المصرية والاعتماد على الاستيراد".

واستدرك: "أضف إلى أن البورصة ستسمح للمجموعات الاقتصادية المقربة من الحكم بما فيها المؤسسة العسكرية أن تحقق أرباح غير قانونية؛ بتوظيف منظومة العرض والطلب وتخزين السلع، وستكون هذه البورصة سببا مباشرا في زيادة أسعار السلع التموينية والتضييق على المصريين في معيشتهم بصورة مباشرة، فهي جريمة جديدة في حق مصر والمصريين".