ملفات وتقارير

هذه دلالات توقيت إعادة واشنطن لأرشيف البعث العراقي

يقوم كنعان مكية مؤسس مؤسسة الذاكرة العراقية بفحص السجلات الرسمية في بغداد في نوفمبر 2003- وول ستريت جورنال

لا يزال الحديث قائما في وسائل الإعلام حول إعادة الولايات المتحدة لأرشيف "البعث العراقي"، والتداعيات المحتملة على البلد في حال كشفت أسرار 35 عاما من الحكم الذي انتهى باحتلال أمريكي للعراق، وإسقاط نظام صدام حسين عام 2003.


وأعادت واشنطن إلى بغداد في 31 آب/ أغسطس الماضي، نحو 6 ملايين وثيقة من أرشيف حزب البعث العراقي السابق، ووضعه في مكان آمن بالعاصمة بغداد، ولكنه غير معروف، وفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال".


سياسيون ومحللون تحدثوا لـ"عربي21" عن أسباب توقيت إعادة الأرشيف خلال المرحلة الحالية إلى العراق، مؤكدين أن وثائق حزب "البعث" تحمل أسرارا عن المخبرين والمتعاونين مع النظام العراقي السابق، ومنهم شخصيات سياسية "ثقيلة".


"اطمئنان أمريكي"


يقول البرلماني عن تحالف "الفتح" حسن شاكر لـ"عربي21" إن "نقل الأرشيف إلى الولايات المتحدة كان خطأ من الأساس، لأن أي بلد خارجي غير معني بما ارتكبه حزب البعث خلال الحقبة التي حكم بها العراق، وكذلك فإنه يعتبر تاريخا للبلد".


وأعرب شاكر عن اعتقاده بأن "إعادة الأرشيف في هذه المرحلة يعود لاطمئنان الأمريكيين أنه لن يكشف ما هو موجود فيه، ولذلك حفظ في مكان سري حتى لا يطلع الشعب على الكثير من خفايا حكم حزب البعث، ومن تعاون معه من المخبرين، ووشايتهم بالعراقيين".


واتساقا مع ذلك، يرى الخبير الأمني والاستراتيجي، أحمد الشريفي، في حديث لـ"عربي21" أن "الحفاظ على الأرشيف سيكون بنسبة عالية جدا، لأن الحكومة الحالية تصالحية وليست انتقامية، وبالتالي فهو بأيد أمينة حتى لو تضمن ملفات حساسة وخطرة، فلن تفتح".


وأشار الشريفي إلى أن "التوقيت يعود إلى الاطمئنان لدى الإرادة الدولية عموما، والولايات المتحدة، خصوصا أن الحكومة الحالية ليست انتقامية، وأنها ستحتفظ بالوثائق كأرشيف يخص العراق دون أن تلتفت إلى مضامين الأرشيف والقيام بعمليات انتقامية".


وأكد الخبير الاستراتيجي أن "وثائق حزب البعث العراقي السابق، هي ملك للدولة العراقية، وبالتالي كان يجب على الولايات المتحدة أن تعيدها إلى عهدة البلد".


"تداعيات محتملة"


وبخصوص التخوف من وقوع عمليات انتقامية في حال كشف محتوى الأرشيف، قال النائب حسن شاكر إن "كل المتعاونين مع نظام حزب البعث أيا كانوا يجب أن ينالوا جزاءهم على يد الشعب العراقي".


وأوضح أن "إعادة الأرشيف في الوقت الحالي فيه ضرر كبير على البعثيين الذين لا يزالون يأملون في العودة إلى السلطة في العراق. ولو كشف الأرشيف فسيحدث إرباك في النظام الاجتماعي العراقي، لأنه ستظهر أسرار سيكون لها تداعيات لا تنتهي".


"ورقة للضغط"

 

وفيما إذا كانت خطوة إعادة الأرشيف لها علاقة بالانتخابات التشريعية العراقية المقررة في حزيران/ يونيو المقبل، فإن النائب العراقي حسن شاكر لم يستبعد أن "تستخدم هذه الأسرار كأوراق ضغط على جهات وشخصيات سياسية كونهم كانوا ممن تعاونوا مع النظام السابق".


وفي السياق ذاته، قال الخبير الاستراتيجي أحمد الشريفي لـ"عربي21" إن "من أسباب إعادة الولايات المتحدة للأرشيف في الوقت الحالي، هو ارتفاع منسوب الضغط من جهات معلومة على حكومة الكاظمي".


وأضاف أن "هناك رغبة من الإرادة الدولية بخفض هذا الضغط على الكاظمي. وباعتقادي أن الكثير من الشخصيات الثقيلة كانت لديها علاقات مباشرة وغير مباشرة بالمخابرات العراقية في عهد صدام حسين، وبالتالي عودة الأرشيف في الوقت الحالي فيه تلويح لتلك الجهات لتخفيف الضغط".


وتابع: "الهالة التي رسمتها هذه الشخصيات حول نفسها عبر تحكمهم بالمال والسلطة، ربما قد يطاح بها إذا كشف محتوى الأرشيف، فهي أيضا ورقة لكبح من يصطدم بالحكومة، خصوصا أنها تصنف حكومة إصلاحية".


ونوه الشريفي إلى أن "المعلومات كان معتما عليها، واليوم تستخدم ورقة للضغط، فإما أن ينضبط بعض الطموح السياسي المنفلت الذي يستخدم أوراق التسقيط غير المبررة، أو أن تُكشف الملفات. لأن الروح الانتقامية أخذت مدى خطرا جدا كونها دخلت في إطار التصفية السياسية والحزبية، وهذه مسألة غير مقبولة في التداول السلمي للسلطة".


وأكد الخبير العراقي أن "الوثائق بمثابة تلويح ضد من يستخدم الابتزاز في التسقيط السياسي للبقاء في السلطة، لأن الأرشيف قد يكون فيه أدلة تثبت تعاونهم مع النظام السابق، وربما هناك شخصيات سياسية ثقيلة قد يفتضح أمرها".


يشار إلى أن الوثائق جرى ترقيمها وخزنها في معهد "هوفر"، وهو مركز أبحاث للسياسة العامة في جامعة ستانفورد في ولاية كاليفورنيا، ولم يطّلع عليها هناك سوى باحثين.

 

وعن قصة نقل الوثائق إلى الولايات المتحدة قال المعارض العراقي السابق كنعان مكية للوكالة الفرنسية: "دخلنا السرداب (بعد احتلال بغداد وانهيار نظام صدام حسين) الذي كان مليئا بالمياه، مستعينين بمصابيح يدوية، لأن الكهرباء كانت مقطوعة". وأضاف: "كنّا نقرأ الوثائق وأدركنا أننا أمام شيء كبير".

وأكد أن "بين الوثائق، كانت هناك أضابير لأعضاء في حزب البعث ورسائل مخاطبات بين الحزب ووزارات تتعلق بأمور إدارية، وتقارير كتبت من عراقيين يتهمهم جيرانهم بانتقاد صدام حسين، وأخرى تتحدث عن شكوك حول خيانة جنود عراقيين تعرضوا للأسر خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980- 1988)".

ومع تصاعد العنف الطائفي في بغداد، فقد اتفق مكية مع الأمريكيين على نقل تلك الوثائق إلى الولايات المتحدة، في خطوة ما زالت مثارا للجدل.

 

اقرأ أيضا: واشنطن تعيد أرشيف حزب البعث إلى بغداد.. 6 ملايين وثيقة سرية