عندما تتكلم فنانة لها تاريخ بحجم سميرة أحمد، وتسأل موجهة سؤالها المغلف بالشكوى إلى رئيس جمهورية
مصر والمسؤولين؛ عن سبب عدم إذاعة مسلسلها الجديد، في أي من قنوات التلفزيون المصري، عندها نلمس في ابتسامتها المتفائلة طيفاً من المرارة.
وعندما تُنهي حديثها التلفزيوني قائلة إنه في الماضي كان هناك أكثر من منفذ، وأكثر من شركة للإنتاج والتوزيع؛ ولكن الآن؟ وتقولها بابتسامة مشوبة بسخرية: لا توجد إلا شركة واحدة هي المتحكم الوحيد في العرض والحجب والمنع من الأصل.
وعندما نرى هذه القامة تسأل ببراءة: ماذا تفعل برئيس الجمهورية؟ فمن هذه الصورة المفزعة نتصور مدى استشراء وتغول
الاحتكار في مصر، وبشكل خاص في مجال الإعلام والفنون والثقافة. فأنت محاصر لا تستطيع الفكاك من الرقابة على المصنفات
الفنية، ثم رقابة مرة أخرى بعد تحول السيناريو إلى فيلم أو مسلسل، ثم بعد هذا تأتي الشركة المنتجة لتقرر بدورها: ما هو الذي يكون صالحاً من عدمه، فقط لأنها الشركة الوحيدة التي تصبح المانح الأوحد لما يشبه صكوك الغفران.
الصورة المؤلمة لمصير التضييق على الأعمال الفنية والسينمائية؛ تدعنا نضم صوتنا إلى فنانتنا الكبيرة سميرة أحمد. نتساءل معها: لماذا لا تعود شركات الإنتاج والتوزيع من جديد إلى فسحة من الحرية؟ ولماذا لا تنتعش حياتنا الفنية والإعلامية من خلال التنوع والتباين والاختلاف؟
لا بد من كسر دائرة الاحتكار؛ لأنه آفة المجتمعات المتخلفة. فلا بد من تدارك الموقف؛ وإلا سيأتي يوم يجيء فيه السياح لمصر ليتفرجوا علينا مع الآثار، على حد قول نجيب محفوظ، أديبنا الكبير.