طرحت تصريحات وزير الخارجية الروسي، سيرغي
لافروف بشأن انتهاء الحرب بين النظام السوري والمعارضة، تساؤلات بشأن مدى واقعيتها
بالنظر إلى المعطيات الجارية على الأرض، وفي ظل استمرار القصف على إدلب بشكل شبه
يومي، وبمشاركة مقاتلات روسية.
وقال لافروف إن رئيس النظام السوري بشار
الأسد "لا يعول على الحل العسكري للنزاع"، على الرغم من محاولات تقوم بها قواته بدعم روسي على مزيد من المناطق المحيطة بمحافظة إدلب شمال غربي
البلاد.
وأوضح لافروف أن سوريا
لم يبق فيها إلا نقطتان ساخنتان، هما منطقة إدلب وأراضي شرق الفرات.
وقال: "تخضع
أراضي إدلب لسيطرة تنظيم هيئة تحرير الشام، لكن هذه المنطقة يجري تضييقها. يواصل
زملاؤنا الأتراك، بناء على المذكرة الروسية التركية، محاربة الإرهابيين وفصل
المعارضة المعتدلة عنهم. ونحن نؤيدهم في هذا الشأن، ولا تجري هناك أي أعمال قتالية
بين الحكومة السورية والمعارضة".
وتابع: "النقطة
الساخنة الثانية هي منطقة الجانب الشرقي لنهر الفرات حيث توحد هناك العسكريون
الأمريكيون الناشطون في المنطقة بصور غير قانونية مع القوات الانفصالية، ويلعبون
مع الأكراد بطريقة غير مسؤولة".
من جانبه قال المرصد
السوري لحقوق الإنسان مؤخرا بأن الطيران الروسي شنّ 17 غارة، خلال ساعة واحدة، على
أماكن في أطراف بلدة معرة مصرين وقرية الشيخ بحر. وسبق ذلك غارة على بلدة بنش أدت
إلى مقتل وإصابة مدنيين.
كما تجدد قصف صاروخي
مكثف من قوات نظام بشار الأسد على ريف إدلب الجنوبي، حيث استهدف مناطق في البارة
ودير سنبل وبينين وحرشها وكنصفرة وسفوهن والفطيرة والحلوبة وفليفل، مع تحليق
طائرات استطلاع في الأجواء.
وأشارت معطيات ميدانية
في إدلب إلى أن اتفاق موسكو، المبرم بين الروس والأتراك في آذار/ مارس الماضي، ومن
قبله تفاهمات آستانة، باتت على المحك وأمام امتحان عسير، حيث لا يكاد يمر يوم من
دون خرقه من طرف قوات النظام.
الخبير العسكري العقيد أحمد الحمادي قال إن
التصريحات الروسية، على مدى السنوات الماضية، كانت "مخادعة وكاذبة وخاصة من
طرف لافروف".
وأوضح الحمادي، لـ"عربي21"، أن التصريحات غير مجدية، خاصة أنه لم يقدم دليلا على صحتها، وإذا كان الروس صادقين في
انتهاء المعركة بين النظام والمعارضة، فيجب عليهم تطبيق القرارات والاتفاقيات التي
وقعت مع المجتمع الدولي، وأهمها تشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحية.
اقرأ أيضا: الجيش الأمريكي يرسل تعزيزات إلى قواته بسوريا
وتابع: "هناك قصف مدفعي يومي على مناطق
بإدلب، ويوم أمس فقط كانت هناك 27 غارة على مواقع مدنية من قبل الطائرات
الروسية".
ولفت إلى أن الروس "حين يتحدثون عن
انتهاء المعارك فهم يقصدون أنهم أخضعوا فصائل المعارضة بشكل أكبر، وجعلوها تحت
السيطرة، بما لا يدع مجالا لمزيد من التصعيد العسكري".
ورأى الحمادي أن الحديث عن انتهاء المعارك،
يتعدى التصعيد العسكري، إلى المهجرين واللاجئين والمنازل والأراضي التي تم
الاستيلاء عليها، والحل للأزمة برمتها، والتي فرضت على الشعب السوري بفعل الروس
والنظام والمليشيات الإيرانية.
وشدد على أن حديث الروس عن انتهاء المعارك،
مكرر، وسبق أن أعلنوا عام 2015، "انتهاء الحرب على الأرض، والعودة إلى
القواعد الروسية خلال 3 أشهر، لكننا اليوم على أبواب السنة السادسة والواقع يدحض
ذلك، في ظل القصف اليومي ومزيد من شحنات السلاح التي تصل إلى سوريا، والتي لم
يقدموا فيها شحنة واحدة من البنزين أو القمح للنظام ومؤيديه".
وأشار الحمادي إلى أن حديث الروس عن دور تركي
داخل إدلب، ضد جماعات هنا وهناك، محاولة لتحميل الآخرين مسؤولية أفعالهم، فضلا عن
الاتهامات المتكررة بشأن هجمات على قاعدة حميميم، لافتا إلى أن الواقع الدولي لم
يسمح لموسكو بمزيد من الأعمال العسكرية الشاملة، في ظل أجواء الترقب كذلك لتتويج
الرئيس الأمريكي المقبل".
من جانبه رأى الكاتب والباحث السوري سعد
وفائي، أن التصريحات الروسية، ليست سوى "حرب إعلامية، دون انعكاس على الأرض،
وسبق أن أطلقت الكثير من الدول تهديدات وحديثا عن خطوط حمراء، لكنها لم تصدق".
وقال وفائي لـ"عربي21":
"الولايات المتحدة تعزز وجودها بسوريا، وقد يكون هناك تغير جديد وصراعات
جديدة، وخاصة مع روسيا ولا أعتقد، وفي ظل هذا الجو فالحديث عن انتهاء معارك أمر لا
قيمة له ويعد تصريحات فارغة".
وأشار الباحث السوري، إلى أن الروس "يستميتون،
من أجل الوصول إلى لحظة السيطرة الكاملة على طريقي أم فور وأم فايف، وهو الشريان
الهام لعدة دول، لكن الوجود التركي، وقف بوجه الكثير من محاولات تقدمهم، وباتت كلفة
العمل العسكري هناك باهظة ومعقدة".
وأضاف: "شن معركة في إدلب مكلف عسكريا
على الروس والنظام، ومعقد من ناحية الحسابات الإقليمية والدولية، ولو كانت موسكو
قادرة على إنهاء هذه المعركة فلماذا لم تفعل منذ زمن، وهناك توازن دولي كبير يصعب
على أحد الإخلال به الآن سواء الروس أو الأمريكان والأوروبيون".
واعتبر أن لافروف في تصريحاته، "همش
النظام بالكامل في الحديث عن المعركة العسكرية، لأنه غير موجود بالأساس، والملف
أكثر تعقيدا منه ومن الدول الكبرى حتى، ومع الأسف القرار الوطني السوري تقلص سواء
من جانب المعارضة أو حتى النظام، لأن الوضع بات لعبة دولية أكبر من الجميع، وهو
واقع مؤلم للسوريين بالطبع لكنها الحقيقة".
النظام السوري: أمريكا تواصل سرقة النفط عبر العراق
مجموعة كردية تتبنى استهداف نقطة مراقبة تركية بريف حلب
أمير قطر وبومبيو يناقشان التطورات الإقليمية والدولية